تشتبكُ قوات نظامية في كلٍ من العراق ولبنان مع جماعات مسلحة متطرفة تمكنت بشكلٍ متزامنٍ ومباغتٍ خلال الساعات الماضية من فتحِ جبهتين اثنتين محاذيتين للساحة السورية.
وفي ما يُشكّل الامتداد الأخطر لحرب سوريا إلى دول الجوار منذ اندلاعها قبل أكثر من ثلاث سنوات، أفادت التقارير الميدانية الواردة من شمال العراق بأن تنظيم الدولة الإسلامية استولى الأحد على أراضٍ كانت تخضع لسيطرة قوات البشمركة الكردية جنوب قضاء سنجار قرب الحدود العراقية السورية. فيما أعلن الجيش اللبناني من جهته الأحد مقتل ثمانية من جنوده وإصابة آخرين في معارك مع مسلحين في منطقة عرسال الحدودية مع سوريا اندلعت السبت بعد توقيف رجل يُشتبه بانتمائه لجبهة النصرة الذراع السوري لتنظيم القاعدة. وقال مسؤولون أمنيون لبنانيون إنه كان من بين المسلحين مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية الذين سيطروا على مساحات واسعة من سوريا والعراق.
كان هذا التنظيم الذي سيطر على نينوى وأجزاء من محافظات أخرى في حزيران وأعلن إقامة الخلافة هدد بالزحف على العاصمة بغداد أيضاً.
ونُقل عن مسؤول في شركة نفط الشمال التابعة لوزارة النفط العراقية الأحد أن مقاتلي الدولة الإسلامية استولوا على حقل عين زالة ومصفاة قريبة.
تأكيدُ المصدر الرسمي لهذا التطور يأتي بعد أن بسط المسلحون بالفعل سيطرتهم على أربعة حقول نفطية ما يساعد في تمويل عملياتهم.
فيما أعلن التنظيم في بيان على الإنترنت سيطرته "على العديد من المناطق وهي ناحية زمار ومنطقة عين زالة الغنية بالنفط" بالإضافة إلى 12 قرية أخرى. وأضاف "وقد وصلت سرايا الدولة الإسلامية للمثلث الحدودي بين العراق والشام وتركيا"، بحسب ما نقلت عنه رويترز.
في الأثناء، وُصفت الاشتباكات التي شهدتها منطقة عرسال اللبنانية القريبة من الحدود السورية بأنها أسوأ امتداد للعنف من الدولة المجاورة. وقال الجيش اللبناني في بيان نشرته الوكالة الوطنية للإعلام إنه "لن يسمح لأي طرف بنقل المعركة من سوريا الى أرضه". وأوضح الجيش أن وحداته "تابعت طوال الليل وحتى صباح اليوم (الأحد) عملياتها العسكرية في منطقة عرسال ومحيطها حيث قامت بملاحقة المجموعات المسلحة والاشتباك معها".
وبالإضافة إلى الضحايا بين صفوف الجيش اللبناني، صرّح مصدر أمني بأن ما لا يقل عن ثلاثة مدنيين قتلوا كما احتُجز 16 من أفراد قوات الأمن بعد أن سيطر مقاتلون من جبهة النصرة على المبنى الأمني. وقال مسؤول محلي لبناني إن المحتجزين موجودون في"مكان آمن."
الولاياتُ المتحدة دانَت بشدة الهجوم على القوات اللبنانية قرب الحدود الشرقية مع سوريا مؤكدةً على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر ساكي أنها "ملتزمة بأمن وسلامة لبنان واستقراره وسيادته وسيادة أراضيه".
وفي حديثه عن آخر المستجدات، قال مدير (مركز الاستشارية للدراسات الإستراتيجية) في لبنان الدكتور عماد رزق ردّاً على سؤال لإذاعة العراق الحر في شأن بيان الإدانة الذي سارَعت واشنطن إلى إصداره ليل السبت إن معلومات أفادت الأحد بأن السفير الأميركي في بيروت دعا إلى عقد اجتماع طارئ مع قائد الجيش اللبناني لتأكيد جاهزية الولايات المتحدة لدعم القوات النظامية "بكل الوسائل الممكنة لدحر الإرهاب والقضاء على أي إمكانية لنقل الفوضى من سوريا إلى لبنان".
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أوردَ رزق تفاصيل آخر التطورات الميدانية على الحدود السورية اللبنانية. كما تحدث عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها محاولات التمدد المتواصل لتنظيم الدولة الإسلامية أو ما كان يُعرف بـ(داعش) على الأرض في مناطق مختلفة إثر سيطرته على الموصل والإسهامات العسكرية التي يحصل عليها إما من ضباط محترفين سابقين أو مقاتلين متطوعين من دول مختلفة ما يُـمكّنه من مواجهةِ قواتٍ نظامية في كلٍ من العراق ولبنان بوقتٍ متزامن.
من جهته، قال المحلل الأمني أمير جبار الساعدي لإذاعة العراق الحر في تعليقه على تطورات الساعات الأربع والعشرين الماضية على الساحتين العراقية واللبنانية بشكلٍ متزامن "من الملاحظ أن إستراتيجية داعش لا تكمن في الحصول على موطئ قدم في منطقة واحدة وإنْ كانت تعتمد على مبدأ قضم الأرض والاستنزاف وتشتيت القطعات التي تقاتلها ومن ثمّ التمكين...ولهذا نرى أنه لكي تحقق حلم كسب ما يسمى بخلافة الدولة الإسلامية وكسب النشطاء والمتعاطفين والمغرّر بهم في العالم الإسلامي بعد أن حققت بعض النجاحات في مدينة الموصل بالتحديد والتي أكسبَتها كثيراً من الدعم اللوجستي والمالي والموارد البشرية.......نراها اليوم تُــهدد الـعـمق اللبناني"، على حد تعبيره.
وأضاف الساعدي في المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي أنه في ضوء هذه الإستراتيجية يُتوقع "أن تعمد داعش في الفترة المقبلة إلى ضربة تهدد عمق دولة أخرى هي الأردن كما ستقوم بعملية مشاغلة حزب الله اللبناني بالإضافة إلى محاولة استنزاف إيران"، بحسب رأيه.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع مدير (مركز الاستشارية للدراسات الإستراتيجية) في لبنان د. عماد رزق، ومحلل الشؤون الأمنية أمير جبار الساعدي متحدثاً من بغداد.