مع إستمرار سيطرته على مناطق واسعة في العراق وسوريا، يواصل تنظيم ما يُعرف بـ "الدولة الإسلامية" داعش، استخدام القوة الناعمة أي وسائل الإعلام والعالم الافتراضي لتحقيق المزيد من الانتصارات على الأرض.
وأبهر داعش العالم بقدرته على استخدام وسائل الإعلام ووشبكات التواصل الاجتماعية وأحدث تطبيقات الهواتف النقالة، وإنتاجها لأفلام الفيديو والألعاب الالكترونية، كفيلم "صليل السيوف" و"صليل الصوارم" التي تضاهي بتقنيتها الحديثة أفلام هوليوود، لنشر أفكار التنظيم وبث الرعب في نفوس الناس، وجذب المزيد من الجهاديين.
ماكنة إعلامية
ومؤخراً قام عناصر التنظيم بتنفيذ حد الرجم بحق امرأة بريف حماة الشرقي بتهمة الزنا، بحسب مقطع مصور نشرته مصادر إعلامية تابعة للتنظيم، أظهر عناصر من التنظيم وهم ينفذون حد الرجم بالمرأة المتهمة بالزنا. وسبقتها إفلام فيديو تُظهر عمليات قطع رؤوس الرهائن الأجانب.
ونشر التنظيم فيديو على الإنترنت يظهر مقاتلين من "الدولة الإسلامية" يحملون حزمة من الإمدادات العسكرية التي اسقطتها طائرات أميركية هذا الأسبوع قرب مدينة كوباني السورية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف في تعليقها على الفيديو، "نعلم أن جزءا من استراتيجية تنظيم الدولة الإسلامية شن حملة دعائية ولهذا السبب تنصب بعض جهودنا على نزع الشرعية عن دعاية الدولة الإسلامية".
الإعلام العراقي الحكومي فشل في التصدي لإعلام "داعش" ... صحفي
ويرى إعلاميون عراقيون أن داعش أسقطت الموصل بماكينتها الإعلامية وأفلامها الدعائية وليس بالقصف والنار، وكانت تريد أن تعيد العملية عند تهديدها بدخول بغداد.
الصحفي محمد عبد الخالق من المتابعين لإعلام داعش أوضح لإذاعة العراق الحر أن الإعلام العراقي الحكومي فشل في التصدي لإعلام داعش، لأن القنوات الفضائية العراقية ووسائل الإعلام الكثيرة لم تستطع أن تتخلص من سيطرة الأحزاب وتنصهر في إعلام وطني.
وليس معروفاً حتى الان ما إذا كان تنظيم داعش يستعين بالصحفيين العراقيين في المناطق التي يسيطر عليها. وكان التنظيم اعدم عدداً من الصحفيين منهم الصحفي رعد العزاوي الذي يعمل مصوراً في قناة سما صلاح الدين، والصحفي مهند العكيدي، في مدينة الموصل.
منظمة مراسلون بلا حدود، الدولية المدافعة عن حرية الصحافة وحقوق الصحفيين، أستنكرت عمليات قتل الصحفيين على يد داعش وقالت في بيان لها منتصف الشهر الجاري تشرين الأول إن مصير بعض الصحفيين الموجودين في قبضة داعش مازال مجهولاً حتى الآن.
إعلام "داعش" يعتمد على الترهيب وبث الرعب في النفوس ... صحفي
الصحفي علي ناجي يستبعد أن تستعين داعش بالصحفيين العراقيين للعمل في ماكينتها الإعلامية، مؤكداً أن إعلام داعش أستطاع أن يصل الى المتلقي لأسباب عديدة منها ما يتعلق بالتقنيات الحديثة المستخدمة في التصوير والنشر، وإستخدام اللغات المختلفة الى جانب اللغة العربية مثلا اللغة الكردية والانكليزية والفرنسية في خطابها الإعلامي، هذا فضلا عن ما تتمتع به من شفافية من خلال الإعلان عن مقتل مسلحيها.
لكن الصحفي محمد عبد الخالق يرى أن إعلام داعش يعتمد على الترهيب وبث الرعب في النفوس، وهو أبعد ما يكون عن الشفافية، وأن إعلان التنظيم عن مقتل مسلحيه في المعارك هو لجذب المزيد من المؤيدين لهم للالتحاق بصفوف المجاهدين.
ومن وجهة نظر الدكتور كاظم المقدادي من كلية الإعلام بجامعة بغداد فان تنظيم داعش يعتمد استراتيجية إعلامية واضحة، ولديه ماكينة إعلامية متكاملة تراعي فيها الجوانب النفسية والإجتماعية والدينية، ولا يستبعد إستعانة التنظيم بصحفيين عراقيين وعرب وأجانب في تشغيل ماكينته الإعلامية.
"داعش" يعتمد استراتيجية إعلامية واضحة، ولديه ماكينة إعلامية متكاملة تراعى فيها الجوانب النفسية والإجتماعية والدينية ... خبير
ويشير المقدادي الى أن تنظيم داعش لديه إذاعة تُبث في الموصل تسمى إذاعة "البيان" مختصة بقراءة بيانات التنظيم وتعليماته وقرارته الإدارية، فضلا عن مواقع إلكترونية عديدة ومتغيرة باستمرار منها موقع الفرات المتعلق باخبار ثوار العشائر العراقية التي تدعم التنظيم وتؤيده في المحافظات السنية.
ورغم أن تنظيم داعش لا يمتلك حتى الآن قناة فضائية، إلا أن الخبير الإعلامي الدكتور كاظم المقدادي يرى أن معظم الفضائيات العربية والعالمية تخدم داعش من خلال بثها لافلامها وتناقل أخبارها في صدر نشراتها الاخبارية.
ويرى المحلل السياسي إحسان الشمري أن ما وصفه بالإعلام الداعشي نجح في السيطرة على الشارع العراقي، لأن المؤسسات الإعلامية العراقية الرسمية منها وغير الرسمية لم تستطع أن تضع استراتيجية إعلامية واضحة لصد إعلام داعش.
يعتبر تنظيم الدولة الإسلامية داعش من أكثر التنظيمات الجهادية إستخداماً للإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي وخاصة تويتر وموقع اليوتيوب للتواصل مع مؤيديه واستقطابهم أو توظيفهم لخدمة خطته الإعلامية ونشر التغريدات والترويج لأفكار التنظيم وأهدافه.
ويشكك الكثيرون بان وزراء الماكينة الإعلامية لتنظيم داعش دول ربما أو جهات متنفذة.
وكانت الحكومة العراقية وبعد سقوط الموصل بيد داعش قطعت الانترنت عن العديد من المحافظات والمناطق حجبت مواقع التواصل الإجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر.
وقامت دول أوروبية عديدة بتشديد المراقبة على مواقع التواصل الاجتماعي مع التحاق المزيد من الشباب والشابات بصفوف التنظيم في العراق وسوريا.
وكان مرصد دار الإفتاء لمقاومة الفكر التكفيرى بالقاهرة، أعلن أن قيام تنظيم (داعش) بإصدار مجلة إلكترونية باللغة الإنجليزية تتضمن مواضيع يستند فيها إلى أدلة وحجج واهية تخدم فكره البعيد عن وسطية الدين الإسلامي وباقى التشريعات السماوية.
وحذر المرصد التابع لوزارة الأوقاف المصرية في تقرير أصدره الجمعة الماضية من أن ذلك يسهم فى زيادة أعداد المنضمين الى هذا الفكر الإرهابي.
"داعش" يتواصل مع اهالي الرقة والمناطق التي تقع تحت سيطرته عن طريق المنشورات الورقية ومجلة "دابق" الألكترونية التي تصل الى مؤيديه عبر الايميل ... صحفي سوري
إذاعة العراق الحر التقت بالصحفي السوري منار عبد الرزاق الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية المسلحة للحديث عن إعلام داعش في سوريا، والذي بحسب رأيه تفوق على إعلام بقية التنظيمات الجهادية، لأنه يعتمد على كفاءات صحفية، ووسائل إعلام عالية التقنية والحرفية، وشبكة واسعة من مؤيديه يعيدون نشر بياناته وأفلامه.
عبد الرزاق أوضح أن "داعش" يتواصل مع اهالي الرقة والمناطق التي تقع تحت سيطرته عن طريق المنشورات الورقية ومجلة "دابق" الألكترونية التي تصل الى مؤيديه عبر الايميل، فضلا عن سينما خاصة بـ"داعش" تعرض أفلام قصيرة على شاشة عرض في المراكز الثقافية الموجودة في المناطق التي تقع تحت سيطرة التنظيم، كما ويسعى التنظيم الى إطلاق قناة فضائية وهو يجري الاتصالات للوصول الى إتفاق مع أحدى الشركات العالمية.
ولا يستبعد الصحفي منار عبد الرزاق الذي تحدث الى إذاعة العراق الحر من داخل سوريا قرب الحدود التركية، وجود كفاءات صحفية وإعلامية في صفوف تنظيم "داعش" لافتاً الى أن الحديث يجري عن أن شخصية لها خبرة الـ بي بي سي أو الـ سي أن أن تدير الماكينة الإعلامية لداعش.
ويرى عبد الرزاق أن إعلام داعش نجح في استقطاب الناجحين من الشباب، والدليل أنضمام الدكتورة إيمان مصطفى البُغا الأكاديمية في احدى الجامعات السعودية، لتنظيم داعش ومبايعتها لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، وقبلها الكثيرين.
ويعزو عبد الرزاق نجاح إعلام داعش الى فشل الإعلام الحكومي السوري وحتى إعلام الثورة السورية في مجاراة إعلام داعش أو التصدي له.
ساهم في اعداد البرنامج مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد اسعد عمران.