فيما تُـــرتـــَـــقـــَبُ الجلسةُ الاستثنائية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن العراق الاثنين وَصفت أستراليا الأحد الوضع هناك بأنه "يمثل كارثة إنسانية".
وفي إعلانه قرارَ بلاده الانضمام إلى كندا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في تقديم أسلحة ومساعدات انسانية ضمن جهود متعددة الجنسيات، قال رئيس الوزراء الأسترالي توني آبوت في بيان إن "الوضع في العراق يمثل كارثة إنسانية." وأضاف أن أستراليا ستستمر في العمل مع شركائها الدوليين "للتعامل مع التهديد الأمني" الذي يمثله متشددو تنظيم الدولة الإسلامية أو ما كان يُعرف بـ(داعش) قبل أن تعلن هذه الجماعة حذف العراق والشام من اسمها بعد استيلائها على محافظة نينوى وإعلانها إقامة الخلافة في حزيران.
آبوت أوضحَ أن أستراليا ستسقط معدات عسكرية ومساعدات لقوات البشمركة الكردية التي تقاتل هؤلاء المتشددين في شمال العراق استجابةً لمطلب الولايات المتحدة.
البيانُ الأسترالي صدَر بعد بضع ساعات من إعلان الولايات المتحدة عن عملية جديدة لإسقاط مساعدات إنسانية من الجو على منطقة عراقية محاصرة.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن غاراتٍ جويةً شُــــــنّت السبت على مسلّحي داعش قرب مدينة آمرلي المحاصرة بشمال العراق منذ أكثر من شهرين وأسقطت مساعدات إنسانية على المدنيين المحاصرين هناك.
وصرح مسؤولون بأن طائرات أميركية أسقطت أكثر من 100 حزمة من الإمدادات الطارئة كما ألقت طائرات من بريطانيا وفرنسا وأستراليا مزيداً من المساعدات الإنسانية في مساعٍ منسّقة لإغاثة أكثر من 15 ألف شخص محاصرين داخل آمرلي.
الناطق باسم البنتاغون الأميرال جون كيربي ذكر أن عمليات إلقاء المساعدات تُجرى في موازاة "ضربات مجاورة منسّقة تستهدف ارهابيي الدولة الإسلامية دعماً لهذه العملية الانسانية". وأضاف أن "العمليات ستكون محدودة في حجمها وزمنها في شكل يتم التعامل مع هذه الازمة الانسانية وحماية المدنيين المحاصرين في آمرلي"، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس للأنباء.
وفي عرضها للتصريحات ذاتها، أشارت وكالة رويترز للأنباء إلى أن الرئيس باراك أوباما عندما أمَر بأول غارات جوية وعمليات إسقاط جوي في العراق في وقت سابق من الشهر الحالي بــرّر العملية العسكرية إلى حد ما بأنها لمنع حدوث كارثة إنسانية لآلاف الأيزيديين الذين حاصرهم مقاتلون الدولة الإسلامية في جبل سنجار في شمال العراق. وفي منتصف آب أعلن انتهاء حصار المتشددين هناك.
وفي تطورٍ ميداني، صرّح مسؤولون بأن قوات الأمن العراقية تدعمها ميليشيات دخلت آمرلي الأحد. وأفادت تقارير بأن المتشددين طُردوا إلى شرقي المدينة فيما كان القتال يتواصل إلى الشمال من آمرلي عصر الأحد.
وقبل تطورات الأيام القليلة الماضية، أعلنت الأمم المتحدة الأربعاء (27 آب) أن مجلس حقوق الإنسان التابع لها سيُخصص جلسته الاستثنائية التي ستنعقد في جنيف الاثنين (1 أيلول) لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في العراق منذ استيلاء تنظيم داعش على مدينة الموصل في العاشر من حزيران.
وأوضح بيان للمفوضية السامية لحقوق الإنسان أن الجلسة الاسثنائية تنعقد بطلبٍ خاص من الحكومة العراقية في رسالة سُلّمت في السادس والعشرين من آب.
وكانت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي دانت الاثنين الماضي (25 آب)، أي قبل يوم واحد من تلقّي الطلب العراقي رسمياً، الجرائم "المروّعة واسعة الانتشار" التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق بما في ذلك القتل والرق والجرائم الجنسية واستهداف أناس لأسباب عرقية أو دينية.
وقالت في بيان صدر في جنيف إن الاضطهاد والانتهاكات الممنهجة الموثقة من قبل محققي حقوق الانسان التابعين للأمم المتحدة ترقى بمقتضى القانون الدولي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
وأضافت "يرتكب تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات مسلحة مرتبطة به انتهاكات خطيرة ومروّعة لحقوق الانسان يومياً... يستهدفون بشكل ممنهج رجالاً ونساء وأطفالاً على أساس العرق أو الدين أو الانتماء الطائفي وينفذون بلا رحمة تطهيراً عرقياً ودينياً واسع النطاق في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم."
كما أوضحت بيلاي أن المسيحيين والأيزيديين والتركمان من بين مَـــــن يستهدفهم تنظيم الدولة.
ولمزيدٍ من المعلومات والمتابعة، أجريت مقابلة مع رئيس دائرة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية العراقية السفير حسن الجنابي الذي قال لإذاعة العراق الحر أولاً إن جلسة الأول من أيلول يوم الاثنين "استثنائية خاصة بالعراق إذ أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يعقد ثلاث جلسات سنوية بصورة اعتيادية في آذار وحزيران وأيلول من العام ذاته، ولكن في حال وقوع أحداث جسام فيها انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان وتُشكّل خطورة على حياة المدنيين فإن المجلس يعقد جلسة استثنائية خاصة.." وبالتالي دعا العراق إلى أن تُخصص هذه الجلسة حصراً "لمناقشة جرائم داعش التي ارتُكبت بعد العاشر من حزيران ولغاية الآن".
وأوضح الجنابي أن طلبَ العراق عقدَ هذه الجلسة، وهي الاستثنائية الثانية والعشرين منذ تأسيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حظيِ باهتمام كبير من الدول الأعضاء في المجلس إذ دعمته أغلبية الدول الأعضاء الـ 47.
وأضاف رئيس دائرة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية العراقية أن العراق قدّم مسودة مشروع قرار للجلسة الاستثنائية "تدعو إلى تجريم المذابح والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة بحق المدنيين العراقيين وكذلك العسكريين العزل من السلاح، فضلاً عن الأقليات الدينية والإثنية التي هُجّرت من مناطقها". كما تؤكد "تضامن المجتمع الدولي مع العراق وتدين الجرائم الإرهابية التي ارتكبتها داعش مع الدعوة إلى مكافحتها عن طريق منع حركة أعضائها عبر الحدود ومصادرة أموالها واعتقال عناصرها وتقديمهم للعدالة".
الجنابي أشار إلى أن مسودة مشروع القرار تتضمن أيضاً "دعوة لأن توفد المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى العراق لجنة خاصة للتحقيق في جرائم داعش قبل أن تعود بأقرب فرصة ممكنة لتقديم تقاريرها إلى الرأي العام الدولي."
وفي المقابلة التي أُجريت عبر الهاتف، تحدث الجنابي من جنيف عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها التحذيرات الأمنية التي أصدرتها دول عدة بخصوص انضمام مسلّحين أجانب للقتال بين صفوف داعش. كما أجاب عن سؤال يتعلق بترابط انتهاكات حقوق الإنسان مع الإجراءات الأخرى التي تُتخذ حالياً على المستويين العسكري والدبلوماسي وخاصة في أعقاب صدور قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذي الرقم 2170 الذي يستهدف الجماعات الإرهابية في العراق وسوريا.
من جهته، قال فادي القاضي الناطق باسم منظمة (هيومن رايتس ووتش) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإذاعة العراق الحر إن "جميع المنظمات المعنية بحقوق الإنسان في العالم تعتبر أن جلسة الأول من أيلول لمجلس حقوق الإنسان بشأن انتهاكات داعش في العراق هي فعلاً هامة واستثنائية...". وأضاف القاضي أن منظمة (هيومن رايتس ووتش) الحقوقية الدولية غير الحكومية التي تعنى بمراقبة حقوق الإنسان حول العالم دأبت بشكل مستمر "على توثيق ارتفاع وتيرة الانتهاكات في العراق وبالتحديد مسائل مثل القتل الجماعي والقتل الممنهج من قبل تنظيم الدولة الإسلامية وغيرها أيضاً من الأطراف الفاعلة عسكرياً الآن في العراق."
وفي المقابلة التي أُجريت عبر الهاتف، أوضح القاضي من عمان موقف منظمة (هيومن رايتس ووتش) إزاء الانتهاكات التي تُرتكَب من أطراف متعددة في العراق مؤكداً "ضرورة مناقشتها وإدانتها جميعاً" بدون استثناء. وفي هذا الصدد، قال لإذاعة العراق الحر إن المنظمة الحقوقية الدولية تعتقد أن مشروع القرار الذي تقدم به العراق لجلسة مجلس حقوق الإنسان الاستثنائية "هو في صورته وصيغته الحالية منقوص إلى حدٍ ما إذ أنه في الوقت الذي ركّز على جرائم داعش أغفل الإشارة إلى جرائم قتل المدنيين المرتكبة من قبل أطراف أخرى في العراق والتي بدأت في فترة سابقة من هذا العام"، بحسب رأيه.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع رئيس دائرة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية العراقية حسن الجنابي متحدثاً من جنيف، والناطق باسم منظمة (هيومن رايتس ووتش) للشرق الأوسط وشمال إفريقيا فادي القاضي متحدثاً من عمان.