فتحَ توصلُ وزارة النفط الاتحادية الى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان مؤخرا بشأن العائدات النفطية، بابَ التفاؤل بتحسن ملموس في العلاقة بين بغداد واربيل وبطقس صحي لحل الملفات العالقة بين الجانبين. وأكد وزير النفط عادل عبد المهدي، السبت، على أن الاتفاق النفطي بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم سيرفع إنتاج النفط العراقي، مشيرا الى أن المحافظات غير المنتِجة للنفط ستحصل على جزء من الواردات النفطية للمحافظات المنتجة. وأن ذلك من شانه تحقيق العدالة بين الجميع.
وكانت وزارة النفط أعلنت الجمعة اتفاقاً بين حكومتي بغداد وأربيل يَقضي بقيام الحكومة الاتحادية بتحويل مبلغ 500 مليون دولار إلى حكومة الإقليم فيما تقوم الأخيرة بوضع ِ 150 ألف برميل نفط خام يوميا بتصرف الحكومة الاتحادية.
النفط: بداية لحلول شاملة وعادلة ودستورية
وفي الوقت الذي أعلنت فيه حكومة إقليم كردستان يوم الخميس (13 تشرين الثاني 2014)، عن تمكن الطرفين من التوصل الى اتفاق لإيجاد حل متساوٍ وشامل لكافة المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان، اعتبرت وزارة النفط الاتحادية، الجمعة أن الاتفاق لن يشكل حلاً نهائياً بل يفتح الطريق للبدء بوضع حلول "شاملة وعادلة ودستورية" لجميع الأمور العالقة، فيما أشارت إلى أن احترام هذا الاتفاق من قبل الطرفين سيضمن إعادة نحو مليون برميل نفط يومياً إلى الخزينة.
وبهذا الشأن يرى وزير النفط الأسبق إبراهيم بحر العلوم ان البيئة السياسية والاقتصادية والأمنية الحالية ساهمت في التوصل الى الاتفاق ما يمهد لمرحلة جديدة في العلاقة بين الجانبين. ونبه بحر العلوم، في حديث لإذاعة العراق الحر الى أن نجاح الاتفاق يستند الى التزام الأطراف بتطبيق بنوده، نظرا للضرورة المشتركة مع تزامن الانخفاض الكبير في أسعار النفط في السوق الدولية الذي يضيف عنصرا اخر لجدوى الاتفاق.
من جهته بيّن المتحدث باسم الوزارة عاصم جهاد، ان الاتفاق يأتي ضمن تطبيق الحكومة لمنهاجها المعلن ويؤشر بداية حل للخلافات العالقة بين المركز والاقليم، لافتا الى ان تراجع صادرات النفط العراقي يضر بالاقتصاد الوطني وبالتالي باقتصاد الإقليم
الى ذلك لفت عضو برلمان كردستان عبدالسلام برواري في اتصال مع إذاعة العراق الحر الى ان التصور المشترك للفيدرالية وصلاحيات الاقليم والحكومة الاتحادية، من شانه حل الخلافات بين الإقليم والمركز والتوصل الى اتفاقات أوسع.
بين بادرة حُسن النية، والضغوط الخارجية
كردياً يرى المستشار الإعلامي لبرلمان كردستان طارق جوهر في الاتفاق بادرة حسن نية من بغداد إزاء الإقليم، معتبرا اياه خطوة أولية لحل ملفات عالقة أخرى، ويشير في حديث لإذاعة العراق الحر الى ان مبلغ 500 مليون دولار التي ستدفعها الحكومة الاتحادية الى الإقليم لن يغطي سوى نصف حاجة الاقليم لتسديد رواتب موظفيه.
وينبه جوهر الى ان ملفات عدة تنتظر الحل والاتفاق كالموازنة ورواتب البيشمركه ومشاركة الكرد في حكومة الاتحادية والمناطق المتنازع عليها، متمنيا ان تسفر زيارة رئيس حكومة الاقليم نجيرفان بارزاني المرتقبة الى بغداد عن تائج إيجابية بهذا الاتجاه
وبرغم ان المحلل السياسي عبد الامير المجر يجد في اتفاق بغداد واربيل خطوة مهمة لحل ملفات الخلاف وتهدئة للتوتر، لكنه يلفت الى خطوات اشمل للمشكلات المختلف بشأنها والتي قد تواجه في المستقبل اعتراضاتٍ، سواء في الإقليم او في المركز
وبرغم اشادته بالاتفاق الأخير بين بغداد واربيل الا ان رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي لا يبدي تفاؤلا كبيرا مستندا الى ان سقف مطالب الإقليم كثيرا ما ارتفع في الاتفاقات السابقة، وغالبا ما تسبب في اعادة الأمور الى المربع الأول بحسب قوله. ولفت الهاشمي الى تأثير العوامل الخارجية الضاغطة التي دفعت الإقليم لتنسيق العمل مع بغداد مشيرا في حديثه لإذاعة العراق الحر الى موقف الولايات المتحدة ودول أخرى إزاء شرعية تصدير الإقليم لنفطه بدون موافقة بغداد.
وكان وزير النفط عادل عبد المهدي، قال في بيان السبت إن الاتفاق الاخير مع حكومة اقليم كردستان يمثل البدء بأولى الخطوات لإعادة بناء الثقة وحل الخلافات بشكل شامل وعادل ودستوري بعد ان تصاعدت الازمة، وشكلت شرخاً يهدد ليس المصالح الاقتصادية والامنية والسياسية فحسب، بل يهدد الوحدة الوطنية ايضاً".
في غضون ذلك، رحبت الأمم المتحدة، بالاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق معتبرة أنه خطوة أولى مهمة.وقال ممثل الأمين العام للمنظمة الدولية في العراق، نيكولاي ملادينوف في بيان الجمعة ان هذا الاتفاق يعتبر خطوة أولى مهمة نحو إيجاد حل شامل وعادل ودستوري لجميع القضايا العالقة، مشيراإلى أنه سيسمح الآن لموظفي الإقليم في تسلم رواتبهم، فيما لفت إلى أن هذا الاتفاق سيجعل كردستان تستأنف مساهمتها في الموازنة الفدرالية.
خبير: الازمات لا تؤدي الى تنمية وتطوير
ومن ناحية اقتصادية يرى الخبير ماجد الصوري في الاتفاق النفطي إيجابيات متبادلة بين الحكومة الاتحادية والاقليم ومؤشرا عن إدراك الجميع بان الازمات لا تؤدي الى بناء تنمية وتطوير، وأن من شان الاتفاق ان يرفع مدخولات العراق من النفط بنسب ملموسة تساعد في ترميم الارتباك في الوضع المالي والمستحقات الجديدة. وأشاد الخبير الاقتصادي بالاتفاق كخطوة تعكس اهتمام وزارة النفط والحكومة العراقية بشكل عام بتعزيز مفهوم ملكية الشعب العراقي للنفط وتعزيز الدور الإداري للمحافظات بهذا الجانب
وكان رئيس حكومة إقليم كردستان نيجرفان بارزاني أكد في مؤتمر صحفي في أربيل يوم الحادي عشر من الشهر الجاري على ان أفضل الحلول بالنسبة للإقليم تكمن في التوصل الى اتفاق مع الحكومة العراقية في مجال قطاع النفط والقضايا المتعلقة بتصديره، من أجل انهاء المشاكل العالقة بين الطرفين، كاشفا عن ان أربيل تأمل في أن يتم تصدير 450 الف برميل نفط يومياً من آبار الاقليم بحلول نهاية العام الحالي، وتتجه لزيادتها الى 800 ألف برميل يوميا نهاية العام المقبل.
الى ذلك دعا الخبير الاقتصادي ماجد الصوري الى إعادة تقييم العقود النفطية التي وقعتها الحكومة الاتحادية مع الشركات النفطية فضلا عن تدقيق عقود المشاركة والخدمة التي وقعتها حكومة إقليم كردستان بعيدا عن بغداد.
ترى هل سيكون ربيعا دائما، الاتفاق الأخير بين بغداد واربيل، أم قصيرا مثل طقس الربيع العراقي؟ هكذا تساءل رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي لافتا الى ان مشاركة الكرد في القرار السياسي والاقتصادي والأمني العراقي بشكل مباشر ومسؤول، تعني مشاركتهم في المسؤولية الكاملة خصوصا على صعيد الازمة المالية التي تواجه العراق حاليا.
شارك في الملف الصوتي مراسلا إذاعة العراق الحر في بغداد حازم الشرع وبراء عفيف.