مع ظهور ما يُعرف بالدولة الإسلامية (داعش) في العراق وسوريا، انتشر الخوف من الاسلام "الإسلاموفوبيا" في أوروبا، ومعها إزداد قلق المسلمين بعد ظهور حركات عنصرية مناهضة لهم منها حركة(Pegida) في ألمانيا التي تعني (وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب) .
وحثت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل الألمان على إدارة ظهورهم الى حركة شعبية متنامية لمناهضين للمسلمين ووصفتهم بأنهم عنصريون تملؤهم الكراهية، وقالت إن أكبر اقتصاد في اوروبا يجب أن يرحب بالفارين من الصراع والحرب.
ميركل تحث الألمان على رفض العنصرية
ونقلت رويترز عن ميركل في كلمة ذات لهجة شديدة بدرجة غير معتادة بمناسبة العام الجديد، "اليوم.. يهتف كثير من الناس في أيام الاثنين نحن الشعب"، لكنهم في الواقع يعنون "أنت لا تنتمي لنا...بسبب لون بشرتك أو دينك." في إشارة الى الاحتجاجات والمظاهرات الإسبوعية التي تنظمها حركة (وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب) الجديدة في مدينة درسدن عاصمة ولاية ساكسونيا.
وأضافت ميركل "لذلك أقول لكل من يذهب إلى مثل هذه المظاهرات: لا تستجيبوا لدعوتهم لكم بالإنضمام اليهم. لأنه في كثير من الأحيان يوجد تحامل وبرودة وربما كراهية في قلوبهم."
ويشعر كثير من الألمان بالقلق من تدفق طالبي اللجوء إلى بلادهم، وزاد عدد طالبي اللجوء الى المانيا الى حوالي 200 ألف في 2014 ما يعادل أربعة أمثال عددهم في 2012.
وتتخوف حركة (Pegida) المناهضة للمسلمين والأجانب التي يتكون اسمها من الأحرف الأولى لعبارة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب"، تتخوف من انتشار الإسلام وثقافته في أوروبا، وظهرت هذه الحركة بعد ظهور (داعش).
وكانت ألمانيا دقت ناقوس الخطر لتحذر من خطر (داعش) وقدرته على تجنيد المزيد من "الجهاديين" وإرسالهم الى العراق وسوريا.
وحذر وزير الداخلية الألماني توماس دو مازيير من أن التشدد الإسلامي يشكل تهديدا أمنيا خطيرا لألمانيا، وقال إن القادرين على شن هجمات في البلاد زادوا إلى أكبر عدد على الإطلاق. من جهة أخرى حذرت تقارير من أن سجون ألمانيا تحولت الى معاقل لتجنيد مقاتلي (داعش) وتخريج إسلاميين متطرفين.
والتحق نحو 450 شخصا من ألمانيا بالجهاديين في سوريا والعراق، لكن رئيس الاتحاد التركي الإسلامي الأوروبي إحسان أونر، أكد في تصريحات صحفية أن انضمام هذا العدد إلى (داعش) من أصل 5 ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا، يعتبر رقما صغيراً، وأن من الخطأ تعميم ذلك على جميع المسلمين هناك.
الشيخ شعشاعة: مخاوف الحركات العنصرية المناهضة للمسلمين لا مبرر لها
وأكد الشيخ أبو آدم شعشاعة إمام مسجد دار القرآن بميونيخ الألمانية، أن مخاوف هذه الحركات العنصرية المناهضة للمسلمين والأجانب لا مبرر لها، ولا يستطيع الألمان الإستغناء عن الأجانب في حياتهم اليومية حيث تعيش في المانيا جاليات عربية وإسلامية كبيرة، مشدداً على أن (داعش) لا علاقة له بالإسلام.
الشيخ شعشاعة وفي حديثه لإذاعة العراق الحر أوضح أن تصاعد موجة العنصرية في المانيا وغيرها من الدول الغربية يعود الى أسباب تتعلق بالمسلمين وممارسات المتطرفين منهم كالمنتمين لـ(داعش) والقاعدة وغيرها، وأسباب أخرى تتعلق بالاحزاب اليمينية المتطرفة والمعادية للأجانب كالنازيين الجدد.
وتعقيبا على أجراءات السلطات الألمانية لمكافحة الإرهاب والحد من تجنيد الشباب المسلم، وقيامها بإغلاق مسجد الفرقان في شمال ألمانيا بتهمة الترويج لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، قال الشيخ شعشاعة المشرف على عشرات المساجد في المانيا، إن إغلاق المساجد سيزيد حدة الإحتقان بين المسلمين والدولة والآخرين، داعياً الى محاربة الفكر الإرهابي بالفكر الصحيح، وإنقاذ الشباب المغرر به لأنهم ضحايا المنظمات الإرهابية.
وكان المكتب الاتحادي لحماية الدستور في ألمانيا، حذر في كانون الأول 2014 من أن هناك مخاوف من تزايد المواجهات بين الإسلاميين واليمينيين المتطرفين في ألمانيا خلال عام 2015، وأكد هانز جورج ماسن مدير ادارة المخابرات الداخلية الألمانى ان عدد المسلمين المتطرفين فى ألمانيا وصل الى 6300 شخص أغلبهم من ذوى الاتجاهات السلفية.
ناصر السماوي: بعد ظهور (داعش) تزايدت العنصرية ضد المسلمين والأجانب
ويرى ناصر السماوي الناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والمقيم في العاصمة الألمانية برلين أن الحركات الإرهابية والإسلامية المتطرفة ليست بالظاهرة الجديدة في ألمانيا، إذ كانت هناك حركات إسلامية متشددة، كحزب التحرير الإسلامي التركي وغيرها حتى ظهرت القاعدة ثم (داعش)، لافتاً الى وجود تعاطف مع هذه الحركات في أوساط الجالية العربية والمسلمة، ويظهر هذا التعاطف بشكل واضح من خلال ممارسات رصدتها الشرطة الألمانية، مثل قيام مجموعة من السلفيين بتنظيم ما أسمته أجهزة الأمن الألمانية بـ"شرطة الشريعة"، وخروجها في دوريات ليلية في أرجاء المدينة لمراقبة سلوك الناس، وتنظيم تظاهرات مؤيدة لـ(داعش) في مدن ألمانيا، رُفعت خلالها لافتات تنظيم القاعدة وأعلام "الخلافة الاسلامية" وأعلام (داعش) السوداء.
وقال السماوي لإذاعة العراق الحر في مقابلة عبر الهاتف، إن الصراع في العراق وسوريا وممارسات (داعش) في هذين البلدين، أثرت كثيراً على نظرة الألمان للعرب والمسلمين، وزادت من مشاعر العنصرية وتسببت في تعزيز الحركات المناهضة للإسلام في أوروبا، موضحاً أن المسلمين المتطرفين شيعة كانوا أو سُنة باتوا يثيرون قلق ومخاوف الأوروبيين بسبب ممارساتهم المتطرفة والبعيدة عن الإسلام، كطقوس التطبير واللطم بالنسبة للشيعة، والخطاب السلفي الوهابي المتطرف في مساجد السُنة المنتشرة في ألمانيا، وإعتبارهم الدول الغربية دولا كافرة مع أنهم يعيشون فيها.
طرفة بغجاتي: ظاهرة الإسلاموفوبيا إزدادت في أوروبا بعد (داعش)
ممارسات (داعش) في العراق وسوريا، وانعكاساتها في وسائل الإعلام، زادت مخاوف المسلمين في الدول الأوروبية، لأنها كانت السبب في إزدياد ظاهرة (الإسلاموفوبيا)، مع قيام الشرطة في بعض الدول بممارسة ضغوط على منظمات إسلامية في تلك البلدان.
وفي النمسا، أيضاً إتخذت السلطات أجراءات عديدة لمراقبة المدارس والمراكز الإسلامية للحد من إالتحاق الشباب المسلم بالتنظيمات الإرهابية. وتثير هذه التدابير والإجراءات التي تتخذ في إطار مكافحة (داعش) والتطرف قلق قرابة 500 ألف مسلم يقطنون في النمسا.
وأعرب طرفة بغجاتي، رئيس مبادرة المسلمين النمساويين، عضو اللجنة الإدارية للهيئة الإسلامية في ڤيينا عن قلقه وقلق المسلمين في النمسا، من تحول التدابير التي تُتخذ في إطار مكافحة (داعش) والتطرف، إلى محاربة كل المسلمين والعداء لهم، مؤكداً أن (داعش) يقتل المسلمين قبل غيرهم وهو خطر على المسلمين قبل أن يكون خطراً على أوروبا.
وأكد طرفة بغجاتي المستشار لدى الشبكة الأوروبية لمراقبة العنصرية، أن الجو العام في أوروبا اصبح محتقناً لأن وسائل الإعلام تركز كثيراً هذه الايام على موضوع خطر (داعش) وممارساتها في العراق وسوريا، لكن على المجتمع الغربي أن لا يتهم كل المسلمين بالإرهاب، وأن لا ينظر الى المسلمين والى المرأة المحجبة على أنهم يُشكلون خطرا على المجتمع، معرباً عن رفض المسلمين أية إجراءات قد تضعهم جميعاً تحت المراقبة فقط لأنهم مسلمون، لأن مثل هذه الإجراءات تبرر للعنصرية والتمييز ضد المسلمين في أوروبا.