تصعيد خطير شهدته العلاقات المتدهورة أصلا بين بغداد واربيل، بعد أن أتهم رئيس مجلس الوزراء العراقي نوري المالكي اربيل بانها أصبحت قاعدة لعمليات "الدولة الإسلامية".
وقال المالكي في كلمته التلفزيونية الأسبوعية الأربعاء: إن العراق لن يقف صامتاً إزاء تحول أربيل إلى قاعدة لعمليات الدولة الإسلامية والبعثيين وتنظيم القاعدة والإرهابيين.
وفي خطوة تكشف تصاعد الخلافات بين بغداد وأربيل وردا على تهديدات المالكي، اعلن وزراء كرد الخميس في بيان وقعوا عليه تعليق حضورهم اجتماعات حكومة تسيير الاعمال الحالية إحتجاجا على وصف رئيس مجلس الوزراء العراقي نوري المالكي مدينة اربيل بانها اصبحت مركزا للإرهاب.
وابلغ رويترز مسؤول كردي وصف بالكبير إن المسؤولين سيواصلون تسيير شؤون وزاراتهم، موضحا انهم لم ينسحبوا من الحكومة.
رئاسة الإقليم رفضت بشكل رسمي اتهامات المالكي بإيواء أربيل متشددي"الدولة الاسلامية" ودعته الى "ترك الكرسي".
وجاء الرد في بيان صادر عن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الإقليم أوميد صباح الذي جاء فيه "أنه لشرف كبير للشعب الكردستاني أن تكون أربيل ملاذا كل المظلومين، بمن فيهم هو بالذات (أي المالكي) عندما هرب من الديكتاتورية"، لافتا "أن أربيل حاليا هي ملاذ جميع الذين يهربون من دكتاتوريته.".
مراقبون للشأن السياسي ومواطنون في بغداد وأربيل أعربوا عن قلقهم من التصعيد الاخير متسائلين عن مصير البلاد، التي تشهد أوضاعاً سياسية وأمنية خطيرة، تهدد بالتقسيم، بعد أن سيطر مسلحو تنظيم "الدولة الإسلامية" وجماعات مسلحة متشددة على الموصل ومناطق أخرى من محافظات شمال العراق ووسطه، وتلويح رئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني الى اجراء استفتاء لتقرير المصير.
المستشار الإعلامي لرئاسة إقليم كوردستان كفاح محمود حذر في تصريحه لإذاعة العراق الحر من تصريحات المالكي وقال انها ستقود البلاد الى مزيد من الحروب الطائفية والقومية والعرقية.
ويرى النائب شيركو جودت عضو برلمان اقليم كوردستان عن الاتحاد الاسلامي الكوردستاني أن إتهامات بغداد الاخيرة لأربيل بإيواء الارهابيين والبعثيين، اتهامات خطيرة ودليل على الاضطراب الواضح في قرارات وتوجهات المالكي الذي يحاول القاء مسؤولية ما حصل في العراق على الاقليم.
لكن رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي يرى أن اتهامات المالكي لأربيل جاءت متأخرة، إذ تشير تقارير منذ سنتين الى وجود معارضين للعملية السياسية، وهناك انتقادات مستمرة من أربيل للحكومة العراقية، بحسب الهاشمي الذي يؤكد أن على المالكي أن يثبت بالأدلة وجود بعثيين وداعشيين وأرهابيين في أربيل، لافتاً الى أن أخطاء كثيرة ارتكبت في بغداد وأربيل على صعيد إدارة الازمة التي تمر بها البلاد.
ويرى المحلل السياسي الكوردي علي عبد الرزاق أن تصريحات رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي الاخيرة واتهاماته لأربيل أوصل الامور بين بغداد وأربيل الى القطيعة وضيّع كل أمل في انقاذ العملية السياسية.
مواطنون في بغداد واربيل تباينت اراؤهم بشأن التصعيد الاخير واتهامات المالكي للاقليم وتدهور علاقاته مع رئيس إلاقليم مسعود بارزاني وسط أعمال عنف طائفية وعمليات عسكرية بين القوات الامنية ومسلحي (داعش)، أجبرت أكثر من مليون و150 الف شخص على النزوح الى مدن إقليم كوردستان ومحافظات أخرى بحسب مفوضية حقوق الانسان في العراق.
مواطنون في أربيل نفوا أن تكون مدينتهم اصبحت مأوى لداعش وغيرهم.
وقال المواطن كاروان احمد: "اربيل ليست مأوى لداعش وأنما اربيل مكان للجميع وكان هو ايضا (أي المالكي) في يوم من الايام لاجئا في اربيل، ومن المستبعد ان يقوم الكرد بايواء جماعة داعش، الذين جاؤا الى اربيل ليسوا داعش وفي الوقت نفسه ليسوا ثقلاء على سكان المدينة."
أما المواطن هزار سعيد فقال: "إن المالكي يريد ان يتهرب من المشاكل التي اوقع فيها العراق من خلال اتهام الكرد بايواء داعش. اعتقد ان توجيه هذه الاتهامات لكردستان جاءت بعد ان اتخذت حكومة الأقليم خطوات نحو الاستقلال."
وكان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وجه رسالة مفتوحة الى الشعب العراقي وقواه الوطنية، اكد فيها انه في حال استمر رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته نوري المالكي في سياساته، فان العراق سائر نحو التقسيم، داعيا الاطراف العراقية الى العمل على اجراء تغييرات في العملية السياسية للحفاظ على وحدة البلاد.
مواطنون في بغداد أكدوا أن على حكومة اقليم كوردستان الوقوف الى جانب الحكومة في حربها ضد الأرهاب، معربين عن أملهم بأن يعود الامن الى العراق.
وهذا ما يأمله المواطن حسن فهمي الذي دعا المالكي وبارزاني الى ترميم العلاقات المتدهورة ومعالجة الأزمة التي تعيشها البلاد اليوم.
واكد المواطن شاكر محمد أن العراق بحاجة اليوم الى خطاب تهدئة بدل التصعيد الذي سيقود البلاد الى حرب اهلية، مشيرا الى أن العراقيين اليوم باتوا خائفين على مصير وطنهم.
ساهم في الملف مراسلا إذاعة العراق الحر حازم الشرع في بغداد، وعبد الحميد زيباري في أربيل.