تعود الى الواجهة ملامح خلاف نفطي جديد بين إقليم كردستان والحكومة الإتحادية، فقد أُعلِن في بغداد ان رئيس الوزراء حيدر العبادي إلتقى الاحد بوفدٍ من إقليم كردستان برئاسة رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني، ونُقل عن مصدر حكومي القول إن العبادي أجرى مباحثات مع الوفد الكردي بحضور وزراء بخصوص النقاط الخلافية في الاتفاق النفطي المبرم بين بغداد واربيل، فيما قال نائب عن الائتلاف الكردستاني ان الاجتماع ناقش قضايا تتعلق بالاتفاقات السياسية والحرس الوطني ووجود مسلحي تنظيم "داعش" في الموصل، الى جانب الاتفاق النفطي.
وكان وفد الاقليم وصل صباح الاحد الى بغداد لبحث الاتفاق النفطي بين بغداد واربيل، كما هو معلن، وسبق ان قام وفد من لجنة النفط والطاقة في مجلس النواب بزيارة اقليم كردستان الاسبوع الماضي والتقى رئيس حكومة الاقليم الذي أكد التزام الإقليم بالاتفاق مع الحكومة الاتحادية، داعياً اللجنة إلى التعامل مع الحكومتين كطرف ثالث، ومراقبة الإتفاقية وعملية معالجة المشاكل.
وبعد يوم من زيارة الوفد قال رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني أن الحكومة العراقية لا تملك الأموال الكافية لدفع حصة الإقليم من الموازنة العراقية العامة بنسبة 17%، عازياً أسباب ذلك إلى انخفاض أسعار النفط، فيما جدد إلتزام الإقليم بالإتفاقية الموقعة بين بغداد وأربيل، مؤكداً ان زيارة الوفد الكردي الى بغداد كانت تهدف الى التوصل الى حلول لمعالجة الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وبالاخص بعد مصادقة مجلس النواب على قانون الموازنة للعام الحالي.
ولدى عودته من بغداد، قال نيجيرفان بارزاني ان الاقليم أبرم اتفاقاً مع حكومة وصفها بـ"مفلسة"، في اشارة الى حكومة العبادي، وأضاف في مؤتمر صحفي في أربيل أن وفد الإقليم ذهب إلى بغداد لأنها مفلسة ولا تملك المال ومن أجل إيجاد آلية لتنفيذ الاتفاقية المبرمة بين الجانبين، مشيراً إلى أن الاتفاقية كانت تنص على ان تقوم الحكومة المركزية بإرسال نحو تريليون ومائتي مليار دينار شهرياً مقابل تصدير 550 ألف برميل من واردات نفط كركوك والإقليم.
وتابع رئيس حكومة الإقليم ان بغداد لا تستطيع إرسال هذا المبلغ في ظل الظروف التي تمر بها، ولفت الى ان بغداد أرسلت ما يعادل 300 مليون دولار من أصل نحو مليار دولار، وقال ان الإقليم رفض المبلغ لأنه قليل مقارنة مع ما تم الاتفاق عليه، مشدداً على أنه في حال عدم التزام بغداد في إرسال المخصصات المتفق عليها فإن الإقليم بدوره لن يلتزم بإرسال الصادرات.
وأشار نيجيرفان بارزاني إلى أن بغداد تقول انها سوف ترسل حصة الإقليم بناءً على حجم صادراتها مطروحاً منها المصاريف السيادية، لافتاً الى ان ذلك يعني أن قانون الموازنة في هذه الحالة لا قيمة له. واضاف ان لدى الإقليم اتفاقاً مع الحكومة العراقية على أساس موازنة عام 2015، وزاد ان المشكلة حاليا تتمثل في ان بغداد لا توجد لديها اموال تمنحها للإقليم.
من جهة أخرى اكد مسؤول في رئاسة اقليم كردستان ان الزيارة لم تأت بنتائج تلبي الطموح. وقال كفاح محمود مستشار رئيس الاقليم ان الزيارة ولّدت إنطباعاً لدى الاقليم بان الحكومة الاتحادية غير جادة بحل الخلاف النفطي بين الطرفين، لكنه إستدرك قائلاً ان بغداد وافقت على بعض شروط الاقليم فيما يخص تصدير النفط ووعدت بارسال الاموال متى تتوفر السيولة لديها.
وفي بغداد كانت الأمور مغايرة، إذ وصف مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي زيارة وفد الاقليم بالايجابية، وقال المتحدث باسم الحكومة رافد جبّوري ان العراق يمر بمرحلة تحدٍّ اقتصادي كبير، مضيفاً القول ان العراقيين شركاء في عبور هذا التحدي.
ويشير مراقبون الى صعوبة ايجاد تهدئة مستدامة بين بغداد واربيل في ظل غياب حل دستوري، لافتين الى ان الخلافات قد تستمر في ظل التقاطعات التي تسبغ المشهد السياسي العراقي بمشاركة جميع الاطراف، ويرى المحلل الاقتصادي هلال الطعان ان غياب الاتفاق بين المركز والاقليم سيؤثر على عملية تطوير الاقتصاد العراقي، محذراً من مغبة استمرار الحال على ما هو عليه بين الطرفين.
وفي ظل هذه التطورات، تهون أطراف مشاركة في العملية السياسية من حدة هذه الخلافات النفطية بين الإقليم والمركز وإمكانية عودتها الى الواجهة مرة أخرى، بعد أن أعلن عن التوصل الى إتفاق لحلها..
واستبعد النائب عن التحالف الوطني سليم شوقي ان تنشأ ازمة سياسية جديدة بين حكومتي بغداد واربيل بعد التصريحات الاخيرة لرئيس حكومة الاقليم نيجرفان بارزاني التي هدد خلالها بوقف تصدير النفط بسبب تاخر بغداد عن دفع مستحقات اربيل من الموازنة، موضحاً ان الحكومة الاتحادية هي الاخرى لن تجازف بخلق ازمة مع اربيل ولن يصل الامر الى درجة الخلاف بين الطرفين، مؤكدا ان نقطة الخلاف تدور حول الجدل بشأن احتساب المعدل اليومي لتصدير اربيل للنفط بـ 550 الف برميل في حين اربيل تطالب بان يكون هذا الرقم محتسباً كمعدل انتاج يومي خلال عام.
وبيّن النائب عن التحالف الكردستاني كاوة محمد ان وقف تصدير النفط يمثل احد الخيارات المتاحة امام حكومة الاقليم لعدم ايفاء بغداد بالتزاماتها، مشيراً الى وجود عدة اجتماعات تعقد في حكومة وبرلمان الاقليم بالاضافة الى القوى السياسية هناك لحلحلة هذا الموضوع، مؤكداً ان حكومتي بغداد واربيل اتفقتا على قيام كردستان بتصدير 550 الف برميل حسب المعدل السنوي، نظراً لانه لا يمكن ضمان تصدير نسبة محددة من النفط لما قد يواجه عملية التصدير من مشاكل فنية وأخرى متعلقة بالظروف الجوية.
ويقول المحلل السياسي واثق الهاشمي ان الحكومة العراقية اطلعت وفد حكومة الاقليم بحقيقة الوضع المالي للعراق، وذلك عن طريق وزير المالية هوشيار زيباري، مبيناً ان العراق يعيش ازمة مالية خانقة، وان على اقليم كردستان ان يتحمل ما يتحمله الشعب العراقي كافة، نظراً لان اسباب الوضع الراهن تقع خارج ارادة الحكومة العراقية، مبينا ان العبادي وعد الاقليم بتلبية كل استحقاقات الاقليم.
في تطور أخير، قال رئيس الكتلة التركمانية في برلمان إقليم كردستان العراق آيدن معروف ان رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني سيتوجه قريباً الى تركيا لبحث ما وصفه بـ "الملفات السياسية والإقتصادية".
يشار الى ان زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان إلى تركيا تأتي عقب إجتماعات وفد حكومة الإقليم مع بغداد بشأن الإتفاق الأخير بين بغداد وأربيل.
شارك في إعداد هذا التقرير مراسلو إذاعة العراق الحر في أربيل عبدالحميد زيباري، وفي بغداد رامي أحمد ولبلى أحمد.