شهدت مدن مصرية الجمعة(28تشرين2) تظاهرات تحت مسمى "انتفاضة الشباب المسلم" التي دعت إليها "الجبهة السلفية"، ضد ما وصفته بـ"الحكم العلماني والعسكري"، مطالبة إطاحة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وفيما أعلنت قوات الأمن المصرية، حالة الاستنفار القصوى لمنع تظاهرات بالمصاحف، واصلت السلطات المصرية إتخاذ إجراءات لمحاربة الإرهاب، بعد ان وافق مجلس الوزراء المصري الأربعاء(27تشرين2) على مشروع قانون لمكافحة "الإرهاب" سيمنح الحكومة صلاحيات واسعة لحظر أي جماعات في تهم تتراوح من الإضرار بالوحدة الوطنية إلى الإخلال بالنظام العام.
وجاء في مشروع القانون "يعتبر كياناً إرهابياً كل جمعية أو منظمة أو جماعة أو عصابة تمارس أو يكون الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر."
وينص مشروع القانون على حل أي جماعة تصنف على انها إرهابية. ويسمح بتجميد أصول الجماعة المصنفة وأصول أعضائها ومموليها.
علي عبد الصادق: مصر والمنطقة أمام إرهاب من نوع جديد
وكانت الحكومة المصرية أعلنت جماعة الاخوان منظمة ارهابية في كانون الأول الماضي وأصدرت محاكم مصرية أحكاماً بالإعدام على المئات من اعضائها في محاكمات لاقت انتقادات دولية شديدة، كما أعتقلت الآلاف من أنصار الرئيس المصري السابق المعزول محمد مرسي، وعدد من نشطاء انتفاضة 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك وأجبرته على التنحي.
ويرى المحلل السياسي المصري، علي عبد الصادق، أن مشروع قانون الإرهاب الجديد في مصر خطوة لتقنين كل الإجراءات التي تتخذها الحكومة للحد من مخاطر الجماعات الإرهابية وحماية الأمن القومي، في ظل إنتشار الإرهاب داخل مصر وفي المنطقة بشكل عام، وفي ظل إنتشار فكر تكفيري وتنظيمات إرهابية خرجت من عباءة "الإخوان المسلمين" على حد تعبيره.
ويتعين موافقة هيئة استشارية قضائية على مشروع قانون الإرهاب قبل إحالته للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي انتخب في ايار مايو هذا العام للتوقيع عليه ليصبح قانوناً.
المحلل السياسي علي عبد الصادق توقع أن توافق الهيئة الاستشارية على مشروع القانون، لأن القانون يُعتبر برأيه الضامن الحقيقي للحفاظ على النظام العام وحقوق الانسان، مستبعداً أن يواجه اية إعراضات.
واكد المحلل السياسي أن مصر أمام إرهاب من نوع جديد يختلف عن إرهاب الثمانينات والتسعينيات، فهو إرهاب يهدد الدولة والمنطقة ويهدف الى تقسيم البلاد ونشر الانقسامات الطائفية.
عبد الحفيظ سعد: "الأخوان المسلمين" هم الوعاء الفكري للتنظيمات الإسلامية المتشددة في مصر
وتعيش مصر منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي حالة من عدم الاستقرار فجمهور "الاخوان المسلمين" ينظرون الى حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي على أنه إنقلاب ويظهرون غضبهم بتظاهرات الجمعة التي لم تعد تشهد زخماً كبيراً من قبل المؤيدين.
في الجانب الآخر يُقاتل الجيش المصري جماعة أنصار بيت المقدس في سيناء، التي أعلنت ولائها لما يعرف بالدولة الإسلامية (داعش) ومبايعة زعيمه أبو بكر البغدادي.
وبهذه المبايعة التي قبلها البغدادي في تسجيل صوتي، تكون الجماعة قد تحولت لتكون ذراعا لـ"داعش" داخل مصر، بعد أن أصبحت إمارة تابعة للدولة الإسلامية في سيناء.
وصعدت الجماعة من هجماتها ضد أفراد الجيش والشرطة وضد مدنيين في منطقة سيناء على حدود اسرائيل وغزة.
وإعلنت الحكومة المصرية عن إقامة منطقة عازلة بهدف وقف تهريب اسلحة عبر الانفاق من غزة الى متشددين متمركزين في سيناء.
ويرى الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية عبد الحفيظ سعد مدير تحرير جريدة الفجر المصرية أن الجماعات السلفية التي ولدت من فكر "الإخوان المسلمين"، تحاول إحياء فكرة إقامة "الخلافة الإسلامية"، وهذا ما دفع جماعة "أنصار بيت المقدس" الإرهابية الى إعلان مبايعتها لزعيم ما يعرف بالدولة الإسلامية (داعش) في هذا التوقيت.
حسن أبو هنية: عدم الإستقرار سيسود مصر خلال الأعوام المقبلة
ومن القوانين التي تهدف الى تحجيم الأحزاب والحركات المتشددة، قانون التظاهر. وأوصت لجنة مصرية لتقصي الحقائق في أعمال العنف السياسي، الحكومة بتعديل القانون وتشكيل لجنة من الخبراء لإعادة النظر في قانون الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات.
وتثير الإجراءات الأخيرة التي لجأت اليها الحكومة المصرية لمكافحة الإرهاب وتحجيم التيارات الإسلامية المتشددة، قلق المراقبين والمهتمين بشؤون حقوق الانسان من فرض المزيد من القيود على الحريات في مصر وخاصة حرية التظاهر.
وحذر حسن أبو هنية الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية المتشددة من أن عدم الإستقرار سيكون هو السائد في مصر خلال الأعوام المقبلة.
ويستبعد أبو هنية أن يحظى قانون مكافحة الإرهاب باجماع عام في مصر، مشددا على ضرورة التفريق بين التنظيمات الإرهابية مثل جماعة "أنصار بيت المقدس" وجماعات إسلامية أخرى لا علاقة لها بالارهاب، كـ"جماعة الاخوان المسلمين" التي وصلت الى السلطة عن طريق الانتخابات قبل أن يأتي الجيش الى السلطة، لافتاً الى وجود حركات اخرى ليست إسلامية كالحركات القومية واليسارية المصرية أعلنت عن رفضها كل هذه الاجراءات.
ويرى أبو هنية أن قانون التظاهر وقانون الإرهاب الجديد، وسياسة عزل واقصاء وحظر جماعات الإسلام السياسي، هي سياسة ربما تكون مجدية على المدى القريب، لكنها بالتأكيد لن تكون مجدية وفعالة على المدى البعيد بل ستزيد من تعقيدات الوضع في مصر.
ساهم في إعداد البرنامج مراسل إذاعة العراق الحر في القاهرة أحمد رجب.