تمر الاقليات العراقية التي تعيش في سهل نينوى والمناطق المجاورة بطروف صعبة قاسية، وهي تتعرض الى تهديدات مستمرة من قبل مسلحي تنظيم (داعش). ولم تشهد الاقليات نزوحا بشريا من مناطق تواجدها في الموصل مثلما تشهده اليوم، حيث تؤكد المعلومات نزوح مئات الالاف من المسيحيين والتركمان الشيعة والشبك والايزيديين بعد تعرضهم لمخاطر المسلحين وقتل ابنائهم او خطفهم وابتزازهم، فضلاً على تدمير دور العبادة الخاصة بهم والتهديد بمحو كل ما يمت بثقافتهم وهويتهم بصلة.
التركمان
ولعل التركمان الشيعة في قضاء تلعفر بالموصل يعدون الاكثر تعرضا للخطر لاسيما بعد هدر دمهم من قبل (داعش) لاسباب طائفية، ما ادى الى نزوح عشرات الالاف من احيائهم واتجهوا صوب اقليم كردستان وسنجار وبغداد ومحافظات الوسط والجنوب. ويؤكد النائب التركماني الاسبق فوزي اكرم ان التركمان اليوم يعيشون في ظروف قاسية بعد فرارهم من تلعفر للنجاة بارواحهم من المسلحين، حيث يعانون من قلة المؤن والمواد الطبية والخيم، وان اعدادا كبيرة من الاطفال والنساء يتعرضون للخطر.
الشبك
ولم يسلم ابناء قومية الشبك من حالة الاستهداف المباشر من قبل تنظيمات داعش الارهابية فادى ذلك الى نزوح اعداد كبيرة من الشبك بعد عمليات خطف وقتل لابناء هذا المكون وتفخيخ وقصف بالهاونات لمناطق تواجدهم، ويعدون من الاقليات المهدور دمها من قبل داعش لاسباب طائفية ايضا كونهم من الطائفة الشيعية.
ويؤكد الامين العام لتجمع الشبك الديمقراطي حنين القدو ان عشرات الالاف من الشبك تركوا منازلهم وتوجهوا الى كردستان وكربلاء ومناطق اخرى، وهم يعانون من نقص في المواد الغذائية والطبية، فضلا على معاناة الشبك الباقين في مناطقهم من شحة في الماء والكهرباء. ويؤكد القدو ان مناطق الشبك في الموصل تقع ضمن حماية قوات البيشمركة الكردية التي قامت بدورها بحفر خنادق وسواتر ترابية، وعزلت عددا كبيرا من قرى الشبك واصبحت تحت خطر مسلحي داعش الذين صادروا بيوتهم ونهبوا خيراتهم وقتلوا شبابهم ودفنوهم في مقابر جماعية.
وكان الشبك يستقرون في الساحل الايسر من الموصل قبل ان يتم استهدافهم وتهجيرهم من قبل متشددي تنظيم القاعدة خلال الاعوام الماضية، ويتواجد قسم اخر منهم في القرى الواقعة بين قضائي الحمدانية وتلكيف ونواحي بعشيقة ونمرود وبرطلة. واعرب القدو عن اسفه لعدم وجود اية ادانة دولية من قبل المجتمع الدولة وغياب اية استجابة من قبل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان تجاه ما تعانيه الاقليات في الموصل ومنهم الشبك الذين يتعرضون لابادة جماعية على يد الجماعات الارهابية.
الأيزيديون
حذرت منظمة العفو الدولية (الأربعاء) من استمرار تنظيم (داعش) في استهداف الأقليات في العراق وعلى رأسهم أتباع الديانة الايزيدية، الذين يصفهم هذا التنظيم بأنهم "عبدة الشيطان". ولفتت المنظمة في بيان الى أن (داعش) اعتقلت ما لا يقل عن 24 من الجنود وحرس الحدود العراقيين، وهم من الايزيديين، في حزيران الماضي، قبل أن تفرج عن بعضهم لاحقاً، وأن "الباقين بقوا قيد الاعتقال على طول الحدود الشمالية الشرقية السورية"، مشيرة إلى أنهم "من بين أعداد من أبناء الأقليات الذين تستهدفهم (داعش) في حملات خطف واعتقال طائفية في الأسابيع الأخيرة".
ويعيش الايزيديون اليوم في قضاء سنجار تحت وطأة الخوف والهلع خشية احتلال القضاء في اية لحظة من قبل مسلحي (داعش). ويؤكد سكرتير المكتب السياسي لحزب التقدم الايزيدي سعيد بطوش قرو ان القضاء تحت حماية قوات البيشمركة ويصف حمايتها بالضعيفة، فضلاً على ابناء سنجار الذين تسلحوا لحماية مناطقهم وقراهم. واوضح ان اهالي قضاء سنجار يعانون من انقطاع الماء والكهرباء حيث يقومون بشراء الماء، مضيفا ان 117 الف نازح من تركمان تلعفر نزحوا الى قضاء سنجار وهم يعيشون في ظروف مأساوية ولم تعد المداء والبنايات الحكومية الاخرى باستيعابهم.
واكد قرو ان مستشفيات القضاء ما زالت تعمل ويواظب منتسبوها على الدوام، وهو يأمل ان يتم توزيع رواتب موظفي سنجار قريبا. ودعا قرو الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم الى تقديم المساعدة لنازحي تلعفر الذين يعيشون كارثة انسانية كما وصفها، فضلا على دعوته للحكومتين الى تقديم الحماية اللازمة للايزيديين والعمل على نسيان خلافاتهما السياسية من اجل حماية الاقليات في الموصل.
المسيحيون
بالرغم مما يعانيه المسيحيون في الموصل، وفي سهل نينوى على وجه الخصوص، من خوف وقلق بسبب التهديدات الامنية، الا ان عضو كتلة الرافدين المسيحية يونادم كنا يؤكد ان وضع التركمان الشيعة في تلعفر اسوأ حالاً من الاقليات الاخرى في الموصل وذلك بعد ان تم هدر دمهم من قبل تنظيم (داعش). وطالب كنا بمنطقة آمنة للاقيلات في الموصل بعد تقاعس الحكومة الاتحادية عن توفير الحماية اللازمة. واشار كنا الى قيام مسلحي (داعش) باستهداف الكنائس المسيحية في الموصل في هجمة بربرية ليس لها مثيل.
وانتقد كنا الموقف الدولي الذي يقول عنه بانه يتعامل بازدواجية ازاء ما يتعرض له العراق، مبينا انه لم يحصل من المنظمات الدولية سوى الوعود، مطالبا المجتمع الدولي بالعمل لايجاد الحماية للاقليات في الموصل وابعاد خطر المسلحين عنها.
ويبقى الدعم الحكومي للنازحين دون المستوى المطلوب حيث تعيش مئات الالاف من الاسر النازحة من الموصل في ظروف مأساوية للغاية. غير ان المتحدث الرسمي لوزارة الهجرة والمهجرين ستار نوروز اشار الى جملة من التحديات التي تواجه عمل الوزارة وتأتي في مقدمتها عدد النازحين الكبير وانتشارهم في عموم العراق وازمة الوقود في المناطق الساخنة فضلا على المخاطر الامنية التي تعرقل وصول الفرق الميدانية الى النازحين هذا الى جانب عهدم اقرار الموازنة التي تسبب في تأخر توزيع المنح المالية للعوائل النازحة.