تتفاقم المعاناة الإنسانية لنازحين عراقيين في شمال البلاد حيث يواصل مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية استهداف المراكز السكانية التي تقطنها أقليات.
الأمم المتحدة أشارت إلى تقارير ميدانية تؤكد سيطرة المسلحين شبه الكاملة على منطقتيْ سنجار وتلعفر في محافظة نينوى بما في ذلك حقول النفط في عين زالة وبطمة المتاخمة لإقليم كردستان العراق.
وأضافت في بيان نشرته على الموقع الإلكتروني لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أن نحو مائتيْ ألف من المدنيين معظمهم من الأيزيدين فرّوا إلى جبل سنجار فيما نزح عدد غير معروف من المدنيين أيضاً إلى دهوك وزاخو، وهم بحاجة ماسة إلى المواد الأساسية بما في ذلك الغذاء والماء والدواء.
وفي حديثه عن "المأساة الإنسانية" للنازحين من سنجار، دعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف حكومتيْ المركز في بغداد والإقليم في أربيل إلى "استعادة التعاون الأمني على وجه السرعة بغية التعامل مع الأزمة." وأضاف أنه يدعو "جميع السلطات العراقية والمجتمع المدني والشركاء الدوليين للعمل مع الأمم المتحدة لضمان إيصال المساعدة الإنسانية المُنقذة للحياة"، بحسب تعبيره.
مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية سيطروا الأحد الماضي على مدينة سنجار الموطن الرئيسي للأقلية الأيزيدية ما دفع عشرات الآلاف من أبنائها الى النزوح.
بعض هؤلاء النازحين تحدثوا لوسائل إعلام محلية وعالمية خلال تجمع في أربيل الاثنين عن معاناتهم المريرة مناشدين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان والأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى تقديم مساعدات إنسانية عاجلة.
فيما ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) UNICEF أن موت عشرات الأطفال من الأقليات التي هُـــجّرت من مدينة وقضاء سنجار بسبب العنف المسلح يُــــــــــثير "قــلقاً كبيراً".
وأوضحت (يونيسف) في أحدث بيان عن المعاناة الإنسانية المتفاقمة للنازحين من سنجار نشَرتهُ الثلاثاء (5 آب) أن التقارير الرسمية التي تسلّمتها تؤكد أن وفاة هؤلاء الأطفال المنتمين للأقلية اليزيدية حصلت "كنتيجة مباشرة للعنف والنزوح والجفاف خلال اليومين الماضيين." وأضافت أن العائلات النازحة تحتاج إلى المساعدة الفورية بما في ذلك نحو خمسة وعشرين ألف طفل عالقين في الجبال المحيطة بسنجار، وهم بحاجة ماسة للإغاثة الإنسانية مثل مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي.
وكررت (يونيسف) دعوتها جميع الجهات المؤثرة إلى "السماح للأطفال والنساء بالوصول فوراً إلى مناطق اللجوء الآمنة واحترام الحماية الخاصة المتعلقة بالأطفال وذلك حسب القانون الدولي الانساني وقانون حقوق الإنسان."
وفي عرضها لمقتطفات من البيان، أشارت وكالة فرانس برس للأنباء إلى أن غالبية النازحين يعتنقون الديانة الأيزيدية التي تعود جذورها إلى أربعة آلاف سنة وتعرضوا إلى هجمات متكررة من قبل الجهاديين في السابق بسبب طبيعة ديانتهم الفريدة من نوعها.
سنجار تستضيف كذلك آلاف المهجّرين من الأقلية التركمانية الشيعية الذين كانوا فـــرّوا بدورهم من قضاء تلعفر المجاور قبل نحو شهرين عندما وقعت منطقتهم تحت سيطرة المسلحين.
ونشر بعض الناشطين صوراً على الإنترنت تظهر فيها مجموعات من النازحين تفترش الكهوف والوديان الصخرية في جبال سنجار. فيما حذر قادة وناشطون حقوقيون أيزيديون من أن هذه الأقلية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين بات وجودها في موطنها الأصلي وعلى أرض أجدادها مهدداً بفعل أعمال العنف والتهجير الاخيرة.
من جهته، ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنه في السابق كان عدد من يعيشون في منطقة سنجار يُـقدّر بنحو 308 آلاف، مشيراً إلى فرار العديد من هؤلاء إلى جبل سنجار مع تقدم المسلحين نحو منطقتهم.
وقال المكتب في بيان نُشر في جنيف الاثنين (4 آب) إن "العدد المحدد للنازحين على جبل سنجار غير معروف. لكن تقارير تشير إلى أن نحو 53 ألفاً إلى50 ألف شخص نزحوا في تسعة مواقع وتحاصرهم عناصر مسلحة من تنظيم الدولة الإسلامية"، مضيفاً أن معلومات يجرى التحقق منها تفيد "بأن أطفالاً يموتون من نقص الماء وغيره من المستلزمات الأساسية بين أولئك المحاصرين."
وأوضح البيان أن 30 ألفاً آخرين معظمهم من النساء والأطفال تمكنوا من الوصول إلى محافظة دهوك "ومن المتوقع أن يصل المزيد في الأيام المقبلة".
كما أفاد البيان بأن الجيش العراقي يجري تقييماً لإسقاطٍ جوي محتمل لمساعدات انسانية فوق الجبل، بحسب ما نقلت عنه وكالة رويترز للأنباء.
ولمزيدٍ من المعلومات، أجريت مقابلة مع الناطقة باسم المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جولييت توما التي قالت لإذاعة العراق الحر الثلاثاء "إن التقارير الواردة حتى الآن تفيد بوفاة أربعين طفلاً بسبب الأزمة في سنجار والنزوح وتعرضهم للعنف والعطش والجفاف". وأضافت أن "عدد العالقين في منطقة الجبال يقدّر بنحو خمسين ألف شخص وهم بحاجة ماسّة إلى مساعدات إنسانية عاجلة".
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أجابت الناطقة باسم (يونيسف) عن سؤال آخر يتعلق بالمساعدات الأخرى الى آلاف الأطفال النازحين في مختلف أنحاء العراق. كما تحدثت عن برنامج الطوارئ الذي أطلقته المنظمة الدولية في بداية العام الحالي لمساعدة الأُسر النازحة من الأنبار إلى محافظات عراقية مختلفة، موضحةً أنه "تَــــوسّع في أعقاب موجة النزوح التي بدأت من الموصل قبل نحو شهرين".
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقطعين صوتيين من مناشدات نازحين من سنجار ومقابلة مع الناطقة باسم المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جولييت توما متحدثةً من عمان.