مع أولى زخات المطر ايذانا بحلول فصل الشتاء بدا واضحا مدى ضعف معالجة ازمة نحو مليوني نازح، حسب تقديرات الأمم المتحدة، هربوا من القتال الدائر بين قوات الحكومة وتنظيم ما يعرف بالدولة الاسلامية شمال العراق وغربه، منذ حزيران الماضي الى مناطق اقليم كردستان ومحافظات الوسط والجنوب.
فالى جانب معاناة النزوح المتمثلة بالنقص الحاد في ابسط مستلزمات الحياة، والرعاية الصحية وغير ذلك، يواجه النازحون مصاعب جديدة تحدثوا عنها بانفسهم لاذاعة العراق الحر. فالمواطن سليم صالح تساءل إن كان عليه وامثاله من النازحين اتن يمضي الشتاء في خيام لا تقيهم من زخات المطر؟
وناشد الفتى بشار سالم النازح من قضاء الحمدانية الحكومة أن تجد حلا سريعا للنازحين الذين يسكنون الخيام.
معاناة النازحين حملناها الى وزارة الهجرة والمهجرين بوصفها الجهة الحكومية المعنية بالأمر، فجاء التعليق على لسان الناطق باسمها ستار نوروز الذي أكد أن مسؤولية ايواء النازحين ليست من اختصاص الوزارة، لافتا الى أنها لا تملك حتى إحصائات دقيقة باعدادهم، وأن عملها يقتصر على تسجيل النازحين وتقديم منحة المليون دينار لكل أسرة.
غير أن منظمات أممية واخرى تعمل في مجال الاغاثة المدنية بدا أن لديها إحصاءات بعدد الأسر النازحة الساكنة في المخيمات، كما أنها تطرح ما تعتقد أنها حلول سريعة لإنقاذهم من قضاء فصل الشتاء تحت خيمة متواضعة، وذلك عبر منحهم مبالغ مالية كافية تمكنهم من استئجار مسكن ضمن المجتمعات التي نزحوا اليها والاندماج معها، والحديث هنا لرئيس جمعية الهلال الاحمر العراقي ياسين العبيدي.
ورغم مطالبات المفوضية العليا لحقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني والحملة المدنية التي يقودها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بإيجاد كرفانات لإيواء النازحين وانقاذهم من قسوة فصل الشتاء، إلاّ أن هذه المطالبات لم تلق حتى الآن اية استجابة من الجهات الحكومية كما يقول عضو المفوضية ومسؤول ملف النزوح فيها هيمن باجلان الذي أكد أن الحكومة لا تمتلك مجرد خطة بهذا الشأن. بينما أكدت عضوة اللجنة المؤقتة لمتابعة اوضاع النازحين في مجلس النواب العراقي شروق العبايجي أن الفساد هو ما حال حتى الآن دون توفير كرفانات لإيواء النازحين الساكنين في المخيمات وهياكل الابنية، لافتة الى ان اللجنة اشرت حالات فساد حتى في اسعار خيم ايواء النازحين وعروض تجهيزهم بالكرفانات.
لكن عضو مفوضية حقوق الانسان هيمن باجلان اشار الى طرح المفوضية بعض الحلول السريعة لإيواء نازحي المخيمات لحين حلحلة المشاكل الخاصة بتوفير كرفانات لهم، مثل اسكانهم في المباني الحكومية غير المشغولة، او استئجار فنادق من فئة ثلاث واربعة نجوم لإيوائهم، لأن مسألة توفير كرفانات تتطلب وقتا وفصل الشتاء لن ينتظر.
الا ان الخبير الاقتصادي ماجد الصوري يؤكد أن بالامكان توفير كرفانات لنازحي المخيمات وحل مشكلتهم في غضون بضعة اسابيع لو توفرت الادارة الصحيحة لهذا الملف، وتم القضاء على حالات الفساد المالي والاداري فيه.
الناطق باسم وزارة حقوق الانسان العراقية كامل امين انتقد من جانبه أداء وزارة الهجرة والمهجرين فيما يتعلق بملف النزوح عموما، وسكان المخيمات على وجه الخصوص، مؤكدا ان هذا الملف يحتاج الى جهاز حكومي متكامل للعمل عليه.
اما الناشطة في مجال حقوق الانسان جنان مبارك فقد حذرت من أن معاناة النازحين في تفاقم مستمر يوما بعد آخر، حتى بالنسبة للأولئك الذين انتقلوا من المخيمات الى المدارس وقد تم اعادة إجلائهم مؤخرا بعد بدء العام الدراسي، ليستأجروا منازل بشكل جماعي. وتسكن ما بين 7 و8 أسر في بيت واحد بهدف تقليل الايجار، ما اوجد العديد من المشاكل الاجتماعية والصحية وفي مقدمها انتشار واضح للأمراض الجلدية بين افراد هذه الأسرة.