هناك من يقول ان التاريخ يعيد نفسه لكن هؤلاء يؤكدون ايضا ان الاعادة تقتصر فقط على الاحداث السيئة .. على المآسي والمجازر والوحشية والقتل والتشريد.
الامم المتحدة قالت الاثنين ان العالم يواجه حاليا ازمات غير مسبوقة تتطلب جهودا غير مسبوقة ومبالغ هائلة لتلبية احتياجات المتضررين بهذه الازمات.
منظمة اليونسيف التي تعنى بالطفولة قالت الاثنين إن عام 2014 كان عاما مدمرا بالنسبة للاطفال في العالم وقدرت ان هناك 15 مليون طفل يعانون من آثار النزاعات المسلحة في العراق وجنوب السودان ودولة فلسطين وسوريا واوكرانيا وجمهورية افريقيا الوسطى.
أما عدد الاطفال الذين يعانون من نتائج النزاعات والصراعات المسلحة في العالم بشكل عام فهو 230 مليون طفل، حسب المنظمة.
المدير التنفيذي لليونسيف انتوني ليك قال "كانت هذه سنة مدمرة لملايين الاطفال. قتل الاطفال وهم على مقاعد الدراسة، او وهم نيام في اسرتهم وتعرضوا لليتم والخطف والتعذيب والتجنيد والاغتصاب وللبيع كعبيد". واضاف ليك بالقول: "ولم يسبق في ذاكرتنا الحديثة ان تعرض هذا العدد من الاطفال لمثل هذه الفظائع".
ومن المفارقات هنا ان العالم يحتفل حاليا بمرور 25 عاما على اتفاقية حقوق الطفل وقال المدير التنفيذي لمنظمة اليونسيف انتوني ليك عن ذلك: "إنها لمفارقة محزنة. العالم يحتفل هذا العام بمناسبة مرور 25 عاما على اتفاقية حقوق الطفل ويحتفل بانجازات عديدة وبالتقدم لصالح الاطفال في العالم إلا ان حقوق الملايين منهم لا تزال تنتهك بشكل سافر". واضاف "العنف والصدمة لا يؤذيان الاطفال بشكل منفرد فقط ولكنهما يقوضان قوة المجتمعات"، حسب قوله.
معاناة اليوم تقوض مجتمعات الغد
وهذه اخطر النتائج في الواقع. معاناة الاطفال اليوم تعني تقويض مجتمعاتهم في المستقبل وهو ما نبهت اليه استاذة علم النفس في جامعة بغداد شيماء عبد العزيز التي درست آثار النزوح على سلوك الاطفال واشارت الى ظواهر منها الانعزال والإنكفاء على الذات والعدوانية.
الخبيرة نبهت ايضا الى نتائج هذه المشاكل عندما يتحول هؤلاء الاطفال النازحون الى بالغين وقالت إن اغلبهم سيكونون غير اسوياء داخل مجتمعاتهم في المستقبل.
شيماء عبد العزيز اكدت ايضا ان العراق إن كان يأمل في ان يكون مجتمعه سويا في المستقبل فعليه ان يعالج هؤلاء النازحين على الصعيد الفردي وكمجاميع وشددت على ضرورة صيانة حق الانسان والحفاظ على كرامته بالدرجة الاساس باعتبار ذلك شرطا اساسيا لتفاعل الفرد بشكل ايجابي مع مجتمعه ومع دولته.
بشرى العبيدي من مفوضية حقوق الانسان رسمت صورة سوداء عن اوضاع النازحين بشكل عام لاسيما النساء والاطفال وتحدثت اولا عن مشاكل التعليم وقالت إن الامر تحول الى كارثة وهو ما يجعلنا نتوقع ان جزءا واسعا من افراد المجتمع العراقي سيكونون اميين دون دراية ودون تخصص ودون قدرات تسمح لهم بدخول سوق العمل في المستقبل وبالتالي سيكونون غير قادرين على بناء مجتمعاتهم.
بشرى العبيدي تحدثت عن جانب آخر هو الصحة ورسمت كما رسمت صورة قاتمة عن الحالة النفسية التي يعاني منها النازحون.
العبيدي تحدثت عن مأساة الاطفال الذين شاهدوا فظائع ستبقى تؤثر عليهم مدى الحياة كما تحدثت عن مآسي النساء اللواتي يواجهن قضايا متعددة كلها سيئة منها تعرضهن الى الاغتصاب وما يترتب على ذلك من حمل وولادة وعلاقة سيئة بطفل يذكرهن بكارثة لا يمكن نسيانها.
هذا وقدرت الامم المتحدة ان هناك ما يقارب من 100 مليون شخص يحتاجون الى مساعدات في العالم وطلبت من دول العالم ومنظماته العمل على جمع اكثر من 16 مليار دولار من المفترض ان يخصص ثلاثة ارباعها لمواجهة اربع ازمات رئيسية في العالم وهي أزمات سوريا والعراق وجنوب السودان والسودان. ومن الاولويات الاخرى جمهورية افريقيا الوسطى والصومال والكونغو واليمن، حسب المنظمة الدولية.
مساعدة امين عام الامم المتحدة للشؤون الانسانية فاليري آموس قالت متحدثة في مؤتمر صحفي في جنيف: "في الخطط التي اعلنا عنها اليوم اعتبرنا ان هناك 78 مليون شخص يحتاجون الى مساعدات انسانية وهدفنا هو تلبية احتياجات 57 مليون شخص منهم بشكل عاجل. ولا يشمل ذلك الدول الافريقية التسع في منطقة الساحل الافريقي ولا جيبوتي إذ سنوجه نداءا خاصا بها في شباط المقبل. نحتاج الان الى 16.4 مليار دولار لتلبية هذه الاحتياجات".
آموس حذرت بشدة من اوضاع النازحين السوريين بشكل خاص واكدت ان منظمات الاغاثة تملك بالكاد ما يكفي هؤلاء النازحين حتى نهاية الشهر الجاري ودعت دول العالم والمنظمات الدولية الى الاسراع وتقديم المساعدات لهم.
آموس قدرت عدد السوريين الذين يحتاجون الى مساعدة بأكثر من اثني عشرة مليونا.
آموس قالت ايضا إن عدد المتضررين بالنزاعات والصراعات في العالم ارتفع بشكل حاد في نهاية تشرين الثاني الماضي ومن المقدر ان عدد من يحتاج الى مساعدات جاوز 100 مليون شخص وأكدت ان الامم المتحدة تحتاج الى سد احتياجات 76 مليون منهم في اقرب وقت ممكن.
من جانبه قال انتونيو غوتيريس مدير المفوضية العليا لاغاثة اللاجئين التابعة للامم المتحدة إن عدد النازحين بسبب النزاعات المسلحة في العالم سجل اعلى مستوى له منذ الحرب العالمية الثانية في نهاية عام 2013 ثم لاحظ ان هذا العدد ما يزال يرتفع واضاف أن عدد النازحين الجدد كان 14 الف نازح يوميا في عام 2011 وارتفع في عام 2013 الى 32 الف نازح يوميا. ثم اكد ان العدد ارتفع مرة اخرى في عام 2014.
ولاحظ غوتيريس في مؤتمر صحفي في جنيف ان الحاجة الى المساعدات تزداد بشكل مضطرد غير ان الاموال المتوفرة لتلبيتها لا تتزايد بالسرعة نفسها وقال: "الاحتياجات الانسانية في العالم ترتفع وتزداد بشكل غير طبيعي، ومن الواضح ان الاموال المتوفرة لتلبية هذه الاحتياجات لا ترتفع بالقدر نفسه".
بمشاركة من مراسل اذاعة العراق الحر في بغداد حازم الشرع.