في وقت بدأ التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" توسيع ضرباته الجوية لتشمل مواقع داعش داخل الأراضي السورية تتحدث الأنباء عن تكبد القوات العراقية مزيدا من الخسائر في المواجهة مع مسلحي هذا التنظيم. إذ تلقت القوات العراقية ضربة موجعة أخرى بهجوم مسلحي داعش على معسكر الصقلاوية بعد ايام من الحصار. ونشرت وسائل الاعلام شهادات مؤثرة أدلى بها جنود وضباط كانوا في القاعدة. ومن هذه الشهادات قول ضابط عراقي ان الجنود في معسكر الصقلاوية كانوا بدون ذخيرة وبدون طعام. ونقلت وكالة رويترز عن الضابط قوله "كل مرة نتصل فيها بالقادة العسكريين كانوا يعدوننا بارسال مروحيات لالقاء التعزيزات جوا ولكن شيئا لم يحدث وكنا نشرب الماء المالح ونأكل معجون الطماطم المعلب". وتحدث الضابط عن المشاهد المأساوية لجثث الجنود العراقيين على الطريق وعربات همفي المحترقة.
وكان ما حدث في الصقلاوية والسِجَر حلقة أخرى في سلسلة بدأت بسقوط مدينة الموصل في حزيران الماضي ثم المجزرة التي ارتُكبت بحق الجنود العراقيين في قاعدة سبايكر في الشهر نفسه عندما اقتاد المسلحون جنودا عزلا خارج القاعدة واعدموا مئات منهم.
وكانت اربيل على وشك ان يكون مصيرها مصير الموصل حين قررت الولايات المتحدة توجيه ضربات جوية ضد مسلحي داعش الذين كانوا على ابوب المدينة. وقال قائد القوات الجوية للحرس الثوري الايراني الجنرال امير علي حاجي زادة من جهته ان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني ومعه سبعين مستشارا ايرانيا كانوا على الأرض في العراق لمساعدة قوات البشمركة في الدفاع عن عاصمة اقليم كردستان. ونقل التلفزيون الايراني عن الجنرال حاجي زادة ان سليماني قام بدور حاسم في منع سقوط اربيل ، في أول تأكيد من طهران لقيام ايران بدور مباشر في مواجهة داعش. وبذلك تضافرت جهود اطراف متعددة لوقف تقدم داعش حين اقترب مسلحوه مسافة خطرة من اربيل في آب الماضي.
في هذه الأثناء استبعد رئيس المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي أن تتمكن الضربات الجوية الاميركية وحدها من وقف داعش. وقال الجلبي في مقابلة مع مجلة شبيغل الالمانية "ان استخدام قوات برية فعالة ضروري ايضًا، وعلى التحالف الدولي ضد داعش أن يكون واقعيًا تمامًا في هذا الشأن". وحول ما إذا كان هذا يعني تأييده لارسال قوات برية إلى العراق قال الجلبي: "ان الولايات المتحدة تدعمنا اصلا بنحو 1000 خبير".
العبادي من جهته رحب بالحملة الجوية ضد داعش قائلا انها ساعدت الجهود الرامية الى التصدي لمسلحي داعش وطردهم من المناطق التي يسيطرون عليها. ولكن العبادي أكد انه لا يرى حاجة الى ارسال قوات أميركية أو غير اميركية للعراق من أجل المساعدة في القتال ضد داعش. وقال في مقابلة مع وكالة اسوشيتد برس ان المساهمة الوحيدة للقوات الاميركية أو قوات التحالف الدولي في مساعدة العراق تكون جوا.
وجاءت تصريحات العبادي بعد يوم على اعلان رئيس هيئة الاركان المشتركة للجيوش الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي في افادة أمام الكونغرس بأن قوات ارضية اميركية قد تكون مطلوبة لمواجهة قوات داعش في الشرق الأوسط إذا باءت استراتيجية اوباما التي تقتصر على الضربات الجوية بالفشل.
اذاعة العراق الحر التقت نائب اتحاد القوى الوطنية وعضو لجنة الأمن والدفاع النيابية حامد المطلك الذي اكد ان العراق يحتاج الى تعاون التحالف الدولي معه لأنه غير قادر على مواجهة داعش بقواه الذاتية شريطة ألا يمس هذا التعاون بالسيادة الوطنية.
ذكرت مجلة فورين بولسي الاميركية ان هناك أكثر من 50 ميليشيا تقاتل اليوم في العراق وان هذه الميليشيات غرست نفسها في أجهزة الحكومة العراقية التي اصبحت شديدة الاعتماد على قوتها بحيث يتعذر ان تفكر في التحرك بحملة ضدها. واشارت المجلة الاميركية الى ان هذه الميليشيات عموما ارتكبت انتهاكات خطيرة ضد حقوق الانسان. وفي هذا الشأن نبه نائب اتحاد القوى الوطنية حامد المطلك الى ان الارهاب الذي يهدد العراق اليوم ليس ارهاب داعش وحده بل ارهاب الميليشيات ايضا.
زميل المطلك في لجنة الأمن والدفاع النيابية عن التحالف الوطني عباس البياتي استعرض الاسباب التي دفعت العبادي الى رفض القبول بتمركز قوات اجنبية على الأرض في العراق وهي ، اولا ان العراق لا تنقصه القوى البشرية ولكن قواته تحتاج الى تدريب وتأهيل لامتلاك ناصية العلوم العسكرية فضلا عن التسليح المناسب ، وثانيا طمأنة الشركاء في الداخل والدول الصديقة في الخارج بأن لا عودة الى الوجود العسكري الأجنبي في العراق، والاعتبار الثالث ان مثل هذا الوجود يتطلب اتفاقية أمنية جديدة وتصويت في البرلمان ، وهذه اجمالا عملية تستغرق وقتا.
وأوضح البياتي ان رفض وجود قوات على الأرض لا يعني رفض التحالف الدولي ضد داعش بل ان الحكومة العراقية ترحب به ولكن ما يحتاجه العراق هو العمليات الجوية وتسليح قواته.
ودافع البياتي عن دور الميليشيات التي انبثقت في اطار الحشد الشعبي قائلا انها قامت بدور كبير في القتال ضد مسلحي داعش وفك الحصار عن بعض المناطق واعتبر ان وجودها رصيد كبير في تعزيز المقاومة. واضاف انها تعمل بتنسيق تام مع القيادات العسكرية وليس بصورة مستقلة عن القوات المسلحة.
المحلل الأمني امير جبار الساعدي أكد ان نشر قوات اجنبية على الأرض في العراق مرفوض اقليميا وداخليا وان الرفض الداخلي كان من العوامل التي أخذها رئيس الوزراء العبادي في اعتباره لدى تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة.
ونوه الساعدي بأن رئيس الوزراء حيدر العبادي حاول التوفيق وتحقيق قدر من التوازن والتوافق مع الأطراف الاقليمية من جهة والسماح للطائرات الاميركية بالعمل في سماء العراق من الجهة الأخرى وبذلك امساك العصا من منتصفها بحيث يطمئن القوى الاقليمية وتحديدا ايران بشأن الضربات الجوية الاميركية دون ان يفقد مساعدة الولايات المتحدة للحكومة العراقية ضد الأخطار التي تهددها.
وحول الميليشيات التي ظهرت على الساحة بالارتباط مع الحشد الشعبي قال الخبير الأمني الساعدي ان دور هذه التشكيلات اصبح لا غنى عنه إزاء ضعف قوات الجيش وانهيار المعنويات وعدم تمرس الجنود في نمط الحرب المطلوب لمواجهة جماعات مثل داعش مشيرا الى المفارقة المتمثلة في ان خبرة هذه الميليشيات التي اكتسبتها في القتال ضد القوات الاميركية خلال سنوات الاحتلال والقتال لحماية المراقد في سوريا يمكن ان تُوظف الآن لتنفيذ استراتيجية الولايات المتحدة ضد داعش لا سيما دورها في عمليات التصدي المباشر ومسك الأرض كما في معركة فك الحصار عن بلدة آمرلي.
وأقر الساعدي بوجود تحفظات اقليمية وداخلية إزاء ما ستفعله هذه الميليشيات لاحقا عندما تطمح بترجمة مساهمتها في القتال ضد داعش الى مكاسب سياسية وإيجاد اصطفافات أخرى على الأرض.
المحلل الاستراتيجي احمد الشريفي توقع ان تكون المرحلة المقبلة مرحلة خطيرة وقال ان رئيس الوزراء وجد نفسه ملزَما باعلان معارضته لأي وجود عسكري أجنبي على الأرض لتبديد مخاوف يمكن ان تؤثر سلبا في عمليات الاسناد الجوي التي يحتاجها العراق من الولايات المتحدة وهي مخاوف سببها انعدام الثقة والتوجس من عودة القوات الاميركية الى العراق مشددا على ان ادارة المعركة الحالية تتطلب مهارة عالية لا سيما وان للأزمة بعدين متداخلين هما الأمني والسياسي.
وذهب الشريفي الى ان اجواء انعدام الثقة افرزت سيناريوهات وروايات متعددة انعكست على عملية تشكيل الحكومة وبقاء حقيبتي الدفاع والداخلية شاغرتين ، ومن السيناريوهات المطروحة ان الولايات المتحدة قد تطلب الموافقة على ارسال قوات لاستكمال ما بدأته الضربات الجوية بمسك الأرض ، أو سيناريو حسم المعركة في الأراضي السورية وإن كانت بدايتها من العراق مع ما يترتب على ذلك من تداعيات تتعلق ببقاء النظام السوري.
أكدت مستشارة الأمن القومي الاميركي سوزان رايس ان الولايات المتحدة ليس لديها خطة لارسال قوات قتالية برية ضد داعش. وأقرت رايس في مقابلة مع شبكة ان بي سي الاميركية بأن الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الاركان المشتركة اشار الى مثل هذا الاحتمال ولكنها اضافت ان ديمبسي لم يقدم توصية كهذه الى الرئيس باراك اوباما الذي اعلن مرارا انه لا يعتزم وضع قوات على الأرض.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي اعدته مراسلة اذاعة العراق الحر ليلى احمد.