وسط الترحيب بقرار وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة إقليم كردستان العراق، ومنع خمسة رجال دين من إلقاء خطب الجمعة بسبب تهجمهم على طوائف وأقليات، حذر ناشطون من تأثير خطب الجمعة على التعايش السلمي في العراق، ودعوا الى مراقبة خطب الجمعة.
وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة الاقليم، قررت اواسط كانون الثاني الجاري، إيقاف عمل خمسة خطباء، ومنعهم من إلقاء خطب الجمعة في الجوامع نظرالتهجمهم على اتباع مذاهب إسلامية وأقليات.
وشكا مواطنون في مدينة أربيل من تهجم خطباء بعض الجوامع كل يوم جمعة على اتباع مذاهب معينة، وأقليات لاسيما الشيعة والايزديين والمسيحيين.
مريوان نقشبندي: إقليم كردستان عاقب خطباء جوامع لتهجمهم على طوائف وأقليات
مدير الإعلام في وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في حكومة الاقليم مريوان نقشبندي، (الصورة) قال في مقابلة خاصة أجرتها معه إذاعة العراق الحر عبر الهاتف:
: إن القرار جاء بعد مراقبة خطب الجمعة في جوامع مدينة أربيل، وتبين أن هؤلاء الخطباء هاجموا في خطبهم المسيحيين والايزديين وحرضوا على العنف، مشيراً الى أن القرار لقي ترحيب شخصيات دينية وسياسية، وتمنوا أن تكون مثل هذه القرارات سائدة في كل انحاء العراق.
ويوجد في إقليم كردستان أكثر من 5200 مسجد، يتم إلقاء خطبة الجمعة في 2800 منها، ومن مجموع 2800 خطيب لم يلتزم خمسة خطباء بتعليمات وزارة الأوقاف، لذا لا يحق لهم بعد الآن القاء الخطب في ايام الجمعة بحسب نقشبندي.
خطيب جامع: لخطباء الجوامع في كردستان حرية إختيار مواضيع خطبة الجمعة
دلشاد محمود كلاله يي إمام وخطيب جامع عمر بن الخطاب في مدينة أربيل، أكد لإذاعة العراق الحر أن كل خطيب وإمام في إقليم كردستان له الحرية في إختيار موضوع خطبة الجمعة، على أن لا يكون فيها تشهير أو تهجم على اتباع امذاهب وديانات أخرى بحسب تعليمات وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وإتحاد علماء الدين الإسلامي في إلاقليم.
واشار الشيخ كلا له يي الى أن الخطاب الديني المتشدد تصاعد لدى بعض خطباء وأئمة الجوامع في الإقليم، مع إنتشار الإسلام السياسي وخاصة بعد ظهور (داعش).
الشيخ عبد الله ملا سعيد: يجب أن يركز الخطاب الديني على التعايش السلمي
وكانت وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في الاقليم، أعلنت ان 500 مواطن من الإقليم التحقوا بتنظيم (داعش)، وان 100 منهم قتلوا في المعارك في سوريا والعراق.
ووجهت أطراف دينية وسياسية أصابع الإتهام الى بعض أئمة الجوامع بتشجيع وحث الشباب على الإلتحاق بصفوف (داعش).
وأفادت تقارير صحفية أن إمام مسجد ومدرسة دينية في أربيل، التحق اواخر العام الماضي 2014، بتنظيم (داعش) مع عائلته وعدد من تلاميذه الأكراد، ما دفع اتحاد علماء الدين الإسلامي في كردستان الى إصدار بيان إدانة ودعوة الشباب الى عدم الإنضمام الى هذه الجماعات وبالأخص تنظيم (داعش) المتطرف بحسب تعبير البيان.
الشيخ عبد الله ملا سعيد رئيس إتحاد علماء الدين الإسلامي في إقليم كردستان أكد حرص الإتحاد الشديد على أن يركز الخطاب الديني للأئمة في خطب الجمعة والمناسبات الدينية، على التعايش السلمي بين اتباع الأديان والمذاهب والأقليات واحترام خصوصية اتباع الأديان الأخرى، لأن كردستان كانت ومنذ القدم تتسم بالتعددية الدينية والفكرية وقبول الآخر.
وأضاف الشيخ عبد الله متحدثاً لمراسل إذاعة العراق الحر في أربيل، أن لدى علماء الدين الإسلامي علاقات جيدة مع رجال الدين المسيحيين والايزديين، مشيراً الى أن الإتحاد أدان ممارسات ما يعرف بالدولة الإسلامية (داعش) والإنتهاكات التي قام بها بحق المسيحيين والايزديين.
خضر دوملي:لرجال الدين دور في بناء السلام ونشر ثقافة التسامح
وتسعى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة إلاقليم، الى تدريس منهج (التعايش الديني) في الدراسات الإسلامية، كما وضعت خططا لتثقيف رجال الدين لكي يلعبوا دوراً إيجابياً في نشر التسامح والتعايش السلمي بين مختلف المكونات العرقية والدينية والمذهبية.
وفي هذا السياق أطلقت منظمة التنمية والإغاثة الدولية مشروع (التماسك الإجتماعي) لتدريب رجال الدين الاسلامي،
وليشمل هذا المشروع الذي سيستمر حتى نهاية 2015، رجال دين من ديانات المختلفة، وذلك بحسب خضر دوملي المشرف التدريبي للمشروع، الذي تحدث عن تفاصيل هذا المشروع وأهميته في المرحلة الراهنة.
وأوضح خضر دوملي الناشط، الباحث في حل النزاعات وبناء السلام وشؤون الاقليات، أن المشروع يُطلع رجال الدين على آليات توظيف الدين في تخفيف النزاعات، وبناء السلام، ونشر ثقافة التسامح، وخاصة بين مجتمعات النازحين والمهجرين والمجتمعات التي تستضيفهم.
كاظم حبيب: العراق بحاجة الى عملية تنوير ديني
ومن وجهة نظر الكاتب، الباحث الأكاديمي العراقي كاظم حبيب، ان العراق يحتاج اليوم الى عملية تنوير ديني، لأن الدين الإسلامي مشوه في العراق ومزيف، ويستخدم لنشر الحقد والكراهية بين العراقيين، ويُذبح بإسمه الأبرياء، رغم أن الدستور العراقي يضمن الحريات الدينية ويمنع التهجم على أتباع الديانات الأخرى.
وحذر الباحث كاظم حبيب من خطورة الخطاب الديني في نشر العنف، والأحقاد، بين مكونات المجتمع العراقي، محملاً الحكومة العراقية، التي بحسب رأيه تتبنى المحاصصة الطائفية، مسؤولية إنتشار هذا الخطاب، وتمادي رجال الدين المتشددين في التشهير والتهجم على أتباع الديانات الأخرى، والتحريض على العنف والترويج لتنظيم (داعش).
وفي حديثه لإذاعة العراق من العاصمة الألمانية برلين، رحب الكاتب كاظم حبيب بقرار وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة اقليم كردستان منع خمسة خطباء من إلقاء خطبة الجمعة، بينهم خطيب احد الجوامع الواقعة في مدينة أربيل، الذي كان يهاجم الشيعة والشيوعيين في كل يوم جمعة، ما دفع الكاتب العراقي الى كتابة مقال عن هذا الموضوع.
ودعا الكاتب الحكومة العراقية إلى مراقبة خطب الجمعة، ومحاسبة من يستخدم منابر الجوامع للتحريض على القتل والحقد والطائفية.
ويرى حبيب أن السكوت عن التحريض في الجوامع ليس فقط في إقليم كردستان، بل في عموم العراق، خطر يهدد الجميع، لأن الخطاب الديني المتشدد في الجوامع والحسينيات كان سبباً رئيسياً لاستهداف التنظيمات الإرهابية ومنها القاعدة وداعش، المسيحيين والإيزديين والصابئة.
بمشاركة مراسل إذاعة العراق الحر في أربيل عبد الحميد زيباري