عمان
سؤال ماذا بعد معاذ؟ هو المسيطر على الشارع الاردني بكل أطيافه، والذي يتردد في كل حين وعلى كل الأصعدة. فقد استفاق الجميع من صدمة الموت المريع للطيار الكساسبة، وبدأ البحث عن القادم من الأحداث، او بالأحرى بدأت اسئلة كبيرة تطرح اهمها: ما الذي سيحدث مستقبلا؟
يرى مراقبون ان رد فعل الاردن الانتقامي لمقتل الكساسبة تحقق بشكل او بآخر من خلال تكثيف الضربات الجوية على معاقل داعش. وهي ضربات مستمرة ينفذها سلاح الجو الاردني والاماراتي ضمن قوات التحالف الدولي وكذلك من خلال اعدام "الكربولي والريشاوي".
وقد تسربت انباء حكومية عن وجبة اعدامات جديدة ستنفذ في قادم الايام (دون معارضة تذكر لاستئناف عمليات الاعدام – كما كان الحال في السابق).
والملاحظ ان الاعلام الاردني يناقش بشكل واسع مسألة مشاركة الاردن المحتملة في الحرب البرية على داعش وهي مشاركة تنوه لها الولايات المتحدة قائدة التحالف الدولي ويتحدث عنها مسؤولون حكوميون وعسكريون اردنيون.
ومؤخرا تحدث رئيس هيئة الاركان المشتركة الاردني الفريق اول الركن مشعل الزبن في بغداد، في لقاء مع وزير الدفاع العراقي الدكتور خالد العبيدي خلال في زيارة اجراها الى بغداد استغرقت ساعات، تحدث عن "وقوف الاردن مع العراق في محاربة عصابات داعش الارهابية وقال "إن الجيش العربي يضع جميع امكاناته لمساعدة العراق في مجالات التدريب والتسليح، وان الاستعدادات متواصلة منذ أشهر. وعندما تستكمل مستلزمات المعركة سنبدأ بعمليات تحرير الموصل".
خبير عسكري: الحرب فوق طاقة الاردن
توجهت اذاعة العراق الحر الى الخبير العسكري الطيار المتقاعد مأمون ابو نوار الذي قال: "إن الحرب البرية فوق طاقة الاردن ثم استبعد ان تشن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عملية حرب مسح كامل ضد التنظيم".
"هناك خلايا نائمة، وبالتالي لا يوجد أمن مطلق في العالم"... خبير عسكري
الخبير أضاف: "ان الاردن اصبح بعد اعدام الطيار الكساسبة نقطة جذب لقوى التحالف وأحد أعمدته الرئيسية وقد ساهم في تماسك التحالف، حسب قوله ثم رأى ان الاردن ربما يشارك بقوات كوماندوز لكونه يمتلك قدرات استخباراتية متقدمة تمكنه من لعب دور استخباراتي واستشاري في الحرب البرية التي ستتم في نهاية آذار (وفق التقديرات)، وأن من الممكن الدخول عبر الاراضي العراقية لكنه غير ممكن من الاراضي السورية".
وطالب الخبير ابو نوار بأن يفرض الاردن شروطه مقابل انخراطه في الحرب البرية، من بينها فرض شروط على العراقيين لتحقيق مصالحة داخلية تنهي مشاكله، حسب قوله.
نحن مقبلون على شئ ما وايران تقطف الثمار
وقال ابو نوار ان التحالف الدولي أفاد ايران في المنطقة بطريقة غير مباشرة، فالولايات المتحدة الاميركية قايضت ايران نفوذها في المنطقة مقابل النووي الايراني ورأى ان التوسع الايراني تم بالتنسيق مع واشنطن.
وفيما يخص الجبهة الداخلية الاردنية قال ابو نوار: "انها متماسكة وقادرة على مواجهة الصعاب لكن هناك خلايا نائمة موجودة وبالمقابل لا يوجد أمن مطلق في العالم".
وكانت النائبة هند الفايز قد تحدثت لوسائل الاعلام عن رفض دخول الاردن في حرب برية لمخاطرها وتبعاتها على الوضع الاردني سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودعت الاردن الى التنسيق مع النظام السوري لخلق مناخات سلمية للازمة السورية.
والفايز ليست الوحيدة التي تعبر عن مثل هذا الرأي في مجلس النواب الاردني فمثلها قال رئيس مجلس الاعيان عبد الرؤوف الروابدة لدى لقائه الرئيس التشيكي الذي زار عمان مؤخرا عندما اكد "ليست هناك حرب برية" ثم لفت الى أن الاردن مستمر في التصدي للارهاب.
وكانت احزاب قومية ويسارية اردنية قد تداعت الى التفكر والتدبر وإعمال الحكمة في مسألة المشاركة بحرب برية يتحدث عنها الاعلام الدولي والعربي والمحلي لكونها مجازفة وتكمن فيها مخاطر عديدة. ما يجعل الامر لا يقتصر فقط على الاحزاب الاسلامية التي سبقت الجميع في معارضة مشاركة الاردن أساسا في التحالف الدولي وهي اليوم ترفع الصوت عاليا ضد الحرب البرية.
وقد عبر المسؤول الاعلامي لجبهة العمل الاسلامي مراد العضايلة أكثر من مرة عن رفض الاسلاميين مشاركة الاردن في حرب برية معتبرا انها تهدف الى توريط الاردن ودعا الى عدم التهليل لهذا المشروع.
"الجيش الاردني هو الوحيد في المنطقة الذي لم يتحطم" ... خبراء
ويتبنى العديد من المتقاعدين العسكريين الرأي نفسه لكن من زاوية "ان الجيش الاردني هو الوحيد في المنطقة الذي لم يتحطم، كما حدث مع الجيش العراقي والمصري والليبي وبالتالي فان مثل هذه الحرب تهدف الى تحطيمه منبهين الى أن الاردن خرج من ويلات المنطقة ونكباتها بأقل الخسائر فهل يجري استهدافه الآن؟".
ويتداول محللون استراتيجيون مقولة ان "الاردن يكثف مشاوراته مع حلفائه ويدرس كل الخيارات لاتخاذ الخطوة التالية" ويرى البعض ان الحرب "مؤامرة امريكية لتوريط الاردن".
على اية حال، النقاشات تدور وتتفاعل وكلها تمثل انتقالة من حالة الصدمة والتعاطف ووحدة الصف التي شهدها المجتمع الاردني في اعقاب حادثة اعدام الطيار الكساسبة، الى حالة التفكر والتمعن في الاحداث التي ستقبل عليها المنطقة مع ضجيج قرع طبول الحرب. واميركا هي التي تقرع الطبول ومنها على سبيل المثال لا الحصر شهادة النائب الاميركي بيتر كنغ التي قال فيها "ان عدد المنضمين الى تنظيم داعش ارتفع من 16 الفا العام الماضي الى 20 الفا في هذا العام، وان منهم اكثر من 80 الف عراقي وسوري".
اما الشارع الاردني فيقول "هم يصنعون الحرب ووقودها الناس والحجارة، نحن الوقود".