تسارعت خلال الأيام الأخيرة خطى التشاور بين صناع القرار في المشهد السياسي العراقي، في محاولة لإستكمال تنفيذ بنود ما سميت بوثيقة الإصلاح السياسي، التي أقرتها الكتل السياسية، والتي أفضت الى تشكيل الحكومة الحالية.
وأكدت الرئاسات الثلاث في إجتماعها الأحد(1شباط) ضرورة تعاون جميع الكتل البرلمانية من اجل المساعدة في سرعة إنضاج مشاريع القوانين، واشارت الى أهمية استثمار التوافق السياسي لصالح تعجيل الإجراءات التنفيذية والتشريعية، ومقترحات القوانين التي تساعد في تهيئة ظروف المصالحة الوطنية، وبما يعزز وحدة الشعب في مواجهته مع الإرهاب وفي بناء الدولة، بحسب ما ذكره بيان صادر عن مكتب رئيس الجمهورية فؤاد معصوم.
وتختلف مطالب الكتل السياسية التي تضمنتها تلك الوثيقة، إذ يصر إتحاد القوى العراقية على طيف من المطالب يرتكز على تنفيذ المصالحة الوطنية، وتكوين قوات الحرس الوطني، وإجراء عملية توازن في المناصب القيادية داخل الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى.
وتقول النائبة عن تحالف القوى العراقية نورا البجاري، ان هناك نقصاً في التوازن على صعيد تعيين وكلاء الوزارات، ورؤساء الهيئات المستقلة، مشيرة الى ان هذه المناصب تسيطر عليها كتلة سياسية واحدة.
أما النائب عن التحالف الوطني فادي الشمري فيوكد ضرورة إحداث التوازن عن طريق ضخ دماء جديدة في مؤسسات الدولة، وفق الإستحقاق الإنتخابي لكل كتلة داخل مجلس النواب.
لا ضرورة للدخول في معمعة التوازن في توزيع المناصب في هذه الظروف التي تعصف بالبلاد
بينما يشير النائب الآخر عن التحالف الوطني حبيب الطرفي الى وجود لجنة شكلها مجلس النواب، يشارك هو في عضويتها، لمراقبة تنفيذ الإتفاق بين الكتل السياسية، التي شاركت في تشكيل الحكومة، لافتاً الى انه لا يرى أي ضرورة للدخول في معمعة التوازن في توزيع المناصب، في ظل هذه الظروف التي تعصف بالبلاد.
الى ذلك يقول الكاتب والمحلل السياسي جاسم الموسوي ان هناك ملاحظات تولدت لديه حول طبيعة التوازن الحكومي أثناء مشاركته في مناقشة مفردات البرنامج الحكومي، إبان تشكيل الحكومة العراقية ، متسائلاً إن كان المقصود بذلك التوازن بين الكتل الشيعية والسنية والكردية؟
لكن رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي، يرى ان مطالبة الكتل السياسية بتطبيق مبدأ المحاصصة في توزيع المناصب في المؤسسات، من شأنه أن يعيق مهمة بناء الدولة، فضلاً عن انه سيخط سُنّة تسير على هديها الأحزاب والتكتلات السياسية، التي قال انها ثبّتت أقدامها على طريق التحاصص الفئوي، لكي تتمكن مستقبلاً من ترسيخ مواقعها في المشهد السياسي.
ووجد الخبير القانوني طارق حرب من جهته، ان التوازن مقبول سياسياً وواقعياً بحكم ما يفرضه الواقع العراقي من حقائق، لكنه لفت الى عدم وجود ما يشير الى مثل هذا التوازن في نصوص الدستور العراقي، سوى في مادة واحدة تخص بناء القوات المسلحة.
وقال حرب ان الظروف والتهديدات، التي تمر بها البلاد، تفرض إيجاد توازن مكوناتي من هذا النوع، مشيراً الى ان هذا الأمر قد يستمر لدورات إنتخابية لاحقة.
في هذه الاثناء تتوالى الإجتماعات بين الرؤساء الثلاث الجمهورية والنواب والوزراء ونوابهم، سواء على مستوى ثنائي أو ثلاثي، فضلاً عن لقاءات يجرونها مع وزراء، كان آخرها تأكيد رئاسة الجمهورية أهمية أن تتسامى وزارة الدفاع فوق ما وصفته بكل التأثيرات الحزبية، او الطائفية، من خلال اختيار الضباط الكفئين لإدارة وقيادة تشكيلات الوزارة، في وقت أكدت رئاسة أركان الجيش العراقي ضرورة أن يبقى الجيش بعيدا عن "المهاترات السياسية".