سادت الشارع الأردني حالة من الغضب والحزن الشديد بعد إنتشار خبر إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً بيد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في وقت توعدت الأردن بأن ردها سيكون مزلزلاً وقوياً.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله وصف مقتل الطيار الكساسبة، بـانه "عمل إرهابي جبان لجماعة لا علاقة لها بالإسلام"، وقطع زيارته إلى الولايات المتحدة بعد سماعه الخبر، وقال في كلمة بثها التلفزيون الأردني الثلاثاء:"تلقينا بكل الحزن والأسى والغضب نبأ استشهاد الطيار الشهيد معاذ الكساسبة على يد تنظيم داعش الإرهابي الجبان، تلك الزمرة المجرمة الضالة التي لا تمت لديننا الحنيف بأي صلة. ان من واجب جميع أبناء وبنات الوطن الوقوف صفاً واحداً واظهار معدن الشعب الأردني الأصيل في مواجهة الشدائد والمحن."
أطلب من الحكومة الأردنية أن تثأر لدم معاذ ... والد الطيار
وطالب صافي الكساسبة، والد الطيار، الحكومة الأردنية بالثأر لدم ولده معاذ، مؤكداً أن أبنه شهيد ومخلد في الجنة مع الانبياء.
وكان تنظيم "داعش" أعلن يوم 24 كانون الأول 2014 إسقاط طائرة حربية تابعة للتحالف الدولي وأسر طيارها بالقرب من مدينة الرقة شمال سوريا. وفشلت المفاوضات التي أجرتها عمان خلال الفترة الماضية لضمان الإفراج عن الكساسبة، والرهينة الياباني كينجي غوتو مقابل إطلاق سراح معتقلين طالب بهم التنظيم.
الكساسبة قُتل في 3 كانون الثاني ... القوات المسلحة الأردنية
من جهتها أعلنت القوات المسلحة الأردنية في بيان تلاه المتحدث بإسمها العقيد ممدوح العامري، أن "داعش" قتل الطيار الأردني يوم 3/1/2015، وتوعدت بالإنتقام لمقتله، مؤكدة أن دمه لن يذهب هدراً.
رد الأردن سيكون مزلزلاً ... الحكومة الأردنية
وأكد وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، أن رد الأردن سيكون "حازمًا ومزلزلًا وقويًا، وغضب الأردنيين سيزلزل صفوف تنظيم داعش الارهابي"، على حد تعبيره. وأضاف "إن من كان يشكك بأن رد الأردن سيكون حازما ومزلزلا وقويا، فلسوف يأتيهم البرهان وسيعلمون أن غضب الأردنيين سيزلزل صفوفهم".
غضب ودعوات للثأر
ووسط إدانات عربية ودولية، سادت أجواء الحزن في الشارع الأردني وعلى مختلف المستويات الرسمية والشعبية، بعد إنتشار خبر قيام مسلحي "داعش" بحرق الطيار الكساسبة حيًا حتى الموت، واثارت الصور وشريط الفيديو الذي بثه التنظيم مساء الثلاثاء صدمة لدى الإردنيين الذين إستنكروا ما قام به "داعش" ووصفوه بالإرهابي، وطالب البعض منهم الحكومة الأردنية بالإنتقام للطيار الكساسبة، بحسب مواطنين أردنيين تحدثوا لإذاعة العراق الحر.
"داعش" جماعة مارقة والحرق مخالف للشريعة ... الشيخ حسن الدغيم
وكان تنظيم "داعش" الذي يسيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا، أعلن أنه أحرق الكساسبة حيًا بالإستناد إلى أحكام شرعية في الدين الإسلامي وتحديداً فتوى لابن تيمية. إلا أن الداعية الإسلامي ومؤسس "هيئة دعاة الثورة في شمال سوريا"، الشيخ حسن الدغيم أكد أن "داعش" جماعة مارقة وتنظيم لا يمثل الشريعة الإسلامية، وان إعدام إنسان حرقاً مخالف لأحكامها.
وأشار الدغيم في حديث لإذاعة العراق الحر الى أن تنظيم "داعش" الذي كفر كل الأحزاب والفصائل السورية، قام بإعدام الطيار الأردني حرقاً وبطريقة وحشية بهدف إستقطاب المزيد من المجاهدين المهاجرين وليثبت أنه قوي وقادر أن يأخذ قرارات ويتحدى دول.
إعدام الريشاوي والكربولي
وطلب تنظيم "داعش" استبدال الطيار الكساسبة بالإنتحارية العراقية ساجدة الريشاوي التي أرسلها أبو مصعب الزرقاوي لتنفيذ مهمة في الأردن، حيث شاركت في تفجيرات فنادق عمان 2005، والسجين زياد الكربولي، وهو أحد أفراد تنظيم القاعدة ووجهت اليه اتهامات بالتخطيط لشن هجمات في الاردن.
وأعدم الأردن شنقاً فجر الأربعاء الريشاوي والكربولي بعد ساعات من نشر التنظيم فيديو يظهر حرق الطيار الأردني في قفص حديدي. ويُتوقع أن تكون الإجراءات السياسية والأمنية التي ستتخذها الأردن غير مسبوقة في حربها ضد "داعش".
أتوقع تصعيداً أمنياً ضد "داعش" داخل الأردن وخارجه ... مروان شحادة
ويرى الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية المتشددة مروان شحاده، أن ردة الفعل الرسمية بدأت عنيفة بإعدام الريشاوي والكربولي، متوقعاً أن يصعد الأردن إجراءته الأمنية ضد تنظيم "داعش" داخل الأردن وخارجه، وتتمثل الإجراءات في مطاردة وملاحقة عناصر هذا التيار، ورفع سقف الاحكام القضائية، وملاحقة عناصر وقيادات هذا التنظيم داخل الأراضي السورية والعراقية في عمليات نوعية للقوات الخاصة، كما توقع أن يشارك الأردن في عمليات برية وتقديم المزيد من الدعم للتحالف الدولي للقضاء على "داعش".
وربما ترتفع الأصوات المعارضة لافكار "داعش" وسياساته في المنطقة العربية، لكن الباحث الأردني مروان شحادة يرى أن المزيد من الأصوات سترتفع أيضاً لتطالب الحكومة الأردنية بالانسحاب من التحالف الدولي ضد "داعش"، خاصة وأن هناك من يُحمّل القيادة السياسية مسؤولية ما حدث للكساسبة لأن الأردن شارك في في ذلك التحالف. ويقول شحادة عن مشهد حرق الطيار معاذ الكساسبة بيد مسلحي "داعش"، ان المشهد صادم ولا يعبر عن روح الإسلام السمح.
يُذكر أن مشاركة الأردن في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، لاقت إنتقاد ورفض الجماعات الإسلامية المتشددة في الأردن، لكن مراقبين يرون أن قيام "داعش" بحرق الطيار الأردني سيُضعف التأييد الذي كان يلقاه في أوساط السلفيين.
وفيما كشفت صحيفة "وورلد تربيون" الاميركية الاربعاء عن ان الأردن علقت العمليات الجوية ضد تنظيم "داعش" في العراق وسوريا ضمن التحالف الدولي، بعد أيام من اعتقال الطيار الأردني معاذ الكساسبة، أكد مسؤولون أميركيون أن مقتل الكساسبة بيد داعش من المرجح ان يقوي موقف الاردن في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وقال المسؤولون الذين فضلوا عدم نشر أسمائهم، إن الأردن لم ينسحب من الحملة الجوية على تنظيم الدولة الإسلامية منذ أن احتجز التنظيم الطيار معاذ الكساسبة بعد تحطم طائرته في شمال شرق سوريا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
من جهته يرى الخبير الأمني اللواء المتقاعد عبد الكريم خلف أن تنظيم "داعش" أخطأ كثيراً لأنه بإرتكابه جريمة حرق الطيار الأردني الذي هو من عشيرة الكساسبة السُنية وذبح اكثر من 700 شخص من قبيلة البونمر السُنية في الأنبار سيفقد التأييد وحواضن سُنية له في العراق والأردن، وسيضعف كثيراً في المرحلة المقبلة مع إستمرار الضربات الجوية للتحالف الدولي لمواقعه.
ساهمت في إعداد البرنامج مراسلة إذاعة العراق الحر في الأردن فائقة رسول سرحان.