أُعلن في بغداد وطهران أن محادثات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته التي تبدأ الاثنين سوف تتركز على سُبل توحيد جهود الدولتين الجارتين في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
زيارةُ إيران هي الأولى إقليمياً للعبادى منذ توليه مهامه منذ أكثر من شهر إذ سَبق أن توجّه إلى نيويورك في أواخر أيلول لحضور اجتماعات الدورة السنوية للأمم المتحدة والتي التقى على هامشها الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وأفاد بيان صحفي لمكتب رئيس الوزراء العراقي بأن العبادي سيرأس وفداً وزارياً خلال زيارته التي تستغرق يوماً واحداً، معتبراً أن المحادثات التي سيجريها في إيران تندرج في إطار المساعي التي يبذلها "لتوحيد جهود المنطقة والعالم بمساعدة العراق في حربه ضد تنظيم داعش الإرهابي"، بحسب تعبيره.
فيما نقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء (إيسنا) عن السفير الإيراني لدى العراق حسن دانائي فر أن العبادي سيصل إلى طهران مساء الاثنين على رأس وفد رفيع المستوى لإجراء محادثات "في إطار العلاقات الثنائية التي تجمع بين البلدين لتوسيع التعاون السياسي والإقتصادي المشترك". وصرّح بأن الزيارة المرتقبة "تتسم بأهمية بالغة في ظل ممارسات داعش الإرهابية"، مضيفاً أن "اجتماعات ومشاورات رئيس الوزراء العراقي تتركز حول القضايا السياسية إلى جانب الملفات الاقتصادية".
المحادثاتُ العراقية الإيرانية تُجرى فيما يواصلُ التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية دون مشاركة إيران تنفيذَ ضربات جوية على أهداف داعش في العراق منذ الثامن من آب وعلى مواقع هذا التنظيم في سوريا منذ الشهر الماضي. لكن إيران نشرت قوات على حدودها باتجاه إقليم كردستان العراق فيما تشير تقارير إعلامية إلى اضطلاعها بدور رئيسي في تدريب وتوجيه بعض الميليشيات العراقية التي تقاتل الى جانب الجيش النظامي وما يعرف بالحشد الشعبي بالإضافة إلى قوات البشمركة الكردية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
كما تأتي الزيارة إلى طهران غداة الإعلان عن اكتمال تشكيل الحكومة العراقية وخاصةً بشغل منصبيْ وزيريْ الدفاع والداخلية اللذين كانا شاغرين مع بعض الحقائب الوزراية الأخرى منذ نيــْل حكومة العبادي الثقة في الثامن من أيلول.
وأشار البيان الصحفي لمكتب رئيس الوزراء عن زيارة إيران إلى أن "العبادي يسعى الى أن تكون علاقات العراق مع دول الجوار خاصة والمنطقة والمجتمع الدولي عامة متميزة وتقوم على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بالإضافة الى احترام سيادة العراق ووحدة أراضيه". وأوضح البيان أنه ستُجرى خلال الزيارة أيضاً "مناقشة السُبل الكفيلة بتعزيز العلاقات الثنائية في مجالات الطاقة والإسكان والإعمار والمجالات الأخرى"، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس للأنباء.
يُـــشارُ أيضاً إلى أن المحادثات العراقية الإيرانية تُجرى في أعقاب أحـدث دعوة وجّهها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى المجتمع الدولي بضرورة تعزيز وتوسيع حملة قصف في العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المتطرفة المرتبطة به.
مجلس الأمن قال في البيان الذي أصدره الجمعة (17 تشرين الأول) إن أعضاءه "يحضّون المجتمع الدولي وفقاً للقانون الدولي بزيادة تعزيز وتوسيع الدعم للحكومة العراقية بما في ذلك قوات الأمن العراقية في القتال ضد (تنظيم الدولة الإسلامية) والجماعات المسلحة المرتبطة به." وشدد المجلس الذي يضمّ 15 دولة عضواً "على ضرورة دحر (تنظيم الدولة الإسلامية) وعلى ضرورة إنهاء عدم التسامح والعنف والكراهية التي ينتهجها" هذا التنظيم.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور سعدي كريم الذي تحدث لإذاعة العراق الحر عن أهمية زيارة العبادي إلى إيران قائلاً إنها تشكّل "المحطة الثانية بعد زيارته نيويورك حيث حضر اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكنها الإقليمية الأولى إلى دولة مجاورة ما يؤكد مدى العلاقة الوطيدة بين بغداد وطهران وفي الوقت نفسه تدلل على مدى تأثير السياسة الإيرانية في الساحة السياسية العراقية فضلاً عن أن الزيارة تجرى في الوقت الذي تتكثف الاتصالات مع الحكومة العراقية من قبل دول التحالف الدولي ضد داعش على مختلف المستويات".
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي عن موضوعات أخرى ذات صلة مشيراً إلى احتمال أن يحمل العبادي في جعبته بعض المقترحات الغربية لتقريب وجهات النظر من أجل أن تعلن طهران مشاركتها الفعلية في التحالف الدولي ضد داعش. كما توقع كريم أن يقوم رئيس الوزراء العراقي في القريب العاجل أيضاً بزيارة دول مجاورة أخرى كتركيا والسعودية والأردن.
من جهته، اعتبر الخبير الإيراني في شؤون الشرق الأوسط الدكتور علي رضا نوري زاده في تصريحات أدلى بها لإذاعة العراق الحر عبر الهاتف من لندن أن من الضروري الإشارة "إلى الغموض الذي أحاط موقف إيران من انتخاب السيد حيدر العبادي لرئاسة الوزراء في العراق خاصةً في ضوء ما عُرف عن تمسّكها بسلفه السيد نوري المالكي حتى اللحظة الأخيرة..فلذلك كان من الطبيعي أن تأتي هذه الزيارة إلى طهران من أجل إزالة غيوم الشائعات..علماً بأن إيران وجّهت إليه الدعوة منذ البداية ولكن يبدو أنه اختار أن يكون توقيتها مباشرةً بعد اكتمال تشكيل الحكومة العراقية وخاصةً تعيين وزيريْ الداخلية والدفاع....".
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أعرب الخبير الإيراني في شؤون الشرق الأوسط عن اعتقاده بأن العبادي لا يحمل في زيارته إلى إيران أي رسالة أميركية محددة. كما أجاب عن سؤال آخر يتعلق بتوقعات أن يزور رئيس الوزراء العراقي أيضاً كلاً من السعودية وتركيا في أعقاب زيارته إلى إيران.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. سعدي كريم والخبير الإيراني في شؤون الشرق الأوسط د. علي رضا نوري زاده متحدثاً من لندن.