استضافت العاصمة الألمانية برلين مؤتمر دولياً الثلاثاء لبحث أزمة اللاجئين السوريين والدول التي تستضيفهم منذ بدء الصراع في سوريا قبل أكثر من ثلاثة أعوام.
وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير صرح ان مؤتمر برلين يعتزم ابداء تضامنه ازاء الدول المجاورة لسوريا التي تواجه تدفقا كثيفا للاجئين.
وقال شتاينماير، إن جزء من الحقيقة الكاملة هي أن الحرب الأهلية في سوريا لم تنته بعد، وأن الناس مستمرون بالفرار من البلاد. لافتاً الى أن الهدف من عقد مؤتمر برلين هو إرسال رسالة تضامن مع اللاجئين، ومع البلدان التي تستقبلهم، خصوصا لبنان ".
أنطونيو جوتيريس مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، الذي شارك في مؤتمر برلين، وصف بدوره أزمة اللاجئين السوريين بأنها "أكبر أزمة إنسانية يواجهها العالم منذ فترة طويلة".
وتقدر الأمم المتحدة عدد اللاجئين السوريين بما يزيد عن 3.2 مليون لاجئ في دول الجوار، ولا سيما في تركيا ولبنان والأردن والعراق.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين في العراق أكثر من 225,000 لاجيء.
ويستضيف الأردن 1.5 مليون لاجئ ومهاجر سوري إما بسبب الأوضاع السياسية أو الاقتصادية بحسب وزير الخارجية الأردني ناصر جودة الذس قال في كلمة له خلال مؤتمر برلين، إن طاقة الأردن والدول الأخرى المجاورة لسوريا على استضافة اللاجئين كادت أن تصل إلى مداها جراء احتياجاتهم الضخمة من اسكان ومدارس ووظائف ورعاية صحية في الوقت الذي تندر فيه الموارد.
أما لبنان فيستضيف اكثر من 1,1 مليون سوري، في حين يُقدر تعداده السكاني باربعة ملايين نسمة، وشهد البلد اعمال عنف بسبب الصراع في سوريا، مااضطر الحكومة اللبنانية وفي أطار استراتيجيتها للحد من مخاطر اللجوء السوري على لبنان الى إتخاذ قرار إيقاف إستقبال اللاجئين السوريين.
رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أعتبر ان التدفق اللاجئين يشكل التحدي “الاكبر والاخطر الذي يواجهه لبنان اليوم." مطالباً المجتمع الدولي بدعم لبنان ماليا لتخطي أزمة النازحين.
وأضاف سلام في كلمته أمام المؤتمر، قائلا إنها "مأساة يومية تؤثر على الحياة ليس فقط على حياة السوريين المجبرين على مغادرة منازلهم وقراهم وأحيائهم، ولكن أيضا على حياة مواطنينا الذين يستضيفونهم."
سلام أكد أن أزمة اللاجئين السوريين كانت السبب في إرتفاع مستويات البطالة والفقر في لبنان.
تركيا التي تستضيف أكثر من 1.6 مليون لاجئ سوري، ترى أن المجتمع الدولي لم يقم بدوره المطلوب في قضية اللاجئين السوريين.
وقال نائب وزير الخارجية التركي ناجي كورو إن "الدول المجاورة لسوريا وبينها تركيا اضطرت إلى تحمل حصة غير عادلة من العبء الإنساني الناتج عن النزاع في سوريا."
وأضاف "أن الإسهامات التي تلقيناها من المجتمع الدولي هي فقط 250 مليون دولار والتي كانت أقل بكثير من توقعاتنا." على حد تعبيره.
وتتضارب الأرقام المعلنة عن أعداد اللاجئين السوريين، فوزير الخارجية مولود شاويش أوغلو قدّر عددهم بمليون ونصف المليون و رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان الذي زاد العدد إلى مليونين أما الناطق باسم الجكومة بولنت أرينج أكد أن العدد تجاوز المليونين .
فيما يتنافس المسؤولون الأتراك في تقدراتهم للتكلفة المالية التي تتراوح بحسب التصريحات بين ستة مليارات وعشرة مليارات دولار.
ويفيد مراسل إذاعة العراق الحر في أنقرة دانيال عبد الفتاح أن حركة النزوح عبر الحدود ماتزال مستمرة و هي مرشّحة للزيادة مع إرتفاع وتيرة الهجمات الإرهابية من مسلّحي الدولة الإسلامية و تركيز هجماتهم على المدن والمناطق ذات الغالبية الكردية، كما هو الحال في كوباني والقرى المجاورة في ريف القامشلي وعفرين.
وترفع أنقرة الصوت عاليا في مطالبات ملّحة للحصول على حصّة السد من كعكة الدعم المالي المقدّم لدول الجوار التي تتحمل النصيب الأكبر من تبعات وأعباء النازحين.
ورغم وصف الحكومة التركية وضع النزوح والحالة المعيشية للنازحين بالأفضل مقارنة مع باقي دول الجوار السوري إلا الواقع يقول أن النازحين في تركيا لم يحصلوا على إمتيازات وحقوق اللاجئ في تركيا بسبب رفض الحكومة منحهم هذه الصفة والإصرار على تسميتهم بالضيوف الأمر الذي يفقدهم حقوقهم في الحصول على حق السكن والإقامة والمعونة المالية والتعليم و حق الحصول على الجنسية لاحقاً.
ويعاني النازحون من مشاكل بسبب الغلاء الفاحش وقلّة الأجور و يقولون أنهم يتعرّضون للإستغلال في سوق العمل التركي.
الحكومة السورية والمعارضة تغيبان عن المؤتمر
الصحفي مكسيم عيسى ذكر لإذاعة العراق الحر أن ممثلين عن أكثر من 35 دولة و11 منظمة دولية يشاركون في المؤتمر الذي عُقد تحت عنوان "مؤتمر حول وضع اللاجئين من سوريا - تعزيز استقرار المنطقة".
وأوضح عيسى عبر إتصال هاتفي من العاصمة برلين أن المؤتمر الذي غاب عنه ممثلو المعارضة والحكومة السورية يركز على دعم الدول التي تحتضن اللاجئين السوريين، لما يشكله وجود هؤلاء من ضغط كبير على البنية التحتية لهذه الدول.
وقد اطلقت نحو خمسين منظمة غير حكومية الاثنين الماضي نداء لمضاعفة المساعدة الانسانية للاجئين كما طالبت دولا غربية باستضافة ما لا يقل عن 180 الف لاجىء سوري اضافي.
تحذيرات دولية من تنامي حركة النزوح في العراق
وفي العراق الذي يستضيف أكثر من 200 الف لاجيء سوري هربوا من الصراع في سوريا أغلبهم يعيشون في مخيمات اللاجئين في مدن إقليم كردستان، تتنامى حركة النزوح الداخلي بسبب سيطرة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية داعش على الموصل ومناطق واسعة في الانبار وديالى وصلاح الدين.
مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية في جنيف، رشيد خاليكوف أكد خلال مؤتمر صحفي عُقد الإثنين في جنيف: "إن هناك 1.8 مليون شخص نزحوا في العراق منذ بداية العام الحالي نصفهم من الأطفال، بعضهم وجد المأوى لدى الأصدقاء والأقارب والبعض الآخر يعيش في العراء و800 ألف شخص بحاجة ماسة إلى مأوى، إذ بدأ فصل الشتاء وسقوط الأمطار الغزيرة المتكررة."
وكان الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي للشؤون الإنسانية هشام يوسف، زار العراق مؤخرا مع خاليكوف لإطلاع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي والمجتمع الدولي والجمهور بشكل عام على الأوضاع الإنسانية المتردية في العراق. وعقد الوفد لقاءات مع كبار المسؤولين في كل من حكومة العراق وكردستان ومحافظة دهوك، كما قام بزيارة للحدود التركية - العراقية حيث يصل الفارون من العنف في مدينة كوباني (عين العرب) خلال الأسبوعين الماضيين إلى 12 ألف لاجئ.
يوسف قال في المؤتمر الصحفي المشترك في جنيف إن داعش أو غيرها من الجماعات المتطرفة يمنعون مرور المساعدات الإنسانية، وهناك أماكن أخرى يصادرونها لأنفسهم.
يوسف الذي ناشد الدول المانحة بأن تكون أكثر سخاء في ظل الحاجات الإنسانية المتزايدة للشعب العراقي، أوضح أن التحدي الأكبر الذي يواجهونه هو تقديم المساعدة الإنسانية وإرسالها الى أماكن خاضعة لسيطرة إرهابيين أو مجموعات مسلحة أو جماعات متطرفة.
يُذكر أن الأمم المتحدة أطلقت الخميس الماضي خطة الاستجابة للمساعدات الإنسانية في العراق التي تستمر حتى كانون الأول ديسمبر 2015 وتبلغ تكلفتها 2.2 مليار دولار أمريكي، وكانت المنظمة الدولية للهجرة في جنيف دعت مجتمع المانحين إلى توفير مبلغ يصل إلى 295.5 مليون دولار من أجل الوفاء ببرنامج المنظمة لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة للمحتاجين في العراق حتى نهاية 2015.
وتقدر الأمم المتحدة بأن حوالي 5.2 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة في العراق بسبب القتال الدائر بين القوات الحكومية ومسلحي داعش.