يُــــشارك العراق في أعمال مؤتمر الطاقة العربي العاشر الذي افتُتح الأحد في أبو ظبي تحت شعار "الطاقة والتعاون العربي" برعايةٍ مشتركة من منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول (أوابك) والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وجامعة الدول العربية والمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين.
وبحضور مسؤولين وخبراء، يبحث المؤتمر على مدى ثلاثة أيام أوضاع الطاقة من جوانبها العديدة ذات الصلة بالتطورات الراهنة في أسواق النفط والغاز الطبيعي وانعكاساتها على قطاع الطاقة العربي، والاستثمارات اللازمة لتطوير قطاع الطاقة في الدول العربية، وقضايا الطاقة والبيئة والتنمية المستدامة. كما يناقش المؤتمر الموضوعات ذات الصلة بمصادر الطاقة العربية والعالمية، واستهلاك الطاقة وإمكانيات ترشيده، والربط الكهربائي بين الدول العربية إضافةً إلى التطورات التكنولوجية وانعكاساتها على قطاع الطاقة في المنطقة، بحسب ما أفاد الموقع الإلكتروني لمنظمة (أوابك).
لكن انعقاد المؤتمر في الوقت الذي تواصل أسعار النفط انخفاضها الحاد في الأسواق العالمية أدى إلى تركيز معظم التصريحات الصادرة عن وزراء النفط المشاركين الأحد (21 كانون الأول) على هذه المسألة فيما يُتوقَع أن تتناول المناقشات السُبل الكفيلة بإعادة استقرار الأسعار.
وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي قال على هامش مؤتمر أبو ظبي إنه لا يرى حاجة لعقد اجتماع طاريء لمنظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك) ولكن "علينا الترقب والانتظار لنرى" ما إذا كانت المنظمة قد أخذت القرار الصائب بالإبقاء على مستوى الإنتاج دون تغيير. وأضاف في تصريحات صحفية أنه يرى أن الأسعار تستقر حول مستوياتها الحالية عند نحو 60 دولاراً للبرميل.
كما نقلت وكالة رويترز للأنباء عنه القول أيضاً إن إجمالي إنتاج العراق من النفط سيصل إلى أربعة ملايين برميل يومياً بعد توصل بغداد إلى اتفاق بشأن الصادرات مع أربيل.
وفي سياقٍ متصل، توقع المدير العام لشركة تسويق النفط العراقية (سومو) فلاح العامري الأحد أن يتجاوز متوسط صادرات النفط في كانون الأول من ميناء البصرة 2.6 مليون برميل يومياً. وفي نشرها للتصريح الذي أدلى به على هامش مؤتمر الطاقة المنعقد في أبو ظبي، ذكرت رويترز أن صادرات العراق النفطية من مينائه الجنوبي الرئيسي غالباً ما تتذبذب بسبب الطقس أو مشاكل فنية، مضيفةً أنه وفقاً لمصادر ملاحية فقد بلغ حجم الصادرات من البصرة في أوائل تشرين الثاني 2.4 مليون برميل يومياً.
يُشار إلى أن معاناة العراق من هبوط أسعار النفط كانت بين الأسباب الرئيسية التي دفعته الأسبوع الماضي إلى طلب تأجيل دفع 4.6 مليار دولار من تعويضات تدمير المنشآت النفطية في الكويت أثناء احتلال النظام العراقي السابق للبلاد في 1990-1991.
وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي الذي يرأس أعمال المؤتمر قال من جهته إن ما وصفه بالإنتاج "غير المسؤول" من قِــبَل دولٍ غير أعضاء في (أوبك) هو بين الأسباب الرئيسية لانهيار أسعار الخام. وأشار المزروعي إلى أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط سيتسبّب بعبءٍ اقتصادي كبير على الدول المنتجة، مؤكداً في الوقت ذاته أن القرار الذي اتخذته (أوبك) الشهر الماضي بالإبقاء على مستويات الإنتاج كان "صائباً"، على حد وصفه. وفي هذا الصدد، قال إن "قرار أوبك الذي يهدف إلى منح السوق وقتاً لاستعادة التوازن، قرار صائب واستراتيجي ومفيد للاقتصاد العالمي"، متوقعاً أن يسهم القرار في استعادة استقرار أسعار النفط، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس للأنباء.
أســـعارُ النفط الخام تراجعت بنسبة نحو 50% على مدى الشهور الستة الماضية لتقترب من نحو 60 دولاراً للبرميل بعد أن كان متوسط بيع برميل برنت وصل إلى نحو 115 دولاراً في حزيران الماضي. وأشار محللون إلى أن استمرار هبوط الأسعار يعزى إلى أسباب رئيسية ثلاثة هي الــوِفرة في العَــرض والاقتصاد العالمي الضعيف والدولار القوي.
وكان وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي قال في تصريحات أدلى بها قبل بضعة أيام من انعقاد مؤتمر أبو ظبي إن هبوط الأسعار "حالة مؤقتة وعابرة". ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عنه القول الخميس (18 كانون الأول) إنه "متفائل" بشأن مستقبل سوق النفط، مضيفاً أن "ما نواجهه الآن ويواجهه العالم يعتبر حالة مؤقتة وعابرة فالاقتصاد العالمي وبالذات اقتصادات الدول الناشئة سيعاود النمو باضطراد ومن ثم يعود الطلب على البترول للنمو هو الآخر."
وكرر النعيمي أمام المشاركين في مؤتمر الطاقة العربي العاشر في العاصمة الإماراتية الأحد القول إنه "متأكد أن السوق النفطية ستتعافى وأن الأسعار ستتحسّن".
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع الخبير النفطي الكويتي كامل الحــَرمي الذي تحدث لإذاعة العراق الحر من أبو ظبي حيث يشارك في أعمال مؤتمر الطاقة العربي العاشر عن أجواء المناقشات قائلاً "إنها تتسم بالهدوء والتوقعات حول مستقبل أسعار النفط وحول سياسات الدول المنتجة من خارج منظمة أوبك وحول النفط الصخري القادم من الولايات المتحدة الأميركية وكذلك من كندا باعتبارهما المنافسين الحقيقيين للنفط التقليدي"، بحسب تعبيره.
الحــَرمي اعتبرَ أن النقاش ينبغي أن يتركّــــز على أسباب عدم قدرة مصدّري النفط الخفيف من منافسة الدول المنتجة للنفظ الصخري والنفط الرملي سيما وأن إنتاج هذين النوعين من النفط في الولايات المتحدة الأميركية وكندا هو أكثر كلفةً من إنتاج النفط التقليدي في دول منظمة (أوبك).
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الخبير النفطي الكويتي عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها التحليلات التي تذهب إلى أن وفرة الإنتاج هي من أسباب هبوط الأسعار والنطاق السعري "المعتدل" للنفط الخام إضافةً إلى العوامل المؤثّـرة في تقلّبات الأسواق العالمية.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلة مع الخبير النفطي الكويتي كامل الحَرمي متحدثاً من أبو ظبي على هامش مؤتمر الطاقة العربي العاشر.