ما الذي يدفع رساماً او مبدعا الى الاعتزال في كوخ بعيد عن المدينة لا تتوفر فيه وسائل الراحة والرفاهية؟ ولماذا يختار شاب عراقي ان يبتني كوخا معتقدا انه سيحقق فيه مشاريعه ويرسم لوحاته التي يحلم، ويجد حريته بعد أن اصطدم بمعوقات الحياة اليومية في مدينته وبلده؟
هذا ما يدور حوله الحوار مع الفنان الرسام حسين الركابي الذي أقدم منذ اقل من عام على بناء كوخ منعزل بيده على أرض وفرها له صديق طفولته عبد الحسين شلاكه، عند أطراف مدينة الناصرية، ليحوّله صاحبنا الى مسكن ومرسم ومختبر لأفكاره وبحثه عن معنى الحياة، مبتدعاً حريته بعد ان اصطدم بقسوة الواقع، وتقاطعَ مع تصرفات البعض من مواطنيه ومجايليه.
يقول الركابي لـ"حوارات" إن كوخه تحول الى محطة لقاء وحوار مع رفقة معدودين من أصدقاء وزملاء جمعهم يأسُهم من المدن التي أصبحت لا تطاق لأنها "تعسكرت أو تحولت للعسكر"، ويرى الركابي ان الطبيعة حافز مهم للإبداع الفني ومحرضة على الإنتاج.
يحدثنا الركابي من كوخه الفقير ببنائه وموجوداته، لكنه غني بطاقة العمل والابداع التب تشيع في شخصية هذا الشاب الباحث عن التميز والاختلاف، في أعماله الفنية، فضلا عن مشاريعه المثيرة للإعجاب أو الاستغراب من قبل البعض.
ويعبر ضيف برنامج حوارات عن سعادته بفيض الأفكار والمواضيع التي تلاحقه وهو يرسم لوحته المقبلة، يضمّنها شخصيته الفنية باحثا عن أساليب وتقنيات تنسجم مع رؤيته للفن وجدواه. لا يشغله تسويق أعماله او مشاركته في المعارض، بل ما يهمه هو العمل بجدية ومسؤولية كفنان عاشق لفنه.
بين محطات الحوار واسئلتنا عن جذور فكرة ابتناء الكوخ، والمشاريع المنتظرة التي يمكن أن يحتضنها، وهل هو شكل من أشكال المدينة الفاضلة التي يحلم بها ضيفنا؟ وكيف يمكن ان يتحول كوخ الفنان الى مقصد للمهتمين بالفن والنشاطات الثقافية والفنية، يتوقف حسين الركابي معبرا عن قناعته " بأنك في الطبيعة تطرح على نفسك عدة أسئلة تستحق التفكير: هل أنت مبدع؟ هل أنت فنان حقيقي؟ وما جدوى وجودك؟"، خالصا الى حقيقة "أن الطبيعة هي فرصة للتنفس".