تعاني الموازنة العراقية لعام 2015 عجزاً مالياً مُتصاعداً يتزامن مع استمرار انخفاض أسعار النفط في الاسواق العالمية، بسبب ريعية الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بمجمله على واردات النفط، ما يعوق إقرار قانون الموازنة في مجلس النواب بالرغم من التخفيضات التي أجريت على بنودها.
ويقول نواب وخبراء إقتصاديون ان عجز الموازنة الذي وصلت نسبته الى اكثر من 60% من حجمها الإجمالي الأولي وضع الحكومة والبرلمان في وضع يدفعهما نحو تطبيق سياسة تقشفية صارمة بتقليص نفقات مالية، وفرض ضرائب، وإجراء مناقلات في أبواب الصرف، والتفكير بالإقتراض من مؤسسات مالية داخل العراق وخارجه، فضلاً عن إلغاء مشاريع مقررة وارجاء تنفيذ اخرى الى سنوات مقبلة.
وكان مجلس الوزراء صادق على موازنة عام 2015 بمبلغ يتجاوز 124 مليار دولار وبعجز مالي يقدر باكثر من 24 مليار دولار، بعد إحتساب حجمها الإجمالي إعتماداً على ان برميل النفط سيباع بسعر 60 دولاراً، وياتي هذا في وقت تراجعت اسعار النفط العالمية الى مستويات غير مسبوقة وغير متوقعة، إذ انخفض سعر البرميل الواحد من النفط الى دون 40 دولاراً بعد أن كان 110 دولاراً.
ويشير عضو في اللجنة المالية بمجلس النواب الى ان اللجنة ارتأت تخفيض تخصيصات مالية لبعض الوزارات وتحويل الفائض منها الى مشاريع وصفها بالضرورية للبلاد، واكد ان هناك مشاريع استثمارية وتنموية كان يعول عليها في عام 2015 الا ان انخفاض اسعار النفط ادى الى تأجيل تنفيذها الى السنوات المقبلة.
ويرجع خبير اقتصادي اسباب الأزمة المالية التي يمر بها العراق في الوقت الراهن الى تراجع الايرادات التي بقيت تعتمد على الاحادية النفطية طيلة السنوات السابقة وجعلت الاقتصاد العراقي ريعياً وضعيفاً يتأثر بالتاثيرات الخارجية، لافتاً الى انه كان من الاولى وضع استراتيجيات لتنويع ايرادات الدولة المالية بالاضافة الى الايرادات النفطية، من اجل بناء اقتصاد عراقي قوي أسوة باقتصاديات الدول الأخرى.
ويشير محلل إقتصادي الى ان الازمة المالية الحالية وزيادة العجز المالي سترهق كاهل الدولة بثقل اضافي تظهر تأثيراته في السنوات المقبلة، إذا ما إستعان العراق بقروضٍ مالية، خارجية او داخلية، الأمر الذي سيجعل الدولة ضعيفة، داعياً الحكومة الحالية الى التفكير في كيفية تعظيم موارد الدولة عن طريق اعتماد خطط اقتصادية استراتيجية لتفعيل القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية، فضلاً عن إنعاش القطاع الخاص وفسح المجال أمامه.
في هذه الأثناء أعلن أعضاء في اللجنة المالية بمجلس النواب الإنتهاء من إعداد الصيغة القانونية لقانون الموازنة لعام 2015، وأكدوا ان اللجنة بصدد وضع اللمسات الاخيرة للمقترحات المقدمة من الكتل النيابية. واشار أحد أعضاء اللجنة إلى ان المبالغ التي تم تخفيضها في قانون الموازنة تبلغ نحو ثمانية مليارات دولار، مؤكداً ان البرلمان سيقوم بمناقلة جزء من هذه الاموال من المؤسسات الامنية، ومؤسسات اخرى مهمة في ادارة الدولة، فضلاً عن تخصيص جزء من هذه المبالغ لدعم النازحين الذين يمرون بظروف قاسية وصعبة.
من جهة أخرى، نُقِل عن مقرر اللجنة المالية النائب عن التحالف الكردستاني احمد حاجي رشيد قوله ان اللجنة ستقدم مشروع قانون الموازنة وتقريرها المالي الى رئاسة مجلس النواب، مبيناً أن الموازنة ستتضمن آراءَ ومقترحات النواب والكتل النيابية والمناقلات التي اجريت على مشروع قانونها، واضاف أن اقرار الموازنة متروك لرئاسة مجلس النواب بطرحها على جدول اعمال جلسات المجلس، بعد الاتفاق بين الكتل البرلمانية على تمريرها.
وأكد رشيد عدم حصول أي تغيير على الابواب المالية المتعلقة باقليم كردستان، كحصة الإقليم البالغة (17%) وتخصيصات قوات البيشمركة، ودفع مستحقات الشركات النفطية العاملة بالاقليم.. لكن أنباءً من داخل أروقة مجلس النواب تشير الى وجود خلافات وتقاطعات بين ممثلي ائتلاف دولة القانون والتحالف الكردستاني في اللجنة المالية بشأن الواردات النفطية لإقليم كردستان ومدى مشاركته في تغذية الموازنة.
وكان ائتلاف دولة القانون أعلن عن تقديم مقترح الى اللجنة المالية يقضي بإشراف شركة تسويق النفط العراقية (سومو) على جميع الصادرات النفطية، سواء في الاقليم أو المحافظات. واشار عضو في الإئتلاف الى ان هذا المقترح ينص أيضاً على ضرورة أن تشرف شركة (سومو) على أي زيادة عن الكمية المتفق عليها لصادرات النفط المستخرجة من الاقليم، أي اكثر من 250 الف برميل يومياً، لافتاً الى ان كردستان يصدر أكثر من 500 الف برميل يومياً، فيما يُسلّم الى الحكومة المركزية واردات 150 الف برميل فقط، مؤكداً ان الفواتير التي وصلت الى الحكومة العراقية الاتحادية من تركيا تؤكد تصدير الاقليم هذه الكميات.
شارك في الملف مراسلا إذاعة العراق الحر في بغداد عماد جاسم ورامي أحمد.