قبل منتصفِ ايلول 2014 لم تكن مدينةُ عين العرب/كوباني معروفةً لدى الكثيربن في سوريا، اذ كانت واحدةٌ من المناطق المنسية في ريف حلب الشمالي، إلاّ انها وخلال ايام قليلة تصدرت عناوينَ وسائلِ الإعلام العالمية، وأصبحت حديث كبار مسؤولي الدول العظمى.
اوائل ايلول 2014 هاجم مسلحو ما يعرف بالدولة الاسلامية (داعش) منطقةَ عين العرب منطلقاً من قاعدته الاساسية في محافظة الرقة بفضلِ الاسلحة التي حصل عليها من مخازن الجيش العراقي. واستطاع (داعش) خلال اسبوعين السيطرة على اكثر من 300 قرية ومزرعة حتى وصل الى تخومٍ مدينة عين العرب/كوباني وبدأ معركَتَه مع وحدات حماية الشعب الكردي وسيطرَ على اكثر من نصف المدينة.
ادريس نعسان نائب رئيس العلاقات الخارجية في عين العرب/ كوباني قال لاذاعة العراق الحر "صمود المدينة يعود لأبنائها الذين وقفوا في وجهة اعتى تنظيم .هذه المدينة الصغيرة التي تمتلك امكانيات بسيطة خاصة من الناحية العسكرية ادهشت العالم بصمودها ومقاومتها لتنظيم ارهابي عرف بأنه قادر على اخضاع أي مدينة او أي جغرافية مهما كانت لديها من اسلحة ومعدات خلال فترة قصيرة. ولدينا امثلة كثيرة منها الموصل والرقة، فقد سيطر عليهما التنظيم خلال ايام معدودة، لكن عين العراب/كوباني قاومت 45 يوما بإمكاناتها الذاتية والشعبية دون أي دعم خارجي".
ابرزُ ما نقلته عدساتُ المصورين من عين العراب/كوباني وجوهُ تلك الفتيات الكرديات اللواتي لعبن دورا مهما وبارزا في معارك المدينة، لاسيما وان النساء يشكلن 30 بالمئة من المقاتلين المدافعين عن المدينة، ولعل بيريفان المقاتلةُ الكردية التي فضلت الانتحار على الوقع بالأسر في قبضة (داعش) أبرزهن.
بروين ابراهيم رئيسة التجمع الديمقراطي الكردي قالت لاذاعة العراق الحر "المقاتلات الكرديات في عين العرب/كوباني اظهرن بسالة وشراسة، مثلهن مثل الكرديات على الساحة السياسية. فقيادات الاحزاب السياسية الكردية من النساء، ولكن عندما تطلب الامر الدفاع عن الاراضي السورية حملت المقاتلات الكرديات السلاح".
امامَ التحدي الذي واجهته عين العرب/كوباني اجتمع قادة سياسيون الكرد في اربيل برعاية رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، واتفقوا على تشكيلِ هيئةِ كردية عليا تشرفُ على إدارة المناطق التي يقطنها الكرد في سوريا. واعتبر ذلك السياسي الكردي هوشنيك اوسي خطة لطوي الخلافات السياسية، وولادة مرجعية سياسية يفترض ان تكون قد طوت صفحة مريرة من الخلاف السياسي بين احزاب المجلس الوطني السوري، وحزب الاتحاد الديمقراطي، والسلطة التي اعلنها من جانبه، واصبحت هذه الاحزاب مشاركة في الادارة في اطار المرجعية الكردية التي تم الاعلان عنها مؤخراً.
صمود عين العرب/كوباني الاسطوري بنظر البعض نتيجة مقاومة وحداث حماية الشعب الكردي، ووحدات حماية المرأة، وبعض كتائب الجيش السوري الحر، وكذلك طائرات التحالف وقوات البشمركه التي دخلت لاول مرة للقتال في سوريا، وتقول البيانات الكردية تقول انها كبدت مسحلي داعش اكثر من 3000 قتيل.
إلاّ ان الناشط الكردي رامان كنجو قال ان القوات المدافعة عن عين العرب/كوباني تكبدت خسائر كبيرة في الارواح، إذ بلغ ضحايا القوات الكردية ما يقارب 1700، لكن القتلى في صفوف داعش تفوق هذا العدد بمرتين او ثلاث.
صمود مدينة عين العرب/كوباني في وجه تنظيم داعش ادخلها التاريخَ، إلاّ ان المعاركَ التي تشهدها المدينة وقصف طائرات التحالف اخرجها من الجغرافيا وحولها الى مدينة مدمرة.
