كرار ومصطفى ناطق عبدالوهاب توأمان يطلق عليهما العاملون في مستشفى الحسين التعليمي في السماوة اسمي توم وجيري وهما مولودان في البصرة في العام 1988 من أب سكير وأم مغلوبة على أمرها توفيت في الطريق الى زيارة كربلاء فألقى الأب ولديه الصغيرين في الشارع كما روى لنا كرار أو توم حيث قال إن والدهما قال لهما إنه ليس أباهما ثم ألقاهما خارجاً وأضاف أن والدهم رجل خارج عن الطريق فهو مدمن على الخمر.
غادر الصغار البصرة بإتجاه السماوة حيث لهم عم يسكن فيها كما قال لنا مصطفى أو جيري حيث عاشوا لفترة في بيت العم لكن زوجته دفعته للتخلي عنهم فطردهم هو الآخر فذهبوا للمبيت في الفنادق لكنهم عانوا من مضايقات أسئلة رجال الإستخبارات فقادهم شخص من المعارف الى المستشفى لإيجاد عمل لهم هناك.
سكن توم وجيري في المستشفى متنقلين في أرجاءه من مكان لمكان كما قال جيري بأنهم كانوا ينامون في بناية الإستشارية القديمة وكانوا يتنقلون كالمهجرين من مكان لمكان ثم إنتقلوا للمبيت في غرفة القوايش وقال كنا نخاف أن يلفنا القايش وهو يقصد أنهم كانوا ينامون في غرفة التبريد الكبيرة بالقرب من عجلات المكائن والقوايش التي تدور عليها مستنشقين روائح الغازات التي تفرزها تلك المكائن، وما لم يكن بالحسبان أن إبن عم لهم يعمل في بغداد زارهم للمستشفى وتعرف على حالهم المزري وطلب منهم ترك العمل والذهاب معه الى بغداد كما روى لنا جيري حيث طلب منهم إبن عمهم العمل معه في فرن ببغداد وعندما ذهبوا الى هناك طلب منهم مرافقته الى مستشفى الخيال لزيارة مريض وعندما وصلوا الى هناك أدخلوهم الى غرفة العمليات وإستأصلوا من كل واحد كلية!.. إذن فقد إستدرجهم إبن عمهم الى مستشفى الخيال وباع كليتيهما وهرب بالمبلغ البالغ ثماني ملايين دينار بمعدل أربعة لكل كلية، قيل أنه هرب بالمبلغ الى سوريا فعاد توم وجيري الى السماوة بكلية واحدة لكل منهما ليعاودا العمل في المستشفى براتب بائس كما روى لنا صديقهما قصي جابر مسير فالراتب يبلغ 235 ألف فقط وهو لا يكفي فكرار يصرف أكثر من نصف راتبه على التدخين وهو يعاني من وجود حصوة في كليته الوحيدة .
أفرغ لهم صديقهم قصي غرفة صغيرة كانت تستخدم كمخزن لقناني الأوكسجين ليسكنوا فيها وقال أن تلك كانت بمبادرة من الدكتور زكريا وهو الطبيب المتعاطف والمهتم بهما .
تسنى لنا لقاء محافظ المثنى ابراهيم الميالي فطرحنا عليه أمر توم وجيري البائس وتمنينا أن تساعدهم الحكومة المحلية فعبر المحافظ عن تعاطفه معهم وقال أن الحكومة المحلية بشقيها التنفيذي والتشريعي سوف تساهم في السكن الملائم والمعونة المالية وتوفير فرص العمل لكي يكونوا مواطنين صالحين فنحن نريد أن يتشبث المواطن بوطنه وببلده ومحافطته من خلال التسهيلات التي تقدمها الحكومة والتسهيلات التي يقدمها البلد والرعاية الوطنية لأبناء هذا البلد.
خرج توم وجيري من مبنى المحافظة بمساعدة مالية من المحافظ مقدارها مائة وخمسون ألف دينار فقط لكل منهما ووعد بإيجاد سكن، أبلغنا من إستلم الطلب في مكتب المحافظ بإستحالة تحققه لأن الضوابط لا تنطبق عليهما كونهما من مواليد البصرة ، بقيت عيوننا على الشابين وعلمنا أن توم يعاني من حصى في كليته وقد تم طرده من العمل في كافتيريا الأطباء وبقي جيري يعمل في شركة التنظيف بإجور بخسة فسارعنا للذهاب للدكتور حسين علي موسى مدير عام صحة المثنى لطرح الأمر عليه فقال أنه لا يعلم بهذا الموضوع جملة وتفصيلاً ولأول مرة أسمع به من جنابك وبناءاً عليه سأدقق في هذا الموضوع وأعدك وأعد من يسمع أن الأمر سيتم بسرعة وسوف لن ندخر جهد في مساعدتهم كونهم عراقيين ولأنهم يعملون في الصحة وسيكون لهم أولوية في التعيين والرعاية .
سألنا الدكتور مدير عام الصحة عن طبيعة المساعدة القادر على تقديمها لهم فأجاب سأعينهم وأوفر لهم سكن وأتكفل بزواج أحدهم وهذا إلتزام أخلاقي وإنساني.
ويبقى باب عمل الخير مفتوحاً أمام الجميع لمساعدة كرار ومصطفى ومن السهولة الوصول إليهم فيكفي السؤال في مستشفى الحسين التعليمي عن توم وجيري حتى تصلوا الى شابين ظلمهم الزمن ووالدهم ونصب عليهم إبن عمهم وهم في حال لا يليق ببشر...