يثير إعلان جماعة أنصار بيت المقدس في مصر، ولائها لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ومبايعة زعيمه أبو بكر البغدادي، التساؤلات حول إمكانية تمدد هذا التنظيم ووصوله الى دول عربية أخرى بعد سيطرته على مناطق واسعة في العراق وسوريا.
وبحسب رأي اللواء هاني عبد اللطيف الناطق باسم وزارة الداخلية المصرية فأن مبايعة جماعة أنصار بيت المقدس لزعيم تنظيم "داعش" لن يحدث فارقا في محاربة مصر للإرهاب، فيما مواطنون مصريون يستبعدون تمدد تنظيم "داعش" داخل الاراضي المصرية، مؤكدين قدرة الحكومة المصرية على مواجهة الإرهاب.
ويقول المواطن هشام صالح إن تنظيم "داعش" يمكن أن يثير القلق في مصر لكنه لن يتمكن من السيطرة على اراضي كما حصل في العراق وسوريا، محملاً الولايات المتحدة ودول إقليمية مسؤولية ظهور "داعش" لتنفيذ مشروع مخابراتي لتقسيم الدول العربية. ويؤمن المواطن أحمد سمير أيضاً بنظرية المؤامرة ويؤكد أن "داعش" أخطر من إسرائيل على الدول العربية معرباً عن إستغرابه من عدم تحرك القوات البرية حتى الآن لتحرير المناطق التي سقطت بيد مسلحي "داعش" في العراق وسوريا. أما المواطن مصطفى جمال فيرى أن "داعش" وجماعة أنصار بيت المقدس هي جماعات إرهابية، والإرهاب لا دين له.
يُذكر أن جماعة انصار بيت المقدس وهي أكبر جماعة إسلامية متشددة في مصر صعدت هجماتها ضد أفراد الجيش والشرطة في منطقة سيناء على حدود اسرائيل وغزة.
وإعلنت الحكومة المصرية الشهر الماضي عن إقامة منطقة عازلة بطول 13.5 كيلومتر وعمق 500 متر بهدف وقف تهريب اسلحة عبر الانفاق من غزة الى متشددين متمركزين في سيناء. وجاء هذا الاجراء بعد هجومين يوم 24 تشرين الاول اكتوبر الماضي قتل فيهما أكثر من 30 شخصاً من افراد الامن في سيناء ، وهي اكثر الحوادث دموية منذ ان عزل الجيش الرئيس السابق محمد مرسي العام الماضي عقب احتجاجات حاشدة مطالبة بتنحيته.
ويرى الخبير الأمني المتخصص في شؤون مكافحة الإرهاب اللواء شهاب مختار أن تدخل الجيش المصري في العمليات الامنية ضد الإرهابيين في منطقة سيناء كان ضرورياً للقضاء على الإرهاب لكن العملية ستطور بسبب إختلاف الاساليب التي تتبعها الجماعات المسلحة.
تنظيم "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية خرجت من عباءة الفكر المتطرف لجماعة "الإخوان المسلمين" ... خبير أمني
ويشير مختار الى أن أمن مصر القومي لا يقف عند الحدود المصرية بل يمتد الى دول المشرق والمغرب العربي، معرباً في الوقت نفسه عن أمله بأن يُعقد مؤتمر أمني موسع يضم كافة الدول العربي لوضع إستراتيجية موحدة وشاملة لمحاربة "داعش" وخلع جذور الإرهاب لأن "داعش" لم يعد خطراً على العراق وسوريا فقط بل على كافة الدول العربية والغربية.
ومن وجهة نظر الخبير الأمني شهاب مختار الذي تحدث الى مراسل إذاعة العراق الحر في القاهرة، تنظيم "داعش" وغيرها من التنظيمات الإرهابية خرجت من عباءة الفكر المتطرف لجماعة "الإخوان المسلمين"، التي لها تاريخ طويل من أعمال العنف والاغتيالات والتفجيرات، مشيراً الى أن هذه الجماعة الدولية هي التي توفر الدعم المالي لـ"داعش" والتنظيمات الارهابية الأخرى، حتى بعد أن وصلت الى السلطة في مصر شجعت مقاتلين من دول عربية على دخول منطقة سيناء، ولها علاقات بتنظيم "داعش" داخل العراق وسوريا واليمن.
حسن أبو هنية:
تشكلت جماعة أنصار بيت المقدس في 2011 شمال سيناء بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك. وقبل الإطاحة بالرئيس محمد مرسي كانت الجماعة تستهدف إسرائيل وتهاجم الأنابيب التي تزودها بالغاز من مصر. كما أطلق مسلحوها في كانون الثاني الماضي قذيفة على منتجع إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر. وتبنت الجماعة عمليات سابقة ضد قوات الأمن، وتوعدت في تسجيل صوتي الجيش المصري بمزيد من الهجمات محذرة المصريين من الانضمام لصفوفه.
وبإعلان جماعة أنصار بيت المقدس مبايعة تنظيم "داعش" وزعيمها البغدادي، تكون الجماعة قد قررت أن تحول من نهجها وأساليبها لتكون ذراع لهذا التنظيم داخل مصر، بعد أن أصبحت إمارة تابعة للدولة الإسلامية ملزمة بطاعة البغدادي والإمتثال لأوامر التنظيم، بحسب حسن أبو هنية الباحث المختص بشؤون الجماعات الإسلامية، الذي أوضح أن جماعة أنصار بيت المقدس كانت على تواصل مع تنظيم الدولة منذ اندلاع الصراع بين داعش والنصرة.
انصار بيت المقدس هي ليست الجماع الأولى في مصر التي تعلن ولاءها لتنظيم "داعش" ... حسن أبو هنية
ولا يتفق الباحث حسن أبو هنية مع الخبير الأمني شهاب مختار في أن تنظيم "داعش" خرج من عباءة جماعة "الإخوان المسلمين"، فهو يرى بأن تنظيم القاعدة هو الأقرب للاخوان المسلمين من تنظيم "داعش" الذي يتبع الخط الايديولوجي لجماعة أنصار بيت المقدس وهو مرجعية السلفية الوهابية.
ولا يستبعد أبو هنية تمدد تنظيم "داعش" في مصر وتجنيده للمزيد من الأنصار من الأخوان المسلمين أو من غيرها من الجماعات الإسلامية المتطرفة، في حال غياب حل سياسي للأزمة في مصر وتراجع العملية الديموقراطية.
ويضيف أبو هنية أن انصار بيت المقدس هي ليست الجماعة الأولى في مصر التي تعلن ولاءها للتنظيم، لكنها أول جماعة متكاملة تعلن البيعة حيث كان هناك بيعات سابقة مثال في الجزائر أعلنت مجموعة جند الخلافة الجزائرية ولائها للبغدادي وشخصيات من حركة "طالبان" الباكستانية، كما أعلنت العديد من الحركات الأخرى دعمها لتنظيم "داعش" مثل بوكو حرام في نيجيريا وحركة " الوحدة والجهاد في غرب أفريقيا" والقاعدة في اليمن.
ويتوقع الباحث أبو هنية الذي تحدث لإذاعة العراق الحر من العاصمة الأردنية عمان، توقع مبايعة المزيد من التنظيمات الإسلامية المتطرفة في المنطقة لتنظيم "داعش" لتنتقل من مرحلة ايذاء للقوات الامنية الحكومية في بلدانهم الى مرحلة بسط النفوذ والسيطرة على اراضي كما يفعل تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا.
ساهم في إعداد البرنامج مراسل إذاعة العراق الحر في القاهرة أحمد رجب.