يعد مراقبون 2014 العام الاسوأ بسبب الاحداث التي رافقته وتمثلت بسيطرة تنظيم (داعش) على مناطق عديدة في محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين وديالى، وقتل واختطاف وسبي الالاف من الابرياء على يد عناصر التنظيم. ونستطيع القول ان اقليات العراق من آيزيديين وتركمان ومسيحيين وشبك ربما واجهت الجزء الاكبر من حالات العنف والمعاناة، حين تم تهجّرت من مناطق سكناها في نينوى، فضلاً عن آلاف العائلات التي نزحت من الانبار وصلاح الدين وديالى.
ويذكر المرصد العراقي لحقوق الانسان،احدى منظمات المجتمع المدني، في تقريره السنوي الخاص بحقوق الانسان الذي أصدره تحت عنوان "2014 عام الانتهاكات الانسانية في العراق"، انتنظيم "داعش" المتطرف قام بتهجير الاقليات في العراق من مناطق سكناها، في محاولة منه لاحداث تغيير ديموغرافي ينهي وجود هذه الاقليات الدينية والعرقية، والتي يراها بحسب افكاره المتطرفه "كافرة"، ولا تخضع لقوانين الشريعة الاسلامية، ما دفع عناصره الى خطف اكثر من 200 شخص من التركمان والايزديين والشبك، بالاضافة الى قتل عدد من المسيحين الذين رفضوا الخنوع لاوامرهم، بدخول الاسلام ودفع الجزية.
واشار التقرير الى انه "في 14حزيران 2014، قام تنظيم "داعش" المتطرف، بتهجير المسيحيين من مدينة الموصل، او مساومتهم بدفع الجزية او اعتناق الاسلام، ما دفع اكثر من عشرة الاف مسيحي الى الهجرة خارج المدينة باتجاه اقليم كردستان العراق، ومن ثم الى خارج العراق، فضلاً عن قتل عدد منهم، قبل ان يخرجوا من المدينة، ووضع علامات على منازلهم، في اشارة الى مصادرتها وتحويلها الى ملكية التنظيم المتطرف".
ويؤكد النائب المسيحي يونادم كنّا ان هذه المرحلة تعد اسوأ مرحلة عاشها المسيحيون في العراق منذ عقد من الزمن، بسبب حالات القتل والبطش التي مورست ضدهم على يد عناصر "داعش"، مشيرا الى ان اعداد المسيحيين في احصاء عام 1987 كان (1.3) مليون مواطن مسيحي، غير ان العدد تناقص بسبب موجات العنف التي عانوا منها لاسيما الاخيرة ليصل العدد الى نحو 600 الف مسيحي او اقل. وانتقد كنا موقف حكومتي بغداد والاقليم بسبب ما سمّاه "حالات التهميش تجاه معاناة المسيحيين".
وبين كنّا ان القادة السياسيين مشغولون بالاستئثار بالسلطة والتناحر الحزبي وتناسوا المكونات الاصلية في البلاد التي تعاني من النزوح والتشرد، مناشداً جميع القادة بمساعدتهم وعدم اتباع سياسة الاستعلاء في التعامل معهم، بحسب تعبيره.
نزوح التركمان
وبحسب تقرير المرصد العراقي لحقوق الانسان فان "عشرات الالاف من العائلات التركمانية فرت من القرى القريبة من مدينة الموصل، بعد ان اجتاحها عناصر تنظيم "داعش"، الذي ما ان وصل قرية او مدينة حتى بدأ بإبادة ساكنيها، حيث اختطف في 23 حزيران الماضي 40 تركمانياً، من قرى الكبة والشريخان ومدينة تلعفر".
ويؤكد النائب التركماني الاسبق فوزي اكرم ترزي ان عام 2014 يعد اسوأ عام على التركمان في العراق، حين تعرضوا الى الابادة الجماعية ومحو الهوية ومحاولة التطهير العرقي لهم فضلا عن مختلف الانتهاكات التي تعرضوا لها في معظم المناطق التركمانية وليس في الموصل فقط. واوضح ان الاف التركمان الان مهجّرون من بيوتهم ومناطقهم.
ولفت ترزي الى عدم وجود اهتمام من قبل المنظمات الدولية والحكومة العراقية تجاه المواطنين التركمان، معرباً عن امله ان يكون 2015 عام عودة النازحين التركمان الى مناطقهم بعد تحريرها. وانتقد ضعف دعم الحكومة للتركمان المهجّرين في مختلف مناطق العراق، مشيرا الى ان المجتمع الدولي اولى اهتماما كبيرا بالايزيديين كما جاء تقرير الامم المتحدة خجولا تجاه التركمان.
حزن الآيزيديين
تعرض المواطنون الآيزيديون في منطقة سنجار بمحافظة نينوى الى هجمة عنيفة من قبل مسلحي تنظيم "داعش" في جريمة هزت المجتمع الدولي. ويشير التقرير السنوي للمرصد العراقي لحقوق الانسان الى انه في سنجار، وهي معقل الايزيدية، "اقتاد مسلحو تنظيم داعش نحو ثلاثة الاف امرأة من القضاء الى مدينة الموصل، وقاموا بسبيهن والاعتداء على العشرات منهن جسدياً وجنسياً، قبل ان يقوموا باقتياد بعضهن، بحسب تقارير حقوقية، الى سوريا، وبيعهن في سوق النخاسة، لكن بعضهن تمكن من الهرب، والعودة الى اهاليهن، بيد ان "داعش" لازال يحتجز اعدادا كبيرة منهن".
وما زال الايزيديون يعيشون ظروفا انسانية ونفسية قاسية. وبين مسؤول حزب التقدم الآيزيدي في العراق سعيد بطوش قرو ان عام 2014 بالنسبة للآيزيديين الاسوأ ووصفها بالسنة السوداء عليهم بسبب ما تعرضوا اليه من قتل وخطف وسبي لنسائهم، ولم
يحتفلوا بعيدهم الذي يقام بعد الصيام ثلاثة ايام كما اعتادوا عليه في كل عام ولم يتبادلوا التهاني، ويقول ان الابتسامة غادرت وجوه الآيزيديين بسبب الحزن. وتحدث قرو عن الاوضاع الصعبة التي يعيشها الآيزيديون الذين نزح أغلبهم الى اقليم كردستان، حيث يعيشون في خيم وفي طقس شديد البرودة. واشار الى ضعف الخدمات المقدمة من الحكومة ومن الامم المتحدة. واشاد قرو بالدعم الذي قدمته منظمات انسانية من الامارات وتركيا حيث قدمت مساعدات فاقت كثيرا ما قدمته حكومتا بغداد واقليم كردستان، مشيراً الى ان اعداداً كبيرة من النازحين الآيزديين لم يستلموا الى الان منحة المليون دينار التي خصصتها الحكومة العراقية.
حلم العودة
ومع الانتصارات التي حققتها قوات البشمركة والاجهزة الامنية الاخرى في تحرير سنجار والقرى التابعة لها من تنظيم "داعش"، فان هناك تفاؤلاً كبيراً لدى الآيزيديين بالعودة ثانية الى مناطقهم ومنازلهم التي عاث بها المسلحون خرابا. ويؤكد قرو ان الآيزيديين مستعدون للعودة الى مناطقهم حتى لو كانت مؤمنة بنسبة 50% ، داعياً الى توفير الاحتياجات الاساسية لهم اثناء عودتهم والاهم من هذا توفير سقوف آمنة لهم.
وتقر مفوضية حقوق الانسان بان 2014 هو العام الاسوأ من حيث انتهاكات حقوق الانسان في العراق. حيث اشار عضو المفوضية فاضل الغراوي الى حالات العنف التي رافقت هذا العام وتسبب بالاف الضحايا، فضلا على الاضرار البيئية والصحية التي تعرض لها المواطن نتيجة الحروب والتفجيرات، مؤكدا ان عام 2014 شهد نزوح (2.5) مليون نازح.