يُتوقَــعُ أن يَتسارعَ التحرّك نحو حل الأزمة السياسية إثر التقدم الذي أُحرز الثلاثاء بانتخاب رئيسٍ لمجلس النواب العراقي وهي الخطوة التي تمهدّ لحسم مسألة شغل منصبيْ رئاستيْ الجمهورية والحكومة.
البرلمان العراقي انتخب النائب سليم الجبوري رئيساً له. ومن شأن هذه الخطوة أن تسهم في إنهاء الجمود السياسي فضلاً عن تعزيزِ جهودٍ على الصعيدين الأمني والعسكري للتصدّي للجماعات المسلّحة التي تواصل على ما يبدو خطوات ميدانية بهدف تعزيز مكاسبها على الأرض إثر سيطرتها على نينوى وأجزاء من محافظات شمالية أخرى في حزيران.
وما تزال هذه المكاسب الميدانية التي حققها تنظيم (الدولة الإسلامية) على الساحة العراقية محور تقييمات عسكرية وسياسية في الولايات المتحدة الأميركية التي ترتبط باتفاقية إطار إستراتيجي للتعاون طويل الأمد مع العراق.
وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أعلنت الاثنين على لسان الناطق باسمها الأميرال جون كيربي أن الفرق العسكرية الأميركية أنهت تقييمها للقوات الأمنية العراقية.
وأفادت صحيفة (نيويورك تايمز) New York Times في تقرير بقلم إريك شميت Eric Shmitt ومايكل غوردن Michael R. Gordon بأن التقييم السري الذي يقع في 120 صفحة واستغرق إعداده أسبوعين لا يتضمن توصيات محددة. لكنه يشير إلى أن نصف وحدات الجيش العراقي فقط مؤهلة لتلقي النصح من القوات الأميركية. كما يتضمّن تحذيراً بأن أي عسكريين أميركيين يوفَدون كمستشارين يواجهون مخاطر أمنية بسبب اختراق القوات العراقية من قِبل متطرفين وقوات مدعومة من إيران أو ميليشيات.
التقرير تُجرى مراجعته حالياً من قبل الجنرال لويد أوستن قائد القوات الأميركية الوسطى قبل إرساله إلى وزير الدفاع تشاك هيغل ومسؤولين كبار آخرين في البنتاغون لدراسته بغية رفع توصية إلى البيت الأبيض في شأن إيفاد مزيدٍ من المستشارين العسكريين البالغ عددهم على الأرض حالياً نحو 220 والذين تنحصر مهمتهم في تقييم قدرات الجيش العراقي.
وقالت (نيويورك تايمز) إن هؤلاء المستشارين خلصوا في التقييم الأولي إلى أن بإمكان القوات العراقية الدفاع عن بغداد ولكن ليس بالضرورة عن المدينة كلها خاصةً في حال تعرضها لهجوم كبير.
في الأثناء، أُعلن في واشنطن أن إحدى لجان الكونغرس ستعقد الأسبوع المقبل جلسة استماع للنظر في التقدم الذي أحرزته الجماعات المسلّحة في العراق وفي مقدمتها جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) التي باتت تُعرف باسم تنظيم (الدولة الإسلامية).
وقالت لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب الأميركي في بيان صحفي نشرته الاثنين (14 تموز) وتلقت إذاعة العراق الحر نسخة منه إن رئيسها إد رويس Ed Royce، وهو نائب جمهوري من ولاية كاليفورنيا، دعا النواب إلى حضور الجلسة التي ستنعقد يوم الأربعاء الثالث والعشرين من تموز تحت عنوان (التقدم الإرهابي في العراق: استجابة الولايات المتحدة) وتستمع خلالها إلى شهادة نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وإيران بريت ماكغرك Brett McGurk.
وفي تعليقٍ لإذاعة العراق الحر على التقييمات التي تُجرى حالياً في واشنطن لغرض مساعدة الحليف العراقي في التصدي للإرهاب، قال الكاتب والإعلامي حميد الكفائي إن "الموقف الأميركي داعم للعراق في مسألة الحرب ضد الإرهاب ذلك أن هذه الحرب ليست قضية عراقية فحسب بل هي قضية عالمية وواجب إنساني على كل دول العالم، وكل هذه الدول الآن مهتمة بقضية الإرهاب والولايات المتحدة معنية بالعراق ومعنية بمحاربة الإرهاب...."، بحسب تعبيره.
وفي مقابلة أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أجاب الكفائي عن سؤال آخر يتعلق بمدى ترابط الأزمة السياسية الراهنة بالوضع الأمني على خلفية التقدم الميداني الذي أحرزته الجماعات المسلحة في مناطق عراقية عدة منذ سيطرتها على نينوى الشهر الماضي.
يشار إلى ما أعلنته مصادر رسمية عراقية الثلاثاء بأن القوات الحكومية تمكنت من دخول مدينة تكريت والسيطرة على الجزء الجنوبي من المدينة التي يسيطر عليها مسلحون أغلبهم من تنظيم (الدولة الاسلامية) منذ الحادي عشر من حزيران. وصرح محافظ صلاح الدين أحمد عبد الجبوري لفرانس برس بأن القوات العراقية تمكنت "خلال العملية التي بدأت صباحاً من السيطرة على الجزء الجنوبي من المدينة حيث يقع مبنى المحافظة وأكاديمية الشرطة ومستشفى تكريت".
بدوره، أكد عقيد في الجيش أن القوات العراقية دخلت المدينة وسيطرت على الجزء الجنوبي، مضيفاً أن الاشتباكات ما زالت تدور في جنوبي تكريت.
وكانت القوات الأمنية بدأت في 28 من حزيران تقدّمها بــــَراً نحو مدينة تكريت التي يسيطر عليها مسلحون متطرفون مدعومةً بغطاء جوي كثيف.
وجاءت أنباء الـتَــــــقدم الذي تحرزه هذه القوات في تكريت بعد يوم واحد من التقارير التي أفادت بأن اشتباكات كانت تتواصل في الضلوعية الاثنين لليوم الثاني على التوالي بين قوات من الشرطة والعشائر من جهة ومسلحي تنظيم )الدولة الإسلامية).
وصرح مدير ناحية الضلوعية مروان متعب لفرانس برس بأن الاشتباكات متواصلة منذ يوم أمس (الأحد) بين مسلحين يحاولون فرض سيطرتهم على الضلوعية وأبناء العشائر وقوات الشرطة". وأضاف أن "الاشتباكات تدور في منطقة الجبور جنوبي الضلوعية بعد ان سيطر المسلحون على وسط وشمال الناحية"، مؤكداً أن "غالبية مناطق الناحية تحت سيطرة المسلحين ولم يبق سوى منطقة الجبور".
بدوره، تحدث ضابط في الشرطة عن نزوح أعداد كبيرة من أهالي الضلوعية.
وعن أهمية الضلوعية من الناحية العسكرية، أوضح مدير (المركز الجمهوري للدراسات الأمنية) في بغداد الدكتور معتز محيي لإذاعة العراق الحر أن "مَن يسيطر على الضلوعية سوف يقطع طريق الإمدادات على مدن بلد وسامراء والحويجة والعلم وكذلك تكريت والبوحشمة والإسحاقي فهي مهمة جداً إذ تتفرع منها طرق عديدة إلى هذه الأماكن وهذه المدن، وهي عبارة عن بساتين واسعة ومحاذية لنهر دجلة وفيها كذلك تلال وطرق كثيرة غير معبّدة.....".
وفي مقابلة أجريت عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث خبير الشؤون الأمنية محيي أيضاً عن موضوعات أخرى ذات صلة بالعملية العسكرية التي أُفيد بأن الجيش العراقي يواصل تنفيذها ضد الجماعات المسلحة في تكريت ومناطق أخرى في محافظة صلاح الدين.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع مدير (المركز الجمهوري للدراسات الأمنية) في بغداد د. معتز محيي والكاتب والإعلامي حميد الكفائي.