مثلما ورثت حكومة حيدر العبادي تحديات ومهمات ومشاريع لم تُنجز من الحكومة السابقة فان البرلمان الذي انتُخب العام الماضي ورث من سابقه مشاريع قوانين لم تُقر طيلة الدورات التشريعية السابقة.
وفي مقدمة هذه القوانين قانون النفط والغاز الذي رغم أهميته البالغة لم يُشرع منذ اعداد مسودته في اوائل عام 2007.
ويعود سبب بقاء قانون النفط والغاز مجمداً في ثلاجة البرلمان أو يعلوه الغبار في أدراج مجلس الوزراء طيلة هذه السنوات، اساساً، الى الخلاف على بنوده المقترحة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان.
ولكن مجئ حكومة العبادي تزامن مع الخطر الوجودي الذي يهدد وحدة العراق منذ سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" على مناطق واسعة من البلاد وما فرضه هذا التحدي من ضرورة تدشين صفحة جديدة في العلاقات الوطنية. ومن بين الخطوات التي اتُخذت في هذا الاتجاه الاتفاق الذي توصلت اليه وزارة النفط مع حكومة اقليم كردستان تمهيدا لتسوية القضايا الأخرى العالقة بين بغداد واربيل.
وفي هذه الأجواء تحدثت تقارير عن اعداد مشروع جديد لقانون النفط والغاز. وأشارت التقارير الى ان الذين يعدون المشروع الجديد يضعون نصب أعينهم الأسباب التي حالت دون إقرار النصوص السابقة من أجل تجاوزها في المسودة الجديدة.
واشار مراقبون الى ان مستجدات كثيرة حدثت منذ صياغة المسودات السابقة التي لم يُكتب لها النجاح. ومن هذه المستجدات الأزمة المالية العميقة التي يمر بها العراق إثر هبوط اسعار النفط وارتفاع صوت المحافظات النفطية مطالبة بأن تكون لها كلمة في كتابة قانون يتعلق باستثمار ثروة تُستخرج من اراضيها.
يضاف الى ذلك ان إعداد صيغة تنال قبول الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان سيمضى شوطا بعيدا في إرساء العلاقة بين بغداد واربيل على اساس قوي من التفاهم لتسوية القضايا العالقة الأخرى.وبخلافه ستبقى علاقة الحكومة الاتحادية بالاقليم والمحافظات النفطية علاقة مكشوفة للهزات والأزمات.
اذاعة العراق الحر التقت المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد الذي أكد ان قانون النفط الذي يجري العمل على اعداده سيكون بخطوطه العامة قانوناً يضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار مع ضمان التوزيع العادل للثروة النفطية متوقعاً ان يخضع القانون عندما يُناقش تحت قبة البرلمان للتوافقات ذاتها التي تتسم بها عملية تشريع القوانين في العراق.
وشدد جهاد على دور شركة تسويق النفط "سومو" بوصفها شركة وطنية مهمتها تصدير النفط العراقي بالاسعار العالمية وابرام التعاقدات مع الشركات العالمية فضلا عن تمثيلها العراق في منظمة البلدان المصدرة للنفط "اوبك".
واعتبر المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد ان شركة تسويق النفط "سومو" هي ايضا أداة العراق لتنفيذ التزامه بالشفافية من خلال نشرتها الشهرية التي تتضمن كل البيانات والتفاصيل المتعلقة بصادرات العراق النفطية، بما في ذلك كمياتها وأسعارها والجهات المتعاقدة عليها بما يخدم تعزيز مكانة العراق وسمعته الدولية في هذا المجال لا سيما وانه عضو في منظمة الشفافية الدولية وينفذ ما يترتب على هذه العضوية من التزامات.
عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية احمد مدلول توقع ألا يكون إعداد مسودة متفق عليها لقانون النفط مهمة سهلة نظرا لعمق الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان من جهة وبين المركز وبعض اطراف التحالف الوطني من الجهة الاخرى مشيرا في هذا الشأن الى تصريح رئيس حكومة الاقليم نيجرفان بارزاني بأن حكومة بغداد لن تدفع مستحقات الاقليم حتى إذا صدر الكمية المتفق عليها من النفط.
ولكن عضو لجنة النفط والطاقة عن التحالف الكردستاني آريز عبد الله قال ان حكومة الاقليم طلبت زيادة تصدير النفط فوق الكمية المتفق عليها ليتمكن من تسديد مستحقات الاقليم المتأخرة.
عضو لجنة النفط والطاقة احمد مدلول أيد ايضا ان يكون تصدير النفط عن طريق شركة "سومو" ليكون نفط كل العراقيين ولكي لا تجني محافظة منافع كبيرة وتُغبن محافظة اخرى مثل البصرة التي يُصدَّر منها اليوم نحو 80 في المئة من نفط العراق، بحسب مدلول.
عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية عن التحالف الكردستاني كاوا محمد لاحظ ان الكتل السياسية العراقية تقر القوانين وترسم الاستراتيجيات على قاعدة التوافقات، سواء أكانت سياسية أو مالية ، وان هذا يصح ايضا على شركة تسويق النفط "سومو" وحصة اقليم كردستان مما تصدره حسب النسبة السكانية.
واستعرض النائب الكردي الوضع في كردستان واصفا اياه بالحرِج مع وجود نحو 1.5 مليون نازح وعجز في الميزانية يبلغ زهاء 25 ترليون دينار وما يسببه ذلك من توتر في العلاقات السياسية والاقتصادية.
وحذر عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية كاوا محمد من ان الشعب العراقي بعربه وكرده ومكوناته الأخرى تعب من الانقسامات والصراعات مرجحا تأجيل القضايا المختلف عليها الى مرحلة لاحقة.
مستشار رئيس مجلس النواب لشؤون الطاقة علي الفياض اقترح ان تتفق جميع الأطراف على منفذ واحد لتصدير النفط وتشارك في مراقبته لصيانة المال العام على اساس ان النفط ملك الشعب العراقي كله.
المحلل السياسي جاسم الموسوي استعبد ان تقبل حكومة اقليم كردستان بتصدير النفط عن طريق شركة سومو أو تلتزم بالاتفاق الذي توصلت اليه مع بغداد وعزا موقف الطرف الكردي هذا الى ضعف موقف الحكومة الاتحادية.
وقال الموسوي ان لديه قناعة قوية بأن قانون النفط والغاز لن يُشرع وإذا شُرع فانه سيبقى حبرا على ورق لأن ليس من مصلحة الجانب الكردي ان يتعامل مع حكومة اتحادية ضعيفة ماليا واقتصاديا.
الخبير القانوني عادل اللامي دعا الى ابعاد مجلس النواب عن التدخل في صناعة النفط من خلال القانون المقترح قائلا ان ادارة قطاع النفط عمل تنفيذي في حين ان إحالته الى السلطة التشريعية سيعرِّضه الى تأثير مصالح فئوية على حساب المصلحة الوطنية العامة.
وعُقد بمبادرة من منظمة تموز للتنمية مؤتمر حضره جمع من المختصين والخبراء في مجال النفط والطاقة والوزراء والبرلمانيين السابقين والناشطين المدنيين لبحث قانون النفط والغاز المقترح ورفع توصيات الى مجلس النواب لعلها تكون مفيدة اثناء مناقشة مشروع القانون.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي ساهم في اعداده مراسل اذاعة العراق الحر رامي احمد.