فيما اعتبرَت الدبلوماسيةُ العراقية أن اعتمادَ الحل السياسي للأزمة السوريـــّــة سيكونُ مفتاحاً لحلّ كل المشاكل الإرهابية أكد المبعوثُ الأممي الخاص لسوريا ضرورةَ التوصّل إلى مثل هذا الحل خلال العام الحالي.
وزيرُ الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري والمبعوثُ الأممي الخاص ستيفان دي ميستورا عَـــــــبّـــرا عن هذين الموقفيْن المتناغمْين خلال منتدى دافوس الاقتصادي قبل ساعاتٍ من اللقاء الذي تستضيفه موسكو الاثنين لممثلين عن حكومة الرئيس بشار الأسد والمعارضة السورية بغيابِ مندوبين عن الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي يتخذ اسطنبول مقراً.
وجاء في بيانٍ للوزير العراقي في ختام مشاركته في منتدى دافوس أن وفد بلاده أكد للوفود المشاركة أهمية اعتماد الحل السياسي للأزمة السورية لكونه "يحمل سرّ حل" كل مشاكل الإرهاب وملفاته بعد مُضي نحو أربع سنوات على الحرب في سوريا المجاورة. وأضاف الجعفري "إن العالم اليوم يخوض حرباً واحدة ضد الإرهاب على جبهات متعددة" داعياً إلى ضرورة تنسيق الجهود للقضاء على هذا الخطر الذي يفتك بأرواح الأبرياء ويستنزف خيرات الأمم.
وخاطب الوزير العراقي المشاركين في دافوس قائلاً "ما لم نقاتل وتقاتلوا معنا داعش سيقاتلونكم على أرضكم" مؤكداً ضرورة أن تفي الدول بالتزاماتها تجاه العراق عبر تقديم الدعم والإسناد على المستويات الأمنية والعسكرية والإنسانية والخدمية "بما لا يخلّ بالسيادة العراقية علاوة على المساهمة في إعمار البنى التحتية التي خربها عناصر داعش الإرهابية"، بحسب تعبيره.
وفي نشرِها لمقتطفاتٍ من بيان الجعفري الأحد (25 كانون الثاني)، نقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عنه القول إن "المطالب العراقية مطالب مشروعة ولا تحتاج إلى مزيد من التحليل وليس سراً على أحد أن العراق اليوم يواجه تحدياً حقيقياً على الأرض واستنزافاً من قبل داعش"، بحسب تعبير وزير الخارجية العراقي.
من جهته، أكد المبعوث الأممي الخاص لسوريا دي ميستورا خلال لقاءاته في دافوس أهمية "العمل على ألا يكون هناك اجتماع آخر بداية عام 2016، ويكون البلد الذي نريد إنقاذه غير موجود"، بحسب تعبيره.
وأوضح أن الجهود الحالية "رامية لتحريك العجلة باتجاه حل ملموس ولو جزئياً للعنف في سوريا"، مضيفاً أن "مستوى الدمار هائل. وصلنا إلى مرحلة لا يمكن للدول معها أن تتحمل المزيد." وفي دعوته المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم، قال "علينا العمل هذا العام على حل سياسي".
وفي نشرِها لمقتطفاتٍ من تصريحات الدبلوماسي المخضرم، نقلت صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية السبت (24 كانون الثاني) عنه القول أيضاً إن "هناك طرفاً آخر على بضعة كيلومترات، أي تنظيم داعش، قد يستغل هذا النزاع وعلينا التحرك". وفيما يتعلق باجتماع موسكو، قال دي ميستورا إنه ســـــــيُعــقَد "بـِــــمَــــن يحضر" إلى العاصمة الروسية، معرباً عن اعتقاده بأن "أي بداية حوار بين السوريين أمر علينا أن ندعمه".
تقرير إعلامي من موسكو أفاد السبت بأن لقاء يوم الاثنين سينعقد بغياب المبعوث الأممي الخاص لسوريا دي ميستورا، بحسب ما نقلت وكالة (تاس) الروسية للأنباء عمّن وصفته بمصدر مطلع. وأضاف المصدر أن لقاء موسكو الذي سينعقد بين السادس والعشرين والتاسع والعشرين من الشهر الحالي "سيكون مغلقاً" ومقتصراً على مندوبي طرفيْ الصراع دون مشاركة ممثلين عن وزارة الخارجية الروسية.
وفي تعليقٍ لإذاعة العراق الحر على توقيت اجتماع موسكو، لاحظَ أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور علي الجبوري أن "الأنشطة الإرهابية المتزايدة في المنطقة بالإضافة إلى استهداف الإرهاب للعمق الأوروبي أخيراً كأحداث باريس وعمليات تصفية رهائن أجانب على نحو ما يتواتر في شبكات التواصل الاجتماعي وبما تحدثه من أثر كبير في الرأي العام العالمي..إن كل هذه من المعطيات التي لا تبعث على التفاؤل في الوقت الحالي بتحقيق تقدم سريع في المسار الدبلوماسي".
من جهتها، قالت مديرة (مركز آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية الروسي الدكتورة ييلينا سوبونينا لإذاعة العراق الحر "إن لقاء موسكو سينعقد الاثنين رغم غياب بعض زعماء المعارضة السورية، وروسيا متحمسة جداً لعقد هذا اللقاء، ولكن بسبب هذا الغياب ولأسباب أخرى أيضاً، فإن روسيا خفّفت من مستوى توقعاتها..وحتى لجنة الدبلوماسيين الروس أصبحت حذرة جداً لأن هذا اللقاء بالتأكيد لن يؤدي إلى حلول سريعة"، بحسب تعبيرها.
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدثت الخبيرة الروسية في شؤون الشرق الأوسط عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها غياب المبعوث الأممي الخاص لسوريا عن لقاء موسكو وأسباب عدم مشاركة وزارة الخارجية الروسية أيضاً في اللقاء. كما أجابت عن سؤال آخر يتعلق بالمقارنة بين مؤتمرات جنيف والاجتماع الذي تُضيّفه العاصمة الروسية لطرفيْ صراع سوريا.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع مديرة (مركز آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية الروسي د. ييلينا سوبونينا متحدثةً من موسكو، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. علي الجبوري.