يبدي صحفيون وناشطون قلقاً من إمكانية تمرير مشروع قانون "حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي" بصيغته التي أعدتها الحكومة السابقة، على خلفية تضمينه ما يعتبرونه "قيوداً تكبّل حرية التعبير في العراق".
ويقول هؤلاء الناشطون ان تشريع القانون بصيغته الحالية يعني العودة الى سياسة النظام السابق في حقبة ما قبل عام 2003، مشيرين الى ان نصوص القانون تضمّنت عقوبات شبيهة بتلك العقوبات التي يتضمنها قانون العقوبات العراقي، وهو امر يرفضونه.
ويشير رئيس النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين عدنان حسين الى ان مسودة القانون تم رفضها من قبل لجنة الثقافة والاعلام في مجلس النواب السابق، وبالتالي فانه يتوجب عدم تقديم المسودة نفسها التي رفضت في الدورة السابقة، مُبدياً استغرابه لاعادة مسودة القانون القديمة من اجل تشريعها، وبين انه استفسر عن السبب فجاءه الجواب بان مجلس النواب استلم كل مشاريع القوانين التي رفضت او لم ترفض وهو ينظر بها الان تمهيداً لاقرارها.
الحكومات المتعاقبة فرضت قيوداً عديدة على الحريات العامة، بينها منع حق الصحفيين في الوصول الى المعلومة ... عدنان حسين
ويؤكد حسين ان مسودة قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي تتضمن قيودا لحرية التعبير والتظاهر السلمي، ويشير الى انه يتعارض بهذا الأمر مع أحكام الدستور والمواثيق والشرائع الدولية التي قبلت بها الدولة العراقية، مشيرا الى ان القانون الجديد يتضمن قيام خمسة اشخاص او اكثر بتقديم طلب الى الجهات المختصة من اجل القيام بالتظاهرة في حين ان المجتمعات الديمقراطية يتم فقط اخطار السلطات باقامة التظاهرة.
ويقول حسين انه لا يطالب بحرية مطلقة وانما بقوانين تكفل الحريات والحياة المدنية السليمة في العراق، رافضاً ان تكون الاوضاع الامنية الراهنة سببا لتشريع قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي بصيغته القديمة التي تقيد حرية التعبير، وذكر ان الحكومات المتعاقبة فرضت قيوداً عديدة على الحريات العامة، بينها منع حق الصحفيين في الوصول الى المعلومة.
اعتراضات واعتصامات
اصدر ناشطون بيانات عديدة عبروا من خلالها عن رفضهم التام لتشريع قانون حرية التعبير بالصيغة القديمة، اذ اكدت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة "وقوفها بقوة بوجه المساعي الرامية إلى تشريع القانون، دون إجراء تعديلات عليها بما ينسجم مع الدستور العراقي والقوانين الدولية ومبادئ الديمقراطية الحقيقة".
نواب يبحثون عن المشاكل هم من قدموا المسودة القديمة للقانون دون تعديلها ... ابراهيم السراجي
ونبهت الجمعية الى أن مشروع القانون بصيغته الحالية "يعد مشروعاً للتصدي وبقوة لكل اشكال حرية التعبير عن الرأي والتظاهر، وخنق للحريات المدنية، كما أنه مشروع قانون للاعتداء على جوهر الحراك الشعبي والمدني في العراق".
ويؤكد رئيس الجمعية ابراهيم السراجي ان القانون كتب بعقلية رجل الامن، مبينا ان هناك بعض النواب ممن يبحثون عن المشاكل، بحسب تعبيره، هم من قدموا المسودة القديمة دون تعديلها، لافتاً الى ان لجنة الثقافة والاعلام البرلمانية ترفض هذه المسودة. وحذر السراجي من تنظيم اعتصامات واسعة سيقوم بها الصحفيون والناشطون ونواب متعاطفون معهم في حال اصرّت رئاسة مجلس النواب على اعتماد المسودة القديمة لمشروع القانون.
مسودة القانون تفتقد الى وحدة الموضوع وتتضمن مصطلحات تثير الالتباس في المعنى، وبخاصة فيما يتعلق بالرموز والشخصيات الدينية ... علي الشلاه
الى ذلك أكد الرئيس السابق للجنة الثقافة والاعلام البرلمانية في البرلمان علي الشلاه بان تشريع قوانين تتعلق بالحريات في ظروف غير طبيعية كرد فعل على العمليات الارهابية، سيؤدي بالضرورة الى التضييق على الحريات والى مشاكل مستقبلية لايمكن حلها بسهولة. وبين ان القانون يتحدث عن حرية التعبير وحق التظاهر، لكن المسودّة تتضمن نصوصا معظمها يتعلق بالمنع، كما يتضمن عقوبات عديدة لابسط حالات التجمعات.
وانتقد الشلاه مسودة القانون التي تفتقد الى وحدة الموضوع ويتضمن مصطلحات تثير الالتباس في المعنى، وبخاصة فيما يتعلق بالرمز الديني والشخصيات الدينية، لافتا الى ان ما يعد رمزا دينيا لشخصية ما، يعده اخرون شخصية سياسية، مشددا الى ان ما جاء في مشروع القانون لا يرقى الى مستوى الحقوق المدنية التي كفلها الدستور العراقي. ودعا الشلاه الى ضرورة مناقشة القضايا والقوانين المتعلقة بالحريات والحقوق المدنية في افق اوسع يشمل الناشطين والصحفيين والقانونيين عبر ندوات وورش عمل، وليس فس اطر سياسية محدودة.
تطمينات برلمانية
من جهتها، تؤكد عضوة لجنة حقوق الانسان البرلمانية النائبة اشواق الجاف ان مشروع قانون "حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي" لن يقر بالصيغة القديمة مهما كانت الضغوط، وتقوم بإرسال تطمينات الى الناشطين والصحفيين بان القانون لن يبقى بصيغته الحالية.
واوضحت الجاف ان تعديلات أجريت على المسودة القديمة، وبخاصة ما يتعلق بالمصطلحات المطاطة على سبيل المثال تغيير (طلب اجازة للتظاهر) الى اخطار او اشعار الجهات المختصة، وتقليص الفترة من خمسة ايام الى يومين او يوم واحد، بحسب ما سيتفق عليه مجلس النواب، مبينة ان اللجنة عقدت عدة اجتماعات مع منظمات مجتمع مدني لمناقشة مشروع القانون بشكل مفصل.
وشددت الجاف على عدم اقرار اية مسودة قانون تقيد حرية التعبير وتخلّ بالنظام العام، مشيرة الى ان النظام الداخلي لمجلس النواب يقضي باعادة مشاريع القوانين التي لم تشرّع من الصفر اي قراءتها القراءتين الاولى والثانية ومناقشتها ثم التصويت عليها.