تَــــــــــتصدّر جهودُ محاربة الإرهاب الأولويات الإقليمية والعالمية مع إعلان الحكومة السورية تأييدها لهذه الجهود وتوقعات بانضمام تركيا الوشيك إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية واستضافة روسيا العاهل الأردني لإجراء محادثات حول سُبل التصدي للحركات الإرهابية.
هذا فيما أعلنت الولايات المتحدة أن قواتها نفذت 4100 طلعة جوية منذ الثامن من آب تاريخ بدء الضربات التي تشنها قوات التحالف على مواقع داعش في العراق وسوريا.
وأوضح مسؤول عسكري أميركي الاثنين أن هذه الطلعات شملت بالإضافة إلى الضربات الجوية مهمات المراقبة والامداد بالوقود. وتضاف إلى العدد الإجمالي نحو أربعين طلعة جوية قامت بها مقاتلات تابعة للدول العربية الخمس الأعضاء في التحالف الدولي، وهي الأردن والسعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر.
وفي عرضها لتصريحات المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، ذكرت وكالة فرانس برس للأنباء أنه في حال استمرار العملية على هذه الوتيرة فإن عدد الطلعات الجوية في العراق وسوريا سيتجاوز تلك التي نُفذت إبان التدخل الاميركي الجوي في ليبيا. وأشارت في هذا الصدد إلى أن الولايات المتحدة قامت بين نيسان ونهاية آب2011 بـــ5300 طلعة جوية في إطار الحملة التي قادها الحلف الاطلسي في ذلك البلد.
إحصاءاتُ البنتاغون تُظهر أن سلاح الجو الأميركي قام بـ224 ضربة حتى الآن في العراق حيث تشارك مقاتلات حربية فرنسية أيضاً بضربات جوية انطلاقاً من قاعدة الظفرة في الإمارات العربية المتحدة.
وفي كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم الاثنين أن سوريا تؤيد أي جهد دولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. وأضاف أن "الجمهورية العربية السورية إذ تعلن مرة أخرى أنها مع أي جهد دولي يصبّ في محاربة ومكافحة الإرهاب.. تشدد على أن ذلك يجب أن يتم مع الحفاظ الكامل على حياة المدنيين الأبرياء.. وتحت السيادة الوطنية ووفقا للمواثيق الدولية"، بحسب تعبيره.
في الأثـــناء، يُــــــــتوقع أن يصوّت البرلمان التركي يوم الخميس على مشروع قرار يتيح لأنقرة الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
تركيا تحفظت خلال مؤتمر جدة في الحادي عشر من أيلول على المشاركة في أي عملية عسكرية للتحالف مبررةً ذلك بضرورة حماية 49 من رعاياها كانت داعش تحتجزهم رهائن منذ حزيران في الموصل. وبعد الإفراج عنهم في 20 حزيران، تغيّر موقف أنقرة فيما أدلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصريحاتٍ أوضح فيها أن بلاده العضو في حلف شمال الأطلسي "لا يمكن أن تبقى" خارج التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة.
وفي مقابلة نُشرت يوم السبت (27 أيلول)، نقلت صحيفة (حرييت) عنه القول إن القوات التركية قد تساهم في إنشاء منطقة آمنة في سوريا في حالة ابرام اتفاق دولي على اقامة ملاذ للاجئين الذين يفرون من مقاتلي الدولة الاسلامية. وأضاف أن "المنطق الذي يفترض ان تركيا لن تشارك عسكريا خاطئ"، بحسب تعبيره.
كما أوضح أردوغان أن بلاده ستدافع عن حدودها إذا اقتضى الأمر مشيراً إلى أن الخطوات الضرورية ستُـــــــتخذ بعد نيل تفويض من البرلمان يسمح للقوات التركية بالمشاركة في عمليات خارج حدودها. وصرح بأن "تركيا ليست القضية بل عودة نحو 1.5 مليون شخص لديارهم. مساعدة هؤلاء على الاستقرار من بين القضايا محل البحث."
وقال الرئيس التركي في التصريحات التي أدلى بها يوم الجمعة (26 أيلول):
"هناك ثلاث خطوات هامة ينبغي اتخاذها. الأولى هي فرض منطقة حظر جوي والحفاظ على أمن هذه المنطقة. ثانياً، ينبغي إنشاء منطقة آمنة داخل سوريا."
وأضاف أردوغان:
"ثالثاً، سوف نجري اتصالات في شأن التفاصيل المتعلقة بالأطراف التي سُتدير هذه العملية استناداً إلى تفاهم حول التدريب والإمدادات"، بحسب تعبيره.
وفي إطار الجهود الدولية المتواصلة، أُعلن في عمان الثلاثاء أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني سيزور موسكو الأربعاء لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول "سبل التصدي للحركات والتنظيمات الإرهابية".
وأفاد بيان للديوان الملكي الأردني بأن الزيارة تأتي "في إطار التشاور والتنسيق المستمريْن مع عواصم صنع القرار العالمي حيال مختلف التطورات التي يشهدها الشرق الأوسط، بما في ذلك سبل التصدي للحركات والتنظيمات الارهابية التي تشكل تهديداً خطيراً للمنطقة والعالم".
وأوضح البيان أن المحادثات سوف تتناول أيضاً "جهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفقاً لحل الدولتين، وتطورات الأزمة السورية، ومستجدات الأوضاع في العراق، وبما يحمي المصالح الوطنية الأردنية العليا".
وفي نشرها لمقتطفات من البيان، أشارت فرانس برس إلى أن سلاح الجو الأردني شارك الثلاثاء والأربعاء الماضيين في الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي ضد مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تحدث في مقابلة أجرتها معه شبكة بلومبرغ التلفزيونية الأميركية في نيويورك يوم السبت (27 أيلول) عن عددٍ من المواضيع الدولية ومن بينها موقف بلاده من محاربة الإرهاب وانتقادات الدول الغربية للدعم الروسي الذي تلقاه دمشق، قائلاً:
"الــفهمُ بأن الإرهاب يشكّل تهديداً أكبر بكثير من الرئاسة المستمرة للرئيس السوري بشار الأسد، هذا الفهم مقبول أساساً في الوقت الحالي. والعديد من زملائي في الغرب كانوا يتهامسون معي حول ذلك قبل عام أو عام ونصف العام. والآن يُـــقرّ صُناع السياسة عَــــــلَـــناً بأن الحالة هي هذه."
وأضاف لافروف:
"دور روسيا في قتال الدولة الإسلامية كان عبر التوفير الكفوء والسريع للأسلحة اللازمة إلى العراق وسوريا ودولٍ أخرى في المنطقة تواجه تهديداً إرهابياً - مصر، ولبنان، وغيرهما. وسنواصل تقديم الدعم لهذه الدول لأنها ينبغي أن تكون مجهّزة لمواجهة هذا التهديد."
لافروف تحدث في المقابلة ذاتها أيضاً عن ضرورة الاعتراف بدور إيران "كلاعبٍ إقليمي في حل الأزمة السورية وغيرها من المشاكل الإقليمية". وأعرب عن اعتقاده بأنه ينبغي على الولايات المتحدة أن "تعترف في مرحلة ما، ومن الأفضل عاجلاً وليس آجلاً، بضرورة مشاركة إيران كشريكٍ متساوٍ في التفاوض على القضايا الأمنية للمنطقة"، بحسب تعبيره.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور علي الجبوري قال في تعليقٍ لإذاعة العراق الحر عن الرؤية الأميركية للدور الإيراني في العراق والمنطقة إن "الولايات المتحدة تعي بأن إيران لديها موطئ قدم مهمة..ولكن الأمر ليس عملية تسليم بالأمر الواقع إذ أنها تدرك أيضاً بأن موقفاً إيرانياً إيجابياً ومُتَــفَقاً عليه وربما مُعلَن سيكون وقعه وتأثيره أكبر في هذا الاتجاه." وأضاف الجبوري "أن إيران هي الأخرى تعي أن دور الولايات المتحدة الأميركية وقدرتها التأثيرية على الأحداث في المنطقة كييرة جداً، لذا فهي أيضاً محتاجة لأن تكون هنالك عملية تبادل وجهات النظر وحوار مستمر وأفق مفتوح بين الطرفين"، بحسب تعبيره.
تحليلٌ بـثّــته وكالة رويترز للأنباء الأحد (28 أيلول) تحت عنوان "الارتياب في دوافع واشنطن يقطع الطريق على التعاون الروسي الأميركي في سوريا" نقل عن مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية قوله "ما من شك أن روسيا لاعب رئيسي في سوريا وفي العراق ومن المحتّم أنها ستكون طرفاً في أي وضع نتعامل معه" رغم أن نوع الدور الذي يمكن أن تؤديه لم يتضح بعد.
فيما صرّح مصدر مطلع بأن مجموعة من خبراء السياسات الخارجية الأميركيين والروس الذين يقدمون المشورة بانتظام لحكوماتهم عقدوا اجتماعاً خاصاً في موسكو الأسبوع الماضي "سعياً لايجاد أرضية مشتركة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية." ونُقل عن المصدر أن الوفد الروسي الذي ضمّ مسؤولين سابقين أبدى اهتمامه بالتعاون في مكافحة الارهاب. لكن المحادثات صادفت ارتياباً كبيراً من الطرفين فلم يتفقا على أي شيء ملموس.
وفي موسكو، ذكر فيودور لوكيانوف رئيس تحرير مطبوعة (روسيا في الشؤون الدولية) أن من المرجّح أن يقتصر الدور الروسي في محاربة داعش على مساعدة الحكومتين العراقية والسورية. وتزوّد موسكو قوات الأمن في الدولتين بالسلاح.
وكانت مديرة مركز (آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية الروسي الدكتورة ييلينا سوبونينا أوضحت في مقابلة سابقة مع إذاعة العراق الحر موقف موسكو بالقول إن "روسيا مستمرة في تعاونها العسكري مع الحكومة العراقية الجديدة التي رحّبت بتشكيلها، وهناك صفقات عسكرية موقّعة بين الدولتين سيجرى تنفيذها بعد أن كانت مؤجلة بسبب عدم الاستقرار في العراق وبعض الأمور المالية العالقة المتعلقة بتنفيدها علماً بأن هناك طلبات جديدة من قبل وزارة الدفاع العراقية وهي مرتبطة بالوضع الجديد الناتج عن تحركات داعش".
وفي ردّها على سؤال بشأن موقف بلادها من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، قالت سوبونينا إن روسيا إذ تدعمه "فهي لن تسمح بانتهاك القوانين الدولية...مع اعتقادها بأن خطر الإرهاب وخطر التطرف هو خطر مشترك خاصةً وأن هناك بعض مواطنيها في صفوف ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية أو داعش مثلما أن هناك مواطنين من بريطانيا وأميركا وغيرها من الدول في هذا التنظيم أيضاً، لذا علينا أن نفكر ماذا بالإمكان أن نفعله سوياً". وأعربت عن اعتقادها بأن الجهود الدولية المشتركة في هذا الإطار "يجب ألا تعتمد فقط على الحكومة المحلية في العراق بل علينا أن نتعاون أيضاً مع سوريا وإيران وتركيا إذ بدون اللاعبين الأساسيين في منطقة الشرق الأوسط يستحيل حلّ هذه القضية أو القضاء على تنظيمات مثل داعش وفلول القاعدة"، بحسب رأيها.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقاطع صوتية من تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالإضافة إلى تعليقات للأكاديمي والمحلل السياسي العراقي د. علي الجبوري والخبيرة الروسية في شؤون الشرق الأوسط د. ييلينا سوبونينا.