طلبت إدارة الرئيس باراك أوباما من الكونغرس الأميركي تخصيص نحو تسعة مليارات دولار من موازنة العام 2016 لتمويل جهود الولايات المتحدة في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية وتعزيز الجيش العراقي وتقوية المعارضة المعتدلة في سوريا.
القيمة الإجمالية لمشروع الموازنة الأميركية الذي أعلنه أوباما الاثنين تبلغ أربعة تريليونات دولار. وتقترح موازنة السنة المالية المقبلة التي تبدأ في الأول من تشرين الأول 2015 رفع النفقات العسكرية إلى 585 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 38 مليار دولار مقارنةً بمخصصات العام السابق.
وقال البيت الأبيض إن الموازنة المقترحة تتضمن على صعيد السياسة الخارجية "تمويل الجهود الرامية لهزيمة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية ودعم حلف شمال الأطلسي والحلفاء الأوروبيين ضد روسيا".
ومن إجمالي مبلغ ثمانية مليارات وثمانمائة مليون دولار لتمويل جهود محاربة داعش وتعزيز القدرات العسكرية العراقية ودعم المعارضة السورية المعتدلة، كشفت وثائق مشروع الموازنة التي نُشرت في واشنطن الاثنين (2 شباط) أن إدارة أوباما خصصت نحو 5.3 مليار دولار لوزارة الدفاع بما في ذلك الأموال الخاصة بتمويل الضربات الجوية و3.5 مليار دولار لوزارة الخارجية. وهذه الأموال جزء من طلب الإدارة 58 مليار دولار لتمويل العمليات الطارئة في الخارج.
جاء الإعلان عن هذه الأرقام فيما يواصل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة شنّ ضربات جوية منتَظمة ضد مواقع داعش في كلٍ من العراق وسوريا. وصرّح وزير الدفاع الأميركي المنصرف تشاك هيغل في مقابلة تلفزيونية بُثّت الجمعة (30 كانون الثاني) بأن الولايات المتحدة قد تحتاج في نهاية الأمر إلى إرسال قوات برية "غير مقاتلة" إلى العراق للمساعدة في صدّ قوات تنظيم الدولة الإسلامية.
هيغل قال في المقابلة التي أجرتها معه شبكة (سي.إن.إن.) إنه يجب دراسة كل الخيارات في العراق بما في ذلك إرسال قوات للقيام بمهام غير قتالية مثل جمع معلومات المخابرات وتحديد أهداف تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي إعادة نشر مقتطفات من المقابلة، ذكرت رويترز أن تصريحات هيغل كررت شهادة أدلى بها الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة أمام الكونغرس الخريف الماضي عندما قال إن القوات الأميركية قد تضطر للقيام بدور أكبر على الأرض في العراق.
من جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الاطلسي (ناتو) ينس شتولتنبرغ يوم الجمعة أيضاً (30 كانون الثاني) إن الضربات الجوية وحدها لن تكون كافية لهزيمة مسلّحي داعش وإن مساعدة غربية أكبر في بناء قوات الأمن العراقية قد تلعب أيضاً دوراً.
الأطلسي لا يشارك كمنظمة في التحالف الدولي الذي يواصل منذ آب الماضي شنّ ضربات جوية على داعش ولكن دولاً أعضاء في (ناتو) هي من ضمن المشاركين في تنفيذ هذه الغارات. وطلبت بغداد الشهر الماضي من حلف الاطلسي المساعدة في تدريب قواتها الأمنية، وقال شتولتنبرغ "نحن ندرس كيف يمكننا أن نفعل ذلك بطريقة تكون مفيدة لهم ونحن في حوار الآن مع حكومة العراق."
وكان شتولتنبرغ صرح لرويترز في مقابلة أجرتها معه في 23 كانون الثاني الماضي، قائلاً:
"ندرس الآن طلباً من الحكومة العراقية لمساعدتها على تعزيز القدرة الدفاعية وقدرتها على مكافحة الإرهاب وداعش في بلادهم. وفي غضون أيام، سنجتمع مع وفد من الحكومة العراقية في مقر حلف شمال الأطلسي للبحث معاً في سُبل العمل المشترك ومناقشة وتقييم طلبهم للمساعدة من حلف شمال الأطلسي في تعزيز قدرتهم الدفاعية"، بحسب تعبيره.
وفي بغداد، بحث وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي الاثنين (2 شباط) مع السفير الأميركي ستيوارت جونز سبل تعزيز التعاون بين القوات العراقية وقوات التحالف "ومستوى الأداء الحالي والمطلوب".
وفي نهاية اللقاء، صرح السفير جونز خلال مؤتمر صحفي بأن التعاون المشترك مستمر "حتى يتم القضاء على كل الإرهابيين في العراق"، بحسب تعبيره. وأضاف أن "التدريب والدعم اللوجستي وكذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية مستمر على أعلى المستويات"، بحسب ما نقل عنه الموقع الرسمي لوزارة الدفاع العراقية.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع الباحث في الشؤون الإستراتيجية الدكتور أمير جبار الساعدي الذي علّق لإذاعة العراق الحر أولاً على المخصصات التي طلبتها أدارة أوباما بقيمة نحو تسعة مليارات دولار من الموازنة الأميركية لعام 2016 لتمويل جهود الولايات المتحدة في محاربة داعش وتعزيز القدرات العسكرية العراقية وتقوية المعارضة السورية المعتدلة بالقول "فيما يبدو أن هذه الموازنة وُضعت ليس لمحاربة داعش في العراق وحسب ولدعم الجيش العراقي وحسب بل حتى لدعم الكثير من فصائل المعارضة المسلحة التي تتواجه مع النظام السياسي في سوريا...ولهذا نرى أن حجمها الكبير يدلل على الفترة الزمنية الطويلة التي تتوقع الولايات المتحدة أن تستغرقها جهود محاربة الإرهاب ليس ميدانياً في العراق وسوريا فحسب بل حتى من أجل متابعة تلك الجهود ما يستلزم رصد تخصيصات مالية أكبر".
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، علّق الساعدي أيضاً على تصريحات وزير الدفاع الأميركي المنصرف هيغل في شأن احتمال إرسال قوات برية غير مقاتلة إلى العراق لإسناد الضربات الجوية المتحالفة وأجاب عن سؤال آخر حول كيفية استفادة الجانب العراقي من المخصصات الجديدة التي طلبتها إدارة أوباما من الكونغرس الأميركي.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقاطع صوتية من تصريحات السفير الأميركي في العراق ستيوارت جونز والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس شتولتنبرغ، إضافةً إلى مقابلة مع الباحث العراقي في الشؤون الإستراتيجية د. أمير جبار الساعدي.