تشتد معاناة الاطفال العراقيين الذين نزحت عوائلهم من مناطق عديدة من محافظة نينوى بعد سيطرة مسلحي تنظيم (داعش) وتنظيمات اخرى على الموصل ومدن اخرى في اكبر عملية نزوح جماعي يشهدها العراق.
وحذرت بعثة الامم المتحدة الى العراق (يونامي) من المخاطر التي تتهدد الاطفال النازحين، وشددت على ان "الحاجة الانسانية الاكثر الحاحا تتمثل في منع تفشي الحالات المتزايدة من امراض الإسهال بسبب الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية واستخدام المياه غير المأمونة مع محدودية توفر المياه الصالحة للشرب".
وأوضحت البعثة ان "الأطفال دون سن الخامسة من العمر هم الفئة الأكثر تعرضاً لتلك الأمراض، وان منظمة الأمم المتحدة للطفولة ومنظمة الصحة العالمية كانتا قد جهزتا عُدد طبية لحالات الطوارئ بيد أن المنطقة تعاني نقصاً حاداً في الملاكات والإمكانات الطبية".
وفي السياق نفسه اعلنت المفوضية المستقلة لحقوق الانسان في العراق ان 23 الف طفل دون سن الـ 11 عاما نزحوا مع عائلاتهم الى اقليم كردستان ومناطق الوسط والجنوب، وان اوضاع الاطفال في الاقليم صعبة للغاية اذ يعيشون في مخيمات تفتقر الى المستلزمات الضرورية وهناك نقص في المواد الصحية وحليب الاطفال واللقاحات.
ويؤكد عضو مجلس المفوضية فاضل الغراوي ان بعض الاطفال يعيشون مع عائلاتهم بدون مأوى، وعددا منهم توفوا بسبب اشتداد الحر ونقص الدواء والعيش في ظروف صحية صعبة للغاية، مؤكداً انه على الرغم مما قدمته المنظمات الدولية والمحلية والمرجعيات الدينية من مساعدات للنازحين الا ان احوالهم ما زالت سيئة. وانتقد الجهد الحكومي في اطار تقديم الدعم للعوائل النازحة اذ ما زالت الاجراءات الحكومية تخضع للروتين ما تسبب بمضاعفة معاناة النازحين. ويقر الغرواي بان اوضاع الاطفال النازحين الى محافظات الوسط ربما هم افضل حالا من اقرانهم الذين نزحت عائلاتهم الى اقليم كردستان بسبب طبيعة الظروف والخدمات والدعم المقدم، مشيرا الى جهود منظمات المجتمع المدني والتجار ومكاتب المرجعيات في تقديم المساعدات الى النازحين والتواجد في اماكن تواجدهم.
ويشكل النزوح الجماعي للمواطنين ظاهرة سلبية تتسبب بها الحروب والنزاعات باشكالها فيشعر المواطن بالتهديد المباشر لحياته فيلجأ الى الهرب الى اماكن اكثر امانا، وهو ما حصل للمناطق والمدن التي تعرضت لسيطرة الجماعات الارهابية. ويتسبب النزوح بمشاكل ديموغرافية واقتصادية واجتماعية وتربوية لاسيما بالنسبة للاطفال.
وفي هذا الصدد تؤكد استاذة علم الاجتماع بكلية الاداب في جامعة بغداد الدكتورة ناهدة عبد الكريم، ان الهجرة والنزوح سيؤثران بشكل مباشر على نفسية الاطفال خصوصا بالنسبة للاطفال من عمر الخامسة والسادسة، حيث يشكل هذا العمر مرحلة مهمة للطفل تتشكل على اساسها شخصية الطفل واي مشاكل عائلية واجتماعية ونفسية يتعرض لها ستبقى ملاصقة لشخصيته.
تحرك مدني
ويبدو ان ان هناك تحركا جادا من قبل منظمات المجتمع المدني في العراق للتفاعل الحقيقي مع الازمة الحالية ومشكلة النازحين وتحديدا الاطفال منهم. فقد اعلنت نحو 100 منظمة عن تجمع اطلقت عليه تجمع منظمات المجتمع المدني من اجل العراق واطلقت مبادرة تتركز على وضع الاطفال النازحين.
وتؤكد الناشطة في مجال حقوق الانسان جنان مبارك ان المبادرة تشمل النازحين وهم على ثلاثة انواع، النازحون في المخيمات والنازحون في بنايات المدارس والاخير الذي يتنقل من منطقة الى اخرى ويسكن البيوت. وتبين مبارك ان وزارة الهجرة تفتقر الى الاحصاءات الدقيقة باعداد النازحين وان تجمعهم سيحصي النازحين عن طريق مجالس البلدية ومن المخيمات الموجودة على المناطق الحدودية في اقليم كوردستان والموصل من خلال المنظمات الدولية. واوضحت انهم سينسقون مع وزارتي الداخلية والهجرة والمجالس البلدية من اجل عمل كارتات او بطاقات خاصة بكل نازح، يستخدمها عند مراجعته المستشفيات او لتسجيل الطلبة في المدارس فضلا على تسهيل حصولهم على المؤن الغذائية والطبية.
ومع اشتداد معاناة الاطفال النازحين اكدت مديرة مكتب هيئة رعاية الطفولة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عبير الجلبي ان الهيئة تعنى فقط بالاطفال الذين يفقدون عوائلهم بسبب الاوضاع الامنية حيث سيتم توفير المأوى لهم ورعايتهم بشكل كامل.
واخيرا فان مشكلة النازحين والمتضررين من جرائم مسلحي (داعش) سيتم الترويج لها دوليا، إذ اكد عضو مجلس المفوضية المستقلة لحقوق الانسان فاضل الغراوي ان المفوضية اعدت ملفا كاملا يتضمن ادلة وبراهين وبيانات وافادات تؤكد قيام (داعش) بارتكاب ابشع الجرائم بحق المدنيين العزل، ستتقدم به كشكوى الى محكمة حقوق الانسان في العراق ومن ثم الى المفوضية السامية لحقوق الانسان والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي.