بعد فقدها عدداً من المستشارين في العراق ممن كانوا يقاتلون علـــَـــناً في أراضي الدولة المجاورة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، أكدت طهران الاثنين مقتل أحد قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا بغارة إسرائيلية.
وسائل إعلام إيرانية أفادت بأن العميد محمد علي الله دادي قضى برفقة ستة من مقاتلي حزب الله اللبناني "أثناء تفقدهم منطقة القنيطرة" بهضبة الجولان السورية المحتلة عندما استهدفتهم الغارة الإسرائيلية الأحد. ونُقل عن بيانٍ للحرس الثوري الإيراني أن "دادي كان من القادة الشجعان والمخلصين والمتمرسين" وأنه "لعب دوراً فاعلاً" خلال الحرب العراقية الايرانية 1980-1988.
ورغم أن البيان الإيراني ذكر أن مروحياتٍ نفذت الهجوم إلا أن ناطقاً باسم الأمم المتحدة صرح الاثنين (19 كانون الثاني) بأن قوات حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية في الجولان شاهدت طائرات بدون طيار خلال الضربة الجوية الإسرائيلية الأحد على سوريا. واعتبر الناطق فرحان حق أن "هذا الحادث يُشكّل خرقاً لاتفاق 1974" بين إسرائيل وسوريا، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس للأنباء.
دادي وُصف بأنه كان "شخصية مهمة في عمليات ايران في سوريا"، وفقاً لمصادر أمنية قريبة من حزب الله اللبناني الذي شيّع أعضاءه القتلى الستة بجنازة شارك فيها الآلاف من أنصاره في الضاحية الجنوبية لبيروت الاثنين. وكان هذا الحزب خاض حرباً على مدى 34 يوماً ضد إسرائيل في عام 2006 ويقاتل إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد في الصراع السوري.
وأحجم الجيش الإسرائيلي عن التعقيب لكن مصدراً أمنياً إسرائيلياً صرح لرويترز بأن الجيش نفذ هجوم الأحد داخل الأراضي السورية. فيما نسبت وكالة انباء الطلبة الايرانية إلى وزير الخارجية محمد جواد ظريف القول إن "إيران تدين بشدة عمل النظام الصهيوني الإرهابي ضد شعب لبنان وحركة المقاومة." وصرح الأميرال علي شمخاني المساعد الأمني الكبير للمرشد الإيراني علي خامنئي بأن "التجارب السابقة تظهر أن قوات المقاومة سترد على الأفعال الإرهابية للنظام الصهيوني بعزيمة ثورية وضراوة في الوقت المناسب والمكان المناسب"، على حد تعبيره.
ردودُ فعل طهران على الغارة الإسرائيلية التي أودت بحياة أحد قادتها العسكريين في سوريا تصدر بعد بضعة أسابيع فقط من مقتل قائد في الحرس الثوري الإيراني في العراق هو الجنرال حامد تقوي الذي سقط برصاص قــنّــاصة في مدينة سامراء.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية في 28 كانون الأول الماضي نقلاً عن بيان رسمي بأن تقوي الذي وُصف بأنه من قدامى المحاربين في الحرب العراقية الإيرانية بين عاميْ 1980 و1988 "استشهد عندما أتم واجبه كمستشار عسكري في الحرب ضد إرهابيي داعش الرجعيين لينهي بشرف خدمته الطويلة من أجل رفعة قضية الثورة الإسلامية الإيرانية"، بحسب تعبير البيان الذي نُشر على الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الإيرانية.
وفي التقارير التي نُشرت عن مقتل الجنرال تقوي في سامراء أواخر الشهر الماضي، أشارت وكالات أنباء عالمية إلى إرسال إيران تعزيزات الى العراق للمساعدة في صدّ تقدم مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية نحو بغداد إثر سيطرتهم على محافظة نينوى ومناطق عراقية أخرى في حزيران 2014.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع الخبير الإيراني في شؤون الشرق الأوسط الدكتور علي رضا نوري زاده الذي علّق لإذاعة العراق الحر أولاً على التقارير التي أشارت إلى كلٍ من الضابطين دادي وتقوي بأنهما من المحاربين القدامي في الحرب العراقية الإيرانية، موضحاً "أن الجنرال الله دادي رغم ما يقال عنه بأنه لعب دوراً مهماً في تلك الحرب إلا أنه كان في الواقع عند خوضها قبل نحو ثلاثين عاماً شاباً متطوعاً آنذاك ولا يمكن أن يقارن بالجنرال تقوي الذي كان من قادة الجبهات." وأضاف نوري زاده أن دادي "ذهب إلى سوريا برفقة العشرات من جنرالات الحرس والعقداء وأصحاب الرتب وغيرهم ممن ذهبوا تحت ذريعة الدفاع عن مرقد السيدة زينب بينما هم كانوا في الجولان والقلمون وأماكن بعيدة جداً عن هذا المرقد" عند وقوع الغارة الإسرائيلية.
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الخبير الإيراني في شؤون الشرق الأوسط عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها اختلاف طبيعة المساندة العسكرية التي تقدمها إيران للعراق عن دورها في سوريا.
من جهته، قال رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) الدكتور واثق الهاشمي لإذاعة العراق الحر "إن الكثير من أوراق اللعب أصبحت على المكشوف، وفيما يخصّ إيران أيضاً أصبحت على المكشوف إذ أنها تحاول الدفاع عن مقرات ومناطق حيوية أخذتها سواء في بغداد أو في دمشق أو في بيروت وفي اليمن وحتى في المنامة....". وأعرب الهاشمي عن اعتقاده بأنه في إطار ما وصفه بصراع كبير يُخاض حالياً وتُدافع فيه طهران بقوة عن دمشق "تحاول إسرائيل جرّ إيران وكذلك حزب الله إلى اللعب على المكشوف، ولذلك فإن هذين الطرفين سيحتفظان بحق الرد ولن يتورطا بصراع مباشر مع إسرائيل لأن المنطقة بأسرها سوف تلتهب وبالتالي سوف تتغير الاتجاهات من العراق وسوريا إلى اتجاهات أخرى"، بحسب رأيه.
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أجاب الخبير العراقي في الشؤون الإستراتيجية عن سؤال آخر عمّــــا إذا كان فقد إيران أحد قادتها العسكريين في سوريا والذي يأتي بعد مقتل عدد من مستشاريها في العراق قد يتسبّب بإحراج للأطراف السياسية العراقية التي توصف بأنها قريبة من طهران وذلك في ضوء دخول إسرائيل على خط المواجهة مع إيران فوق الأراضي السورية.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع الخبير الإيراني في شؤون الشرق الأوسط د. علي رضا نوري زاده متحدثاً من لندن، ورئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) د. واثق الهاشمي متحدثاً من بغداد.