رحبّت بغداد رسمياً بوصول طلائع المدربين العسكريين الإضافيين الذين أمَــر الرئيس باراك أوباما بإيفادهم في إطار جهود التحالف الدولي لمساعدة القوات العراقية في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
وأوضح بيان الترحيب الذي أصدره المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي السبت (8 تشرين الثاني) أن موافقة التحالف الدولي على المساعدة في تدريب وتسليح القوات الأمنية جاءت استجابةً لطلب الحكومة العراقية، مُنوهاً إلى إن وصول المدرّبين الأميركيين يأتي بعد تحديد "أربعة إلى خمسة معسكرات عراقية للتدريب".
البيان لم يخلُ من الإشارة إلى وصف الخطوة بأنها "متأخرة بعض الشيء" رغم تأكيده أنها تجيء في "السياق الصحيح". كما شدد في الوقت ذاته على
"أن تسليح العشائر يتم من قبل الحكومة العراقية حصراً ضمن منظومة الحشد الشعبي وتحت إشراف القوات الأمنية العراقية"، مؤكداً أنه لن يُسمح "لأي سلاح خارج إطار الدولة"، بحسب تعبير البيان المنشور على موقع العبادي.
وكان البيت الأبيض أعلن الجمعة أن أوباما أجازَ إرسال ما يصل إلى 1500 جندي أميركي إضافي في مهمة غير قتالية لتدريب الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية لمواجهة تنظيم داعش ومساعدتها في التخطيط للعمليات.
بيانُ الرئاسة الأميركية أوضح أن الإجراء الذي سيضاعف تقربياً عدد الجنود الأميركيين في العراق يأتي "ضمن استراتيجيتنا لدعم الشركاء على الأرض".
وأفيد بأن وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل نصح الرئيس باتخاذ هذه الخطوة بناءً على طلبٍ حكومي عراقي وعلى تقييمٍ أجرته القيادة الأميركية الوسطى المسؤولة عن عمليات الشرق الأوسط.
وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أعلنت من جهتها أن التدريب سيشمل 12 كتيبة عراقية، منها تسع للجيش النظامي وثلاث لقوات البشمركة. وسيقوم بعض المستشارين العسكريين بمساعدة القوات العراقية في وضع خطط عملياتية فيما سيُجرى تدريب هذه القوات في مناطق العراق كافة. وللمرة الأولى سيتم نشر جنود أميركيين خارج بغداد وأربيل حيث هم موجودون حالياً.
وأعلن مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض أن إدارة أوباما ستطلب من الكونغرس تخصيص 5,6 مليار دولار للعمليات في العراق وسوريا تتضمن 1,6 مليار دولار لصندوق جديد "لتدريب وتجهيز الجيش العراقي".
الناطقان باسم البيت الأبيض جوش إرنست والبنتاغون الأميرال جون كيربي شددا على أن الجنود الأميركيين الإضافيين الذين يوفَدون إلى العراق في مهمة غير قتالية لن يشاركوا في معارك على الأرض. لكن كيربي أوضح أنه سيكون بإمكان هؤلاء الأفراد "الدفاع عن أنفسهم". ونُقل عنه القول إن دولاً عدة في التحالف ضد الجهاديين في العراق وسوريا ستشارك في مهمات تقديم المشورة العسكرية وتدريب القوات العراقية، مشيراً على سبيل المثال الى الدنمارك التي وعدت بإيفاد 120 مدرباً وبريطانيا التي أعلنت الأربعاء الماضي أنها سترسل مستشارين عسكريين إضافيين الى العراق.
يُـــــشار إلى وجود نحو 1400 جندي أميركي في العراق حالياً بينهم 600 مستشار عسكري في بغداد وأربيل و800 جندي يتولون أمن السفارة الأميركية ومطار بغداد.
الأميرال كيربي قال في تصريحاته للصحافيين في مقر البنتاغون الجمعة (7 تشرين الثاني):
"ليست هناك نــيـّــة لوضع المدرّبين في الميدان مع هذه الوحدات العراقية بعد تدريبها. لم يتغير شيء في السياسة بأنه لن تكون هناك إعادة للقوات الأميركية بدور قتالي في العراق."
وأضاف كيربي:
"أغلب عدد القوات المكلّفة مهمة تقديم المساعدة والمشورة في العراق لن يكونوا في الواقع مستشارين. سوف يكونون من أفراد القوة والحماية فضلاً عن القيادة والسيطرة والخدمات اللوجستية. لذا، هنالك خطر بطبيعة الحال. والقليل جداً مما نقوم به لا يترتّب عليه خطر، لكننا نحاول التخفيف بقدر المستطاع. وأريد أن أؤكد أن هؤلاء المدربّين سوف يعملون في مواقع ثابتة، وهي مواقع نقوم الآن بمسحها. وستكون حماية القوة في رأس أولويات قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال لويد أوستن فيما يُجرى اختيار هذه المواقع. وفي حال وجود حاجة للقيام بأي تحسينات، سوف يتم ذلك مع أخذ هذه الأولوية بنظر الاعتبار"، على حد تعبيره.
وفي تصريحاتٍ منفصلة أدلت بها خلال مؤتمرها الصحفي اليومي الجمعة بالتزامن مع تصريحات كيربي في البنتاغون، أجابت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر ساكي عن سؤال يتعلق بالمساعدات العسكرية الإيرانية إلى العراق، قائلةً:
"نحن ندرك بالطبع أن إيران قد أرسلت بعض العاملين إلى داخل العراق حيث يدرّبون ويقدمون المشورة لبعض قوات الأمن العراقية، بالإضافة إلى العمل مع ميليشيات شيعية وهو ما يثير قدراً أكبر من القلق. ونحن نعلم أيضاً أن إيران قدّمت بعض الإمدادات والأسلحة والذخائر والطائرات للقوات المسلّحة العراقية. ونحن نُــــقدّر بالطبع خطورة الوضع الأمني في العراق والأعمال الوحشية التي يرتكبها تنظيم داعش، لكننا أعربنا سابقاً عن مخاوفنا بشأن الأنشطة الإيرانية والتقارير التي تفيد بتدفق السلاح الإيراني إلى العراق، وهذا الأمر ينطبق بالتأكيد هنا كذلك"، بحسب تعبيرها.
وفي تحليله لأسباب قرار واشنطن إرسال مدربين عسكريين إضافيين إلى العراق، قال الباحث في الشؤون الإستراتيجية الدكتور أمير جبار الساعدي لإذاعة العراق الحر "فيما يبدو ليست الحاجة وحسب بل هناك أكثر من مشورة فنية قد وضعتها مراكز عمليات البنتاغون بعد أن أرسلت أول وجبتين للمستشارين والخبراء الأمنيين إلى العراق وكان تقويمها الأول لإمكانات وقدرات الجيش العراقي أنه لا يستطيع حتى الدفاع عن العاصمة بغداد وأبعد نقطة يمكن أن تكون تحت طائلة تلك التنظيمات هي منطقة مطار بغداد...".
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الساعدي عن موضوعات أخرى ذات صلة. كما أجاب عن سؤال يتعلق بمغزى تصريحات الناطقة باسم الخارجية الأميركية في شأن المساعدات العسكرية التي تقدمها إيران إلى العراق وما إذا كان قرار واشنطن إيفاد مستشارين إضافيين مرتبطاً بهذا الموضوع.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقاطع صوتية من تصريحات الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الأميرال جون كيربي والناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر ساكي في واشنطن، إضافةً إلى مقابلة مع الباحث في الشؤون الإستراتيجية د. أمير جبار الساعدي متحدثاً من بغداد.