يُعتبر عام 2014 من أسوأ الأعوام على الطفل السوري، اذ يعيش نحو 5.5 مليون طفل بين مشرّد ومهجّر، ومتسرّب عن التعليم داخل البلاد وخارجها، بعد أن اصبحوا ضحايا الصراع الدائر في سوريا منذ أربعة أعوام، يأتي هذا فيما يواصل تنظيم "داعش" وتنظيمات متطرفة أخرى تجنيد الأطفال، إذ تؤكد تقارير دولية أن "داعش" وبعد سيطرته على مناطق واسعة في العراق وسوريا قام بتدريب الأطفال والمراهقين على فنون القتال واستخدام السلاح، وإعداد المفخخات والعمليات الانتحارية.
الطفل السوري أسيد برهو أحد ضحايا التنظيم اختار القيام بعملية إنتحارية، لكنه سلم نفسه إلى قوات الأمن العراقية أمام مسجد في بغداد قبل أيام ليستطيع الهرب من قبضة مجنديه في تنظيم "داعش".
وروت صحيفة "نيويورك تايمز" قصة الفتى السوري وكيفية انضمامه إلى "داعش"، بعد إندلاع الأزمة السورية وإقناعه بفكرة الدفاع عن الإسلام والسُنة، وذكرت الصحفية أنّ "داعش" يجنّد نحو 300 طفل شهرياً بعد اختطافهم أو شرائهم.
طفل سوري إختار أن يكون إنتحارياً ليهرب من تنظيم "داعش" ... سعد معن
ويقول الناطق بإسم وزارة الداخلية العراقية العميد سعد معن في حديث لإذاعة العراق الحر ان الطفل أسيد برهو من مواليد 2000 كان يعيش حياة طبيعية في الرقة مع عائلته الى أن دخل مسلحو تنظيم "داعش" سوريا وقاموا بتجنيد الأطفال من خلال إجراء عمليات غسيل للدماغ يقنعونهم بالانضمام للتنظيم ومبايعة الخليفة ومحاربة الشيعة وغيرهم لحماية أمهاتهم ونساء المسلمين.
وإلتحق الطفل أسيد بمعسكر لتدريب الأطفال في الرقة، ثم انتقل الى سوريا وعندما خيروه بين الانضمام لصفوف المقاتلين أو الانتحاريين، اختار أن يكون انتحارياً كي يفلت من "داعش"، وعندما وصل الى حسينية في منطقة البياع قرر أن يسلم نفسه للقوات العراقية وعند سماعه للآذان من الحسينية قال إنه كان يعتقد أن الشيعة كفار كما كان التنظيم يلقنهم في معسكرات التدريب.
وأكد العميد معن أن القوات العراقية أحسنت معاملة الطفل السوري الذي سيعامل كحدث على أن يؤخذ بنظر الإعتبار أنه لم يقم بعملية التفجير وبادر برغبته الى تسليم نفسه للسلطات.
حملة لتجنيد الأطفال
ويذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان ان تنظيم "داعش" أطلق خلال الايام القليلة الماضية، حملة لتجنيد الأطفال في العراق وسوريا من خلال منشور أعلن فيه عن افتتاح مكتب للانتساب في المنطقة التي تدعوها بـ "ولاية الفرات" المقصود بها المنطقة الشاملة لمدينتي البوكمال السورية والقائم العراقية والبلدات والقرى التابعة.
وجاء في المنشور أن "داعش" تعلن عن افتتاح مكتب الانتساب في ولاية الفرات لمن أراد الالتحاق في صفوف المسلحين و"إعلان البيعة لأمير المؤمنين"، على أن يحقق المنتسب شرطين هما: أولاً أن يتجاوز الخامسة عشرة من العمر، وثانياً: أن لا يكون ملتحقاً بسلك ردة سابقاً".
ويرى العميد سعد معن أن "داعش" بدأ يلجأ للاطفال في ظل التقدم الذي تحققه القوات العراقية على جبهات القتال، وايضاً لسهولة إقناع الأطفال بأفكاره الارهابية المتطرفة، فضلا عن سهولة حركة الأطفال وعدم تعرض القوات الامنية لهم.
والى جانب موضوع تجنيد الأطفال من قبل "داعش" والتنظيمات المتطرفة الأخرى، هناك أطفال يموتون جوعاً بسبب إستمرار الصراع في سوريا، إذ أحصى المرصد السوري لحقوق الانسان وفاة 313 مدنيا بينهم 101 طفل خلال سنة 2014 نتيجة نقص المواد الغذائية والطبية في مناطق تحاصرها القوات النظامية في سوريا، لا سيما في ريف دمشق.
من جهتها قالت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن 5,6 مليون طفل سوري يحتاجون الى مساعدة انسانية "منقذة للحياة"، وأن عدد الأطفال المتأثرين نتيجة الأزمة أصبح ضعف ما كان عليه قبل عام.
وفي تقريرها عن واقع الأطفال في 2014، تقول يونسيف أن هذا العام كان مدمراً لملايين الأطفال حول العالم، وتؤكد أن 7,3 مليون طفل يتأثرون بالصراع الدائر، منهم 1,7 مليون طفل لاجئ. وبحسب الأمم المتحدة كان هناك 35 هجمة على المدارس خلال الشهور التسعة الأولى من 2014، تسببت بمقتل 105 أطفال وإصابة 300 آخرين.
موجة البرد تقتل ثلاثة اطفال في مخيم للاجئين داخل سوريا... مراسل إذاعة العراق الحر
الى ذلك أفاد مراسل إذاعة العراق الحر في الشّمال السوري أنّ البرد في مخيمات اللجوء داخل سورية أو خارجها كان سبباً في وفاة عدد من الأطفال، حيث تسببت موجات البرد في فصل الشتاء الحالي إلى وفاة ثلاثة أطفال في مخيم السلامة الحدودي، وكذلك طفل في مخيم تركي في ولاية أورفة.
وكشفت مصادر خاصة في تربية إدلب المعارضة لإذاعة العراق الحر عن أنّ ما يقرب من 20 ألف طفل في المخيمات المقامة على الحدود في الداخل السوري، يعيشون بلا تعليم، بسبب نقص المدارس وعدم وجود الدعم الكافي للعملية التعليمية.
آلاف الأطفال حرموا من التعليم بسبب الفقر ... معلمة سورية
تقول المعلمة براءة الجلود الّتي تدّرس في مدرسة ابتدائية في مدينة غازي عينتاب التركية لإذاعة العراق الحر إنّ أغلب الناس الذين نزحوا إلى دول الجوار كانوا بسبب قصف طائرات النظام، مشيرة إلى أنهم يعيشون صراعاً بين العودة إلى الوطن أو البقاء بعيداً. وبحسب "الجلود" فإنّ آلاف الطلاب حرموا من حقهم بالتعليم بسبب سوء الوضع الاقتصادي للسوريين في الدول التي نزحوا اليها. وروت "الجلود" قصة الطفلة "آية الصائغ" الّتي فقدت ذراعها وشقيقها بسبب قصف الطيران لحيها في حلب، وهي في الصف الثالث الابتدائي.
عدد من الأطفال السوريين في مدينة غازي عينتاب التركية، أكدوا لإذاعة العراق الحر، أنهم لا يتمكنون من الذهاب إلى المدارس، بسبب سوء الأوضاع المعيشية الّتي يعيشونها، في تلك المدينة، حيث لم يبقَّ شيءٌ مجاني لأولئك الأطفال ما تسبب بحرمانهم من أبسط حقوقهم ألا وهو حق التعليم.
علي محمود مستو، يبلغ من العمر 9 سنوات، نزح عن بلدة "كفر حمرة" في حلب، منذ 9 أشهر، بسبب القصف بالبراميل كما قال لإذاعة العراق الحر، حين امتنع عن الذهاب إلى المدرسة بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة الّتي يعيشها والده، الذي يعيل 12 فرداً.
بدوره يرى الطفل "وائل" النازح من مدينة دمشق إلى غازي عينتاب في الجنوب التركي أنّ التعليم هنا يختلف عن نظيره في دمشق، فكل ما في البلاد أجمل، لكن قصف الأحياء من قبل النظام هو ما أجبره على الهجرة.
للمنظمات دور في التخفيف من ويلات الحرب على نفسية الاطفال ... مرشدة نفسية
المرشدة النفسية أسماء الّتي تعمل في مخيم للاجئين السوريين في الداخل، قالت لإذاعة العراق الحر، إن للمنظمات دور في التخفيف من ويلات الحرب على نفسية الأطفال، بعد ان قامت بإنشاء مراكز للدعم النفسي للأطفال.
وتشير أسماء الى أن الفقر يعصف بالأسر السورية، ما يدفع بالعديد من الأطفال للذهاب إلى سوق العمل، ولا تتوقع أن يكون العام المقبل 2015أجمل من هذا العام بالنسبة للأطفال السوريين فمعاناتهم ستستمر مع إستمرار الصراع في سوريا.
الحكومة السورية تحرص على تقديم الرعاية للأطفال ... مسؤولة
بدورها قالت ميس عجيب منسقة مشروع التعقب الاسري ولم الشمل في وزارة الشؤون الاجتماعية السورية، إن الحكومة السورية تعمل على توفير الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية للأطفال، ولفتت الى أن وزارة الشؤون الاجتماعية أطلقت مشروع التعقب الأسري ولم الشمل للأطفال بهدف توفير الرعاية للأطفال لحمايتهم وتنشئتهم بشكل صحيح. وذكرت عجيب في حديثها لإذاعة العراق الحر أن الوزارة بدأت بتنفيذ هذا المشروع في حمص على أن يُنفذ في محافظات أخرى قريباً.
أكثر من 10 آلاف طفل قتلوا نتيجة الصراع في سوريا ... مُعارِضة
من جهتها أكدت تقى محمد منسقة برامج الطفل في قسم تنسيق المشاريع في وحدة الدعم المعارضة أنّ أكثر من 10 آلاف طفل موثق، قتلوا نتيجة الصراع الدائر في البلاد، فضلاً عن حاجة 3.5 مليون منهم للتعليم وأكثر من 5 ملايين للغذاء.
وخلال حديثها لإذاعة العراق الحر، تطرقت تقى محمد إلى عدد من الحالات المرضية الّتي خلفتها الحرب على الأطفال السوريين،ومنها عملية التبول اللإرادي نتيجة الخوف من قصف الطائرات أو سقوط البراميل، وكذلك مرض "الاكتئاب" بالإضافة لظهور حالات غضب وعنف لدى الأطفال بشكل غير مبرر، بالإضافة لإضطرابات ما بعد الصدمة، فضلاً عن نقص التغذية.
نتمنى العودة إلى الديار في عام 2015 ... أطفال مخيمات
ولا يتحدث اطفال سوريا عن معاناتهم فهم ينظرون بتفاؤل الى المستقبل ويريدون نسيان ما عانوه في 2014، لعل العام المقبل يأتيهم بالأفضل. وتمنى عدد كبير من أطفال مخيم أطمة على الحدود السورية التركية، العودة إلى ديارهم في عام 2015 بعد أن أنهكتهم ظروف الحياة الصعبة والقاسية في تلك المخيمات وأجبرتهم على العمل عوضاً عن التعليم.
الطفل أسعد النازح من مدينة الغاب بريف حماة يقول لإذاعة العراق الحر: "اعمل في (العتالة) أنا والأطفال بيومية مئتي ليرة أي ما يعادل دولار، أساعد والدي المعاق، ولا أستطيع الذهاب الى المدرسة كون لا يوجد لدى عائلتي معيل، وإثنان من أخوتي معتقلين في سجون النظام".
الطفلة مشيرة قالت لإذاعة العراق الحر: "أساعد والدي في بيع البسكويت والمتة وأساعد والديفي تأمين متطلبات الحياة، لا أستطيع الذهاب إلى المدرسة، لكن أمنيتي في العام القادم أن أعود إلى قريتي ومدرستي هناك."
ويقول الطفل ثائر لإذاعة العراق الحر:
"لا أذهب للمدرسة بسبب وحولة الطريق وعدم وجود مدافيء، ولن أترك المخيم حتّى أعود إلى منزلي في عام 2015."
الطفل عبد الهادي فقد والده أثناء القصف، قال لإذاعة العراق الحر، "جئنا إلى المخيم ولا يوجد أحد يقوم بإعالتنا
ونعتمد على المساعدات الّتي تأتي إلينا، وأتمنى خلال العام القادم أن تتحرر سوريا"، في إشارة منه إلى تنحية الأسد.
فيما تمنى الطفل "محمد" والبالغ من العمر 5 أعوام أن يعود إلى قريته، ولا يقوم الطيران بقصفه.
ساهم في إعداد هذا التقرير مراسل إذاعة العراق الحر منار عبد الرزاق في المناطق الحدودية السورية التركية.