يرى البعض ان العراق يقف الان على شفا هاوية ليس فقط بسبب الارهاب وداعش بل بسبب الفساد وسرقة المال وتبديده وانعدام التخطيط وعشوائية الاجراءات، حسب قول خبراء اقتصاديين.
لنعرض حقائق كما عرضها خبراء تحدثت اليهم اذاعة العراق الحر:
اولا، هناك عشوائية في وضع الخطط الاقتصادية.
ثانيا هناك ترهل في دوائر الدولة التي توظف 4 ملايين شخص، فيما هناك 4 ملايين شخص آخر لا يجدون عملا ولا يمكنهم كسب قوتهم بسبب ضعف النشاط الاقتصادي في القطاع الخاص.
من الحقائق الاخرى ان الموظف العراقي يعمل لمدة 36 يوما من مجموع 365 يوما في السنة بسبب كثرة العطل وعوامل اخرى.
الدولة تنفق 60 بالمائة من ميزانيتها على رواتب الموظفين وهو ما يعادل 40 مليار دولار سنويا.
هذه الحقائق القاسية امر واقع في العراق رغم الثروة التي يتمتع بها والتي يتم انفاقها دون ان تظهر نتائج هذا الانفاق على حياة الناس.
مواطنون في العاصمة بغداد وهي اضخم مدن العراق واكثرها كثافة سكانية يقيسون التطور بالشكل التالي: ليس هناك طرق معبدة، ليس هناك خدمات جيدة، والفقر ينتشر في اماكن عديدة بسبب عدم خلق فرص عمل حقيقية ما عدا في القطاع العام.
خبير: بعض المدراء لا يفقهون شيئا
هناك عدة مآسي يواجهها العراقيون منها تبديد الثروة والفساد وتعيين مدراء لا يفقهون شيئا في تخصصات لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد لأن اختيارهم تم عن طريق الاحزاب لا الكفاءة وهو ما يعيدنا الى ايام كان فيها حزب البعث الحاكم في العراق يعين المدراء بناءا على ولائهم للحزب ولشخصية "القائد الفذ".
الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان يعطي صورة واضحة عن الوضع المأساوي الحالي وقد تحدث عن ترهل دوائر الدولة قائلا إن 60 بالمائة من الموازنة تشغيلية لاسيما لتغطية رواتب الموظفين الكبار في الدولة من رئاسات الى مدراء عموميين في حين لا يخصص إلا القليل للتنمية.
الخبير قال إن الموظف العراقي يمضي ما بين 10 الى 17 دقيقة في الانتاج في يوم عمل يمتد لثمان ساعات وتحدث عن تبديد الثروة وتحويلها الى هباء منثور دون اهتمام ولا مبالاة من جانب من يقولون إنهم معنيون بمصير الشعب والبلد.
الخبير الاقتصادي قال ايضا إن هناك ما لا يقل عن 4 ملايين شخص عاطل عن العمل حاليا او شبه عاطل لأنهم لا يعملون في القطاع العام ولا يجدون ما ينشطون به في القطاع الخاص وعادة ما يكونون فقراء معوزين.
وعزا الخبير هذه الاوضاع الى عدم وجود خطة حقيقية للتنمية ثم عدم تشجيع القطاع الخاص وهو ما يؤدي الى انتشار الفقر في بلد غني لكنه يعاني من الفساد ومن المحسوبية والمنسوبية والولاءات الحزبية.
انطوان أكد على ضرورة اعادة هيكلة اجهزة الدولة بالكامل وايجاد نوع من التوازن بين الانتاج والنفقات مع تشجيع القطاع الخاص كي يوفر فرص عمل لمن لا يستطيع الحصول على وظيفة حكومية في العراق كما شدد على اهمية القضاء على الفساد الذي ينخر العراق حتى العظام.
خبير: نحن نضع الرجل غير المناسب في مكان غير مناسب
غير ان الخبير الاجتماعي محمد عبد الحسن لم يقصر اسباب ضعف انتاجية الموظف العراقي على الاقتصاد وسوء التخطيط فحسب بل تحدث ايضا عن اسباب لها علاقة بالبيئة العامة في العراق ومنها صعوبة التنقل وتدهور الوضع الامني الى ما غير ذلك.
الخبير اشار ايضا الى نقطة اعتبرها مهمة جدا وهي ان المدراء المعينين بعد التغيير في دوائر الدولة، ينتمون الى احزاب وجهات معينة طائفية او حزبية او قومية وتقتصر كفاءتهم على هذه الجوانب دون غيرها وهو امر يؤثر على الموظفين بشكل عام ويخلق لديهم حالة من الاحباط، حسب قوله واوضح ان هؤلاء المدراء لا يملكون ايضا اي دراية في كيفية ادارة دوائرهم ورفع انتاجيتها وجعلها اكثر فعالية.
موظفة: ومن ذا الذي ينتج حاليا في العراق؟
سرى سلام وهي موظفة في احدى دوائر الدولة اقرت بأن انتاجها في الدائرة ضعيف وشكت من صعوبة التنقل في رحلتي الذهاب والاياب بين البيت ومكان العمل ثم قالت: ولكن من ذا الذي ينتج هذه الايام في العراق؟
سرى اشارت ايضا الى ان اختيار المدراء غير الصحيح بسبب المحاصصة والانتماءات الطائفية والقومية والحزيية يضع الموظفين في موقف لا يحسدون عليه ويجعلهم يشعرون بالاحباط.
وأخيرا تحدثت اذاعة العراق الحر الى رجل من البصرة اسمه عبد الرزاق عبد الله. هذا الرجل امضى حياته يبحث عن مصدر رزق ولم يجد غير العمل في المجسرات. غير ان مشروع المجسرات انتهى ووجد نفسه عاطلا مرة اخرى.
اقسم عبد الرزاق انه لا يملك ثمن النفط الذي يحتاجه لغرض التدفئة في هذا الشتاء البارد وقال إنه مستعد للعمل في اي مجال ولكنه لا يجد اي شئ يفعله ثم تحدث عن فشل محاولاته للحصول على مخصصات بطالة او على رواتب رعاية اجتماعية قائلا إن اخاه حاول الشئ نفسه ثم توفي ودفن في النجف قبل ان يتسلم درهما واحدا. عبد الرزاق لاحظ ان اغلب ما يعد به المسؤولون غير صحيح والدليل هو ازدياد اعداد الفقراء في العراق رغم الثروة ورغم صيت الغنى الذي يتمتع به البلد.
بمشاركة من مراسل اذاعة العراق الحر في بغداد سعد كامل.