في إطار مساعيها لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، تسعى روسيا الى عقد مؤتمر موسع في موسكو يضم معارضين سوريين وممثلين عن الحكومة السورية. ومن المقرر أن يصل الى موسكو في 26 تشرين الثاني وليد المعلم وزير الخارجية السوري على رأس وفد سوري رفيع المستوى لبحث سبل إيجاد حل سياسي للصراع المستمر منذ نحو أربعة أعوام.
وكان معاذ الخطيب، الرئيس السابق للمعارضة السورية زار روسيا مطلع الشهر الحالي مع شخصيات اخرى بالمعارضة، وبحث مع المسؤولين في موسكو سبل انهاء الصراع في سوريا، لكنه أصر على ضرورة رحيل الرئيس بشار الأسد، بحسب وكالة رويترز للأنباء. وأثارت الزيارة الذي قام بها الخطيب ردود فعل متباينة في أوساط المعارضة السورية، في الوقت الذي سارت فيه أنباء عن دعوة متوقعة من قبل موسكو لكافة الأطراف الفاعلين في الحدث السوري من أجل عقد مؤتمر موسكو 1.
مصادر في وفد المعارضة السورية أكدت لإذاعة العراق الحر أنّ "موسكو" لا تبدي تمسكاً كبيراً بالأسد، في الوقت الذي تسعى فيه للمحافظة على مصالحها في المنطقة، فضلاً عن المحافظة على بنية الجيش السوري، والمؤسسات، وتبحث جاهدة عن بديل للأسد مقبول في الأوساط السورية.
العقل يقول والمنطق كذلك ان الروس لن يتمسكوا بالأسد إلى ما لا نهاية... نزار الحراكي
عن زيارة "الخطيب" إلى "موسكو" يقول عضو الوفد المرافق وسفير الائتلاف السوري المعارض في دولة قطر نزار الحراكي إنّ الزيارة تمت بناءً على دعوة من الخارجية الروسية لمعاذ الخطيب، موضحاً أن الخطيب شكّل وفداً من المعارضين السوريين وذهب مهم إلى موسكو، وأضاف في حديث لإذاعة العراق الحر: "كون الروس هم من دعوا للزيارة، فقد كنّا مستمعين أكثر من متحدثين، وأطلعنا على الموقف الروسي، حيث كان واضحاً أنّ لديهم شيئاً جديداً، وروسيا هي أبرز الدول الداعمة للنظام، والروس هم من ساعدوه للصمود حتّى الآن، من خلال الأسلحة والإعلام ومجلس الأمن".
وأضاف الحراكي: "حسب اعتقادنا أن روسيا كما هي جزء من المشكلة، فهي ربما تكون جزء من الحل، وقد حاولنا الاستماع للموقف الروسي، ومحاولة لتغيير ذاك الموقف الداعم لنظام الأسد، ومن أجل تغيير موقف الروس لصالح الثّورة السورية، والروس كان واضح أنهم يحاولون تغيير وجهة النظر لديهم من الأزمة السورية، وهذه الزيارة ليست سابقة، وإنما من الممكن أن تكون نوعية".
وذكر الحراكي: "لم يتم استعراض نقاط للبحث أو مبادرات وكان هناك استعراض للموقف ورؤيتهم حول إمكانية الحل، وهم يعتقدون أن الحل يجب أن يكون سوري سوري، مع استبعاد للأطراف الدولية، إذ تعتبر موسكو أن الأخيرة هي من عقدّت الأزمة السورية".
وحول ما إذا كانت هناك مرونة في موقف روسيا من الأسد، قال الحراكي: "هناك تناقضات في الموقف الروسي، حيث يتم اللعب على "الأسد" إذ يعتبرونه ورقة للتفاوض من خلال وجهات نظر متعددة.. هذه الورقة هي ابتزار سياسي تُستخدم من أجل إطالة أمد المعركة، والعقل يقول والمنطق أن الروس لن يتمسكوا بالأسد إلى ما لا نهاية".
آراء متباينة
ويعلق عضو الائتلاف السوري المعارض محمد سرميني على زيارة الخطيب إلى موسكو بالقول: "لا شك أنه لم يكن هناك تنسيق كامل بين المعارضة السورية والوفد الذاهب إلى موسكو، وكان هناك رغبة من الخطيب والوفد المرافق له في أن يُحدث نوع من الاختراق في الموقف الروسي الداعم للأسد، وأن يستشكف هل هناك موقف متغيّر من قبل الروس لصالح الثّورة السورية".
وأضاف سرميني: "كان هناك تباين للآراء حول الزيارة، فمنهم من أيدها، ومنهم من استغرب عدم التنسيق مع أطياف المعارضة، وبالأخص مع الائتلاف."
كل ما يُطرح حالياً من مبادرات يفتقر إلى خطة تنفيذية تستطيع إلزام النظام السوري بها ... محمد سرميني
ويشير سرميني إلى أنّه "يدعم ويؤيد أي حراك يصب في مصلحة الثّورة السورية سواء كان سياسياً، أم دبلوماسياً، ومن الملاحظ تراجع في الموقف الدولي والدعم الدولي، ومعرفة المواقف، وتغيير الموقف الروسي سيكون له إيجابيات، والسؤال الأهم هل هناك تغيير حقيقي في الموقف الروسي".
وبحسب سرميني فإنّ الروس دعوا لمؤتمر موسع في موسكو للمعارضة السورية، وهي بحاجة إلى تفصيل وتوضيح، مشيراً إلى تأكيد الخطيب على توحيد المعارضة، وكسب المزيد من التأييد في الموقف الدولي لصالح الثّورة السورية، ومحاولة إيجاد مبادرات وحلول من شأنها إنقاذ الشعب السوري وإيقاف المأساة الحقيقة الّتي يمر بها الشعب، دون التنازل عن الثوابت الأساسية، وهي رحيل الأسد ورموز نظامه.
وحول موقف المعارضة من الذهاب إلى موسكو من أجل عقد مؤتمر هناك، أوضح سرميني: "لا نستطيع أن نُجيب أيجاباً أو سلباً إلا عندما تتضح الصورة بشكل أساسي، ومعظم قوى المعارضة حريصة على المشاركة في أية مبادرة من أجل حل الأزمة السورية، ونحن جاهزون للمشاركة في أي مؤتمر يوجدُ حلا حقيقيا للأزمة، ولكن كل ما يطرح حالياً من مبادرات يفتقر إلى خطة تنفيذية تستطيع إلزام النظام بها".
الخطيب يزور ضبّاطاً
وعقب عودته من موسكو، التقى الرئيس السابق للمعارضة السورية معاذ الخطيب بعدد من الضباط المنشقين عن نظام الأسد ونقل لهم ما دار من محادثات بينه وبين الروس في روسيا، وعن هذا اللقاء يقول العقيد عبد الباسط سعد الدين، القيادي في الجيش السوري الحر لإذاعة العراق الحر إن "زيارة الخطيب إلى مخيم الضباط في إقليم (هاتاي) هي مجرد زيارة للمشاورة وطرح الأفكار الّتي دارت بينهم وبين الروس".
أما عن أبرز الأفكار الّتي قالها الخطيب للضباط المنشقين فقال انها تتمحوّر حول رحيل النظام بكل رموزه وهو الشرط الأساس لوفد المعارضة السورية الذاهب إلى موسكو.
ولفت سعد الدين إلى أنّ الضباط في الجيش السوري الحر مع أي حل ينهي معاناة الشعب السوري مع الحفاظ على الثوابت المتمثلة بإسقاط النظام برموزه وشكله.
الطرف الآخر
في الطرف الآخر كشفت صحيفة سورية عن الخطة الروسية التي أكدت صحتها مصادر من المعارضة السورية. وتشمل الخطة بحسب تقارير صحفية تعهد روسيا بالموافقة على عزل الأسد، شريطة الإبقاء على النظام ومؤسسات الدولة. كما تشترط موسكو تجاوب ما تعتبره الأطراف معارضة سورية معتدلة، أي المعارضة بدون "جبهة النصرة" و "داعش".
سوريا مستعدة للجلوس مع "معارضة وطنية" ... فيصل عزوز
ويذكر عضو مجلس الشعب السوري فيصل عزوز، وعضو لجنة الحوار الوطني لإذاعة العراق الحر إن الحكومة السورية ومنذ بداية الأزمة ترحب باي جهد عربي أو دولي لحل الأزمة، ومستعدة للجلوس الى طاولة الحوار مع معارضة وطنية تحافظ على السيادة الوطنية. وفيما يتعلق بزيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أكد عزوز أنها تأتي في إطار التشاور وبدعوات من الحكومة الروسية، لكن الموقف السوري واضح ولن يتغير، وهو مع الحل السياسي والدبلوماسي شريطة ألا تتلقى أطراف المعارضة تعليماتها وتوجيهاتها من الغرب.
قوى معارضة الداخل مستعدة للمشاركة في أي مؤتمر يهدف لحل الأزمة السورية ... سليم خراط
من جهته يقول سليم خراط، امين عام حزب التضامن الوطني الديمقراطي - والمنسق العام لائتلاف قوى التكتل الوطني الديمقراطي إن مؤتمر موسكو 1 لحل الأزمة السورية وقبله مؤتمر جنيف 1 و2 كلها حلول ذات أجندات خارجية، والمطلوب هو حل سوري للأزمة السورية، مؤكداً إستعداد قوى معارضة الداخل المشاركة في مؤتمر موسكو 1 وحتى جنيف 3 لإنهاء الأزمة السورية، على حد قوله.
وتقول المحللة السياسية ايلينا سوبونينا، مديرة مركز اسيا والشرق الأوسط، إن روسيا تؤكد إستعداداها للقيام بدور الوسيط من خلال عقد اللقاءات مع شخصيات من المعارضة السورية بمختلف أطيافها.
لست متفائلة بنجاح مؤتمر موسكو1 ولا أتوقع تغييرا في الموقف الروسي ... إيلينا سوبونينا
وكشفت سوبونينا لإذاعة العراق الحر في اتصال هاتفي عن أن الوزير سيرغي لافروف سيناقش موضوع عقد مؤتمر موسكو 1 مع أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي خلال مشاركته في "المنتدى الروسي – العربي" الذي يعقد دورته
المقبلة في الخرطوم في 3كانون الأول وسيطُلع قادة الدول العربية على الموقف الروسي والمبادرة الروسية لحل الأزمة السورية.
وتستبعد سوبونينا أن يتم تحديد موعد عقد مؤتمر موسكو1 خلال زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى موسكو يوم الأربعاء، والتي تأتي بعد زيارة وزير الخارجية السعودي.
وترى سوبونينا أن فرص نجاح المؤتمر ضئيلة في ظل إصرار المعارضة السورية على رحيل بشار الأسد، ولا تتوقع سوبونينا أي تغيير قريب في الموقف الروسي المؤيد للأسد ونظامه، مشيرة الى عدم وجود ملامح واضحة للمبادرة الروسية لحل الأزمة السورية، وصعوبة التكهن بالمواقف الإقليمية إزاء المشاركة في مؤتمر موسكو 1 وخاصة موقف واشنطن وطهران.
ساهم في إعداد التقرير مراسلا إذاعة العراق الحر خليل حسين من دمشق ومنار عبد الرزاق من الحدود التركية السورية.