تَـــتضافر الجهودُ الإقليمية والدولية لدحر تنظيم الدولة الإسلامية مع تجديد الرئيس باراك أوباما القول إن التحالف الدولي عازمٌ على مواصلة استهداف مواقع هذا التنظيم في العراق وسوريا وتصريح رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي في بغداد بأن موازين الحرب بدأت تنقلب ضد داعش.
هذا فيما تَـعــززت إقـــليمياً خطواتُ محاربة هذا التنظيم بقرارِ دولة الإمارات العربية المتحدة إدراجَــــهُ رسمياً في لائحة المنظمات الإرهابية. ونُقل السبت عن مرسوم حكومي في أبو ظبي أن مجلس الوزراء الإماراتي قرر تصنيف عشرات الجماعات المتشددة الأخرى التي ينشط معظمها داخل سوريا، ومن أبرزها جبهة النصرة، بأنها إرهابية.
وأفادت وكالة أنباء الإمارات (وام) بأن اللائحة تضمّ 83 مجموعة إسلامية تنشط على المستوى العالمي ويقاتل القسم الأكبر منها على الأراضي السورية، ومن بينها تنظيم الدولة الاسلامية وجماعة الإخوان المسلمين وتتظيم القاعدة بالإضافة إلى أنصار الله الحوثيين في اليمن.
الإمارات هي من الدول الأعضاء في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة داعش في العراق وسوريا، وشاركَت طائراتُـها المقاتلة منذ آب الماضي بتنفيذ عدد من الضربات الجوية على مواقع هذا التنظيم. ومن بين الجماعات الأخرى التي أدرجَـــتها الإمارات على لائحة المنظمات الإرهابية مجموعات إسلامية في تونس وليبيا منها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة أنصار بيت المقدس المصرية التي أعلنت أخيراً ولاءها لداعش بالإضافة إلى حركة طالبان الأفغانية وجماعة بوكو حرام النيجيرية وغيرها من المجموعات التي تنشط في مالي وباكستان. كما تشمل اللائحة جمعيات إسلامية في دول أوروبية عدة.
في الأثناء، أكد الرئيس باراك أوباما أن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية لا يسعى لضمّ حكومة الرئيس السوري بشار الأسد إلى صفوفه. لكنه أعلن أن إدارته أبلغت دمشق ألا تتعرض لطائرات التحالف التي تقوم بعمليات في الأجواء السورية ضد مقاتلي داعش، قائلاً خلال مؤتمر صحفي في برزبين بأستراليا الأحد (16 تشرين الثاني) إثر ختام قمة مجموعة العشرين:
"أبلغنا النظام السوري بأنه عندما نلاحق تنظيم الدولة الإسلامية في مجالهم الجوي فإنه من الأفضل لهم ألا يهاجموننا. ولكن عدا عن ذلك، ليس ثمة توقعات بأننا سوف نتحالف بطريقةٍ ما مع الأسد فهو يفتقد المصداقية في ذلك البلد."
أوباما استبعدَ أيضاً التوصل إلى حل سياسي للحرب الأهلية السورية يتضمن بقاء الأسد في السلطة، نافياً تقارير أشارت إلى أن إدارته قامت بمراجعة شاملة لسياستها العسكرية في سوريا. لكنه أقرّ بأن "طبيعة الدبلوماسية" تستوجب أن تتعامل واشنطن في نهاية المطاف مع بعض خصومها لإحلال السلام في سوريا، مضيفاً القول:
"في مرحلةٍ ما، سيتعين على شعب سوريا واللاعبين المختلفين المعنيين واللاعبين الإقليميين أيضاً - تركيا وإيران ومن يرعون الأسد مثل روسيا - المشاركة في حوار سياسي"، بحسب تعبيره.
أوباما جدد عزم التحالف الدولي على مواصلة جهود محاربة داعش غداة تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي أمام الجنود الأميركيين خلال زيارة مفاجئة لبغداد السبت بأن موازين الحرب بدأت تنقلب ضد هذا التنظيم لكنه توقع حملة طويلة تستمر عدة سنوات.
ديمبسي يزور العراق للمرة الأولى منذ أن أمَر أوباما بعودة القوات الأميركية إلى البلد الذي انسحبت منه عام 2011 وذلك لمواجهة تقدم مسلحي داعش.
وأجاز أوباما الأسبوع الماضي مضاعفة عدد العسكريين الأميركيين في العراق تقريباً مع توسّع الجيش في نشر مستشاريه للقيام بمهماتٍ تتركز على تدريب القوات العراقية.
ونقلت رويترز عن أرفع قائد عسكري أميركي القول إن من المهم إظهار أن تنظيم داعش ليس قوة لا تقهر ولا يمكن أيقافها بل أنها "مجموعة من الأقزام تتبنى في واقع الأمر فكراً متطرفاً". كما أصرّ على أن القوة العسكرية لن تقضي على داعش ما لم تنجح الحكومة العراقية في إنهاء الانقسام بين السنة والشيعة في البلاد، بحسب تعبيره.
وبعد محادثاته مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ووزير الدفاع خالد العبيدي ومسؤولين كبار آخرين في بغداد توجّه ديمبسي مساء السبت إلى أربيل حيث التقى رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني وقادة عسكريين في قوات البشمركة.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور سعدي كريم العزاوي اعتبر في تعليقات لإذاعة العراق الحر زيارة ديميسي بأنها "روتينية" رغم عدم الإعلان عنها مسبقاً وذلك "على اعتبار أنه جاء ليرى مدى نجاح خطة الولايات المتحدة الأميركية للقضاء على داعش عبر الضربات الجوية وأكد في تصريحاته أن ثمة نجاحات تتحقق على مستوى الأرض على اعتبار أن الجيش العراقي تمكن من تحقيق بعض الانتصارات الميدانية...".
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي عن موضوعاتٍ أخرى ذات صلة. كما لاحـــَظ أن إشارة ديمبسي إلى ضرورة أن يقوم العراقيون أنفسهم بتحرير الأراضي التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية جاءت أيضاً للتأكيد من العاصمة العراقية بأن أهداف خطة التحالف "تتمثل في تقديم دعم دولي للعراق وليس للقتال نيابةً عن العراقيين".
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقطعيْن من المؤتمر الصحفي للرئيس باراك أوباما في ختام قمة مجموعة العشرين، إضافةً إلى مقابلة مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. سعدي كريم العزاوي.