مع حلول موسم الشتاء وهطول الامطار، ما زال النازحون بانتظار توفير مأوى آمن يقيهم ظروف الجو القاسية، وبشكل مؤقت لحين عودتهم الى مناطق سكناهم بعد تحقيق الامن والامان فيها. ومع حلول الموسم الدراسي الجديد بدأت مشكلة الطلبة النازحين الذين تبلغ اعدادهم عشرات الالاف، سواء في المدارس الابتدائية والثانوية او طلبة الكليات والجامعات.
ووجدت عائلات نازحة ضالتها في المناطق التي نزحت اليها، ودمج ابنائها مع طلبة المدارس في تلك المناطق، في وقت ما زالت هناك اعداد كبيرة من العائلات غير قادرة على الحاق أبنائها الطلبة بالدراسة، لأنها ما زالت تسكن في جوامع وحسينيات ومدارس، فضلاً عن وجود طلبة جامعيين يرفضون الذهاب الى الجامعة وهم يعيشون في مثل هذه الظروف.
ويقول المواطن كريم جواد سليمان ان عائلته نزحت من قضاء تلعفر بعد سيطرة مسلحي (داعش)، وانه يعيش حاليا بشكل مؤقت في مدينة الحرية ببغداد، مشيراً الى ان لدية اربعة اولاد، اثنان منهم في الابتدائية باشرا الدوام في احدى المدارس القريبة من بيتهم المؤقت، والاخر طالب في الاعدادية، اما الابن الرابع فقد اكمل الاعدادية ولم يلتحق بالجامعة لانه يعين والده في العمل بالاجور اليومية. وتحدث سليمان عن وجود عدد هائل من الطلبة لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس هذا العام.
2014 - 2015 سيكون عاماً دراسياً صعباً على الطلبة النازحين ... ناشط
ويشير عضو المفوضية العراقية لحقوق الانسان فاضل الغراوي الى المشاكل التي واجهتها مديريات التربية في المحافظات التي شهدت كثافة في العائلات النازحة وعدم تمكنها من استيعاب الطلبة النازحين. ويؤكد الغراوي ان الحكومة اصدرت تعليمات تقضي بالزام المدارس والجامعات بقبول الطلبة النازحين، الا ان بعض الجامعات لم تلتزم بالتوجيهات وما زالت اعداد كبيرة غير قادرة على الالتحاق بالدراسة.
ويرى الغراوي ان قضية عدم قدرة الجامعات والمدارس على استيعاب الطلبة النازحين اصبحت مشكلة عامة بحجة عدم توفر المقاعد الدراسية والمناهج، فضلاً على رفض بعض الكليات استقبالهم بحجة اختلاف المناهج في الاختصاص نفسه، ما دفع الطلبة الى تقديم شكاوى عديدة الى لجنتي التعليم والتربية البرلمانيتين والى وزارتي التعليم والتربية.
وبين الغراوي ان مفوضية حقوق الانسان شكلت لجنة لمتابعة احوال الطلبة النازحين ووجدت بعد المتابعة ان اغلب المدارس هي بالاساس مكتظة بالطلبة لقلة المباني، وبالتالي هي غير قادرة على استيعاب اعداد اكبر، منتقدا المؤسسات التربوية لعدم تمكنها من ايجاد المعالجات الناجعة في هذا الصدد. وشدد على ان العام الدراسي 2014-2015 سيكون عاما صعبا على الطلبة النازحين.
العراق بحاجة الى دعم دولي من اجل بناء المدارس واستيعاب الطلبة، وبخاصة النازحين منهم ... نائب
يعاني العراق من مشكلة قلة المباني المدرسية رغم الاموال التي رصدت لقطاع التربية منذ سنوات الا ان الوزارات المتعاقبة اخفقت في تقليص اعداد المدارس الطينية والتي تبلغ نحو 700 مدرسة، كما لم تفلح في زيادة اعداد المباني المدرسية فظل الطلبة في مناطق عديدة من البلاد في مدارس بدوام ثنائي او ثلاثي ما اثر على العملية التربوية بشكل عام. ويواجه العراق اليوم تحديا حقيقيا بسبب اعداد الطلبة النازحين الذين نسبة كبيرة منهم لم تجد مقاعد دراسية.
ويؤكد عضو لجنة حقوق الانسان البرلمانية حبيب الطرفي ان العراق بحاجة الى دعم دولي من اجل بناء المدارس واستيعاب الطلبة وبخاصة النازحين منهم، مشيرا الى الحلول التي قامت بها المحافظات من خلال توفير مدارس من الكرفانات. وبين الطرفي ان المشكلة تكمن ايضا في عدم تواجد النازحين بمناطق معينة فهم ينتشرون في مراكز واقضية وقرى المحافظات ما يجعل صعوبة في توفير مدارس خاصة بهم، مبينا ان كل الحلول هي وقتية مرهونة باندحار (داعش) وعودة النازحين الى مناطقهم.
من جهتها تؤكد وزارة التربية ان هناك الالاف من طلبة المدارس النازحين في اقليم كردستان اضافة الى طلبة الجامعات، ولم تتمكن المدارس في الاقليم من استيعابهم بما فيها المدارس التي افتتحت لهم في محافظات الاقليم، وقد وجه وزير التربية بتأجير ابنية اضافية سواء في الاقليم وباقي المحافظات لاستيعاب الطلبة.
ويؤكد مدير دائرة التخطيط المدرسي في الوزارة نايف ثامر ان وزارة التربية افتتحت 23 مدرسة، بواقع 12 مدرسة ابتدائية و 23 مدرسة ثانوية، وفي اربيل 5 مدارس ابتدائية و 14 مدرسة ثانوية وهناك تنسيق مع مديرية تربية اربيل لزيادة اعداد المدارس، اما في باقي المحافظات ومنها محافظات الوسط والجنوب فقد امّنت وزارة التربية مدارس كرفانات للطلبة وهي ساعية لافتتاح اكبر عدد منها، مبيناً ان الوزارة أخذت في نظر الاعتبار وضع بعض الطلبة التركمان الذين لا يتحدثون العربية بسبب ان دراستهم كانت باللغة التركمانية.
واشار عضو لجنة التربية البرلمانية عن التحالف الكردستاني النائب سيروان عبد الله الى مشكلة المدارس في اقليم كردستان، مبينا ان اكثر من 400 مدرسة شغلتها العائلات النازحة للسكن، وكان الاقليم هو الاخر يعاني من قلة المباني المدرسية قبل ازمة النزوح. وبين انه اقترح على اللجنة القيام بجولات تفقدية لمدارس النازحين وايضا الوقوف على بعض المدارس التي لم يتم ترميمها بالشكل الصحيح، وايضا تفقد المناطق التي لا تتوفر فيها مباني مدرسية ولو بالايجار. ودعا النائب سيروان عبد الله وزارة التربية مراعاة الوضع النفسي للطلبة النازحين والمشاكل التي يعانون منها بسبب النزوح والسكن، وايضا عدم التحاق اعداد كبيرة منهم لعدم توفر المدارس الكافية لاستيعابهم.