بعد انتظار طويل، ولأول مرة منذ عام 2010، اصبح في العراق وزارة مكتملة إذ وافق البرلمان على شخصيتين لشغل الوزارتين الامنيتين وهما خالد العبيدي لوزارة الدفاع ومحمد الغبان لوزارة الداخلية.
اكتمال الوزارة العراقية بعث بعض الامل في النفوس وبث شعورا بالارتياح لدى الكثيرين.
غير ان اسئلة عديدة تطرح اليوم عن مدى قدرة هذين الوزيرين على تصحيح الاوضاع الامنية المتردية وتعزيز سلطة القانون وفرض احترامه في اماكن شهدت أحداثا دامية وكبيرة واسفرت عن فقد حوالى ثلث اراضي العراق التي استولى عليها مسلحو داعش.
وزير الدفاع الجديد خالد العبيدي القى كلمة متلفزة يوم الثلاثاء تعهد فيها بالتحقيق في تداعيات الفترة السابقة وأحداثها ثم بإعلان نتائج التحقيق امام الرأي العام والشعب العراقي كما قال إنه لن يتردد في اتخاذ اي قرار وفق الصلاحيات الممنوحة له لمحاسبة المقصرين او من تلطخت اياديهم بدماء العراقيين.
العبيدي اعلن كذلك العزم على محاربة الفساد والارهاب لأنهما وجهان لعملة واحدة كما وعد ببناء مؤسسة عسكرية مهنية وتحرير المحافظات المنكوبة واستعادتها ثم إعادة النازحين الى ديارهم.
ورأى سياسيون ومراقبون أن اختيار الوزيرين الجديدين يصب في مصلحة العراق رغم تعبيرهم عن مخاوف من احتمال انتقال المشاكل السياسية الى هتين الوزارتين لكون الوزيرين ينتميان الى تكتلات سياسية.
عضو لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب عمار طعمة نبه في حديثه لإذاعة العراق الحر الى ان الملف الامني في العراق ملف شائك للغاية ثم رأى أن لاختيار الوزراء الامنيين فوائد عديدة.
الفائدة الاولى، حسب قوله، هي وجود وزير يتمكن من اتخاذ القرارات في الوقت المناسب والمطلوب.
اما الفائدة الثانية فتتمثل باشراك الجميع في جميع المناصب في الدولة كي لا تشعر اي فئة بالاقصاء وبالتهميش.
وشرح الفائدة الثالثة بالقول إن هذا الاختيار خفف الكثير عن كاهل رئيس الوزراء الذي لا يمكنه تلبية متطلبات مهام منصبه إذا ما تكفل ايضا بالملف الامني الشائك.
طعمة نبه ايضا الى فائدة اخرى تتعلق بالبرلمان نفسه وقال إن توزيع المسؤوليات يجعل الصورة واضحة من المسؤول عن ماذا في حال وقوع اي خلل باعتبار ان البرلمان جهة رقابية ملاحظا ان المسؤولية كانت ضائعة بعض الشئ في السنوات السابقة بين رئيس الوزراء ووزراء بالوكالة وحتى قادة امنيين، حسب قوله.
ولكن هل سيكون هناك تنسيق ام تعارض بين وزارتين يقودهما شخصان مختلفا الانتماء؟
النائب عمار طعمة قال لا، لن يكون هناك اي تعارض لان القرارات الستراتيجية تتخذ في نهاية الامر داخل مجلس الامن الوطني الذي يجمع عددا من المسؤولين وهم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزراء الدفاع والداخلية والمالية والخارجية ومدير المخابرات ووزير العدل ورئيس اركان الجيش. طعمة اكد ان المجلس يجمع كل المكونات في مواجهة خطر يواجه كل المكونات، حسب تعبيره.
النائب عن تحالف القوى الوطنية غازي القعود عبر عن ارتياحه لاختيار الوزراء الامنيين وعن امله في تحسن الوضع الامني ثم توقع عدم حدوث مشاكل كبيرة باعتبار ان وزيري الدفاع والداخلية مرتبطان في نهاية الامر برئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وسيعملان تحت اشرافه ورعايته.
واكد الخبير الستراتيجي والامني احمد الشريفي ضرورة ان تدار القضايا الامنية والعسكرية بشكل مباشر وليس وكالة لكنه عبر عن خيبة امله بعض الشئ لعدم اختيار وزيري داخلية ودفاع مستقلين وبعيدين عن التكتلات السياسية وقال إنه يخشى ان تنتقل الازمات السياسية الى هتين الوزارتين وان تؤثر على ادائهما المهام الاساسية في الحفاظ على سلامة المواطنين.
الشريفي عبر ايضا عن امله في ان يتم التعامل بحيادية ومهنية وبوضوح على مستوى الارتقاء بالتدريب ثم التسليح مع اصلاح القدرات القتالية مؤكدا على ضرورة وجود قيادة تتابع الملف العسكري او الامني اولا بأول وان تكون متفرغة له بشكل كامل مشيرا الى ضيق وقت رئيس الوزراء السابق الذي كان يدير عددا لا بأس به من الملفات في وقت واحد.
الشريفي لاحظ ايضا ان اختيار شخصية من الوسط العسكري لادارة وزارة الدفاع امر مهم ايضا لان هناك آليات معينة للتعامل مع المؤسسة العسكرية لا يعرفها ولا يجيدها إلا من هو من الوسط نفسه.
وفيما رأى رئيس المجموعة العراقية للدراسات الستراتيجية واثق الهاشمي أن اختيار وزيري دفاع وداخلية في العراق امر في غاية الاهمية، استبعد في الوقت نفسه ان يكون لهذين المسؤولين القدرة الحقيقية على تغيير مسار الامور وإصلاح ما تعرض الى التدمير حتى الان، او على الاقل، ليس على المدى القريب.
الهاشمي لاحظ ايضا أن العراق اعتاد على مسألة المحاصصة ورجح ان يكون هناك تنسيق بين وزارتي الداخلية والدفاع تحت رعاية رئيس الوزراء حيدر العبادي، رغم اختلاف انتماء كل من الوزيرين، ورأى ان اختيار الوزراء كان موفقا وعبر عن امله في ان تتحسن الاوضاع في المستقبل المنظور.
هذا وذكرت الانباء ان رئيس الجمهورية فؤاد معصوم استقبل صباح الاربعاء وزير الداخلية الجديد محمد الغبان واكد اولوية التصدي للارهاب وعلى ضرورة التعاون والتنسيق من اجل تحقيق المصلحة الوطنية.
من جانبه اشار وزير الداخلية الى التحديات التي تواجه الملف الامني وطرح رؤيته للتغلب على الصعوبات وتجاوز التحديات.
في هذه الاثناء نقلت وكالة رويترز عن مسؤول اميركي قوله إن واشنطن نتظر في طلب تقدمت به الحكومة العراقية لارسال المزيد من المستشارين العسكريين الى العراق للمساعدة في التصدي لمقاتلي داعش.
يذكر ان في العراق حاليا نحو 1400 مستشار عسكري اميركي تقتصر مهمتهم على تقديم المشورة لقوات الامن العراقية.
ساهم في الاعداد مراسل اذاعة العراق الحر في بغداد حازم الشرع.