برغم توالي البيانات والبلاغات العسكرية والامنية العراقية حول تحقيق انتصارات وضربات مباشرة للتنظيمات المسلحة وقادتها وتجمعاتها وآلياتها، الا أن عسكريا أمريكيا رفيعا استبعد احتمال تمكّن الجيش العراقي بمفرده، من استعادة الأراضي التي سيطر عليها مسلحو تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية وأنصارهم في الفترة الاخيرة.
دمبسي: لا أتوقع ان يستعيد العراق مدنه لوحده
وفي الوقت الذي اعترف المسؤول الأمريكي بأن القوات العراقية قادرةٌ على الدفاع عن بغداد، شكك في قدرتها حاليا على شن هجوم مضاد على المتمردين.
ففي مؤتمر صحفي عقد بوزارة الدفاع "البنتاغون" الجمعة، قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال مارتن دمبسي إنه لا يتوقع أن تتمكن القوات العراقية بمفردها من استعادة الأراضي التي سيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" شمالي العراق مؤخرا.
وذكر الجنرال دمبسي أنه بعد المكاسب الأولية بالتعاون مع الجماعات السنية الأخرى في العراق، حقق المسلحون بعض التقدم المهم
والسريع بدرجة كبيرة. وهم يسعون للسيطرة على ما كسبوه كما أنهم "يوسعون خطوط الاتصال اللوجستية". بحسب تعبيره
ومع اعتراف رئيس الأركان الأمريكي الجنرال بان القوات العراقية تتعزز قدرتها على الدفاع عن بغداد، الا ان شنها هجوماً (على المتمردين) يشكل تحديا لوجستيا في معظمه. لاحظ الخبير العسكري سعيد الجياشي من جانبه أن القوات المسلحة العراقية تنهج مساراً استراتيجيا وقد استعادت في الأيام الأخيرة زمام المبادأة والتعرض من مسلحي داعش في بعض المناطق من صلاح الدين والانبار وديالى وبيجي.
وصنف الخبير العسكري سعيد الجياشي في حديثه لإذاعة العراق الحر طبيعة العمليات التي تقوم بها الوحدات العراقية حاليا، بين مشاغلة، وضبط الأرض، وضربات مباغتة، في وقت يعتقد الجياشي أن التحضيرَ قائمٌ لهجوم أوسع لاستعادة المدن الكبيرة ومنها الموصل.
خلف: "داعش" يتمترسون بالمدن والمدنيين
بهذا الشأن شخّص المديرُ السابق لعمليات وزارة الداخلية اللواء عبد الكريم خلف بأن العراق يواجه حربا شاملة ومعقدة مع تنظيم "داعش" بعد سيطرة مقاتليه على بعض المدن المهمة، وفي تفسيره لبطء رد الفعل العسكري العراقي على المسلحين أكد خلف في حديث لإذاعة العراق الحر أن أولوية سلامة المدنيين العراقيين في المدن التي يسيطر عليها المسلحون دخلت عنصرا مهما في تأخر القوات المسلحة في تحرير المدن من مسلحي الدولة الإسلامية واستعادة السيطرة عليها.
وأكد اللواء خلف أن القوات العراقية مدربة جيداً على أنظمة قتال المدن خصوصا القوات الخاصة وألوية الرد السريع التي تمثل اليوم رأسَ الحربة في المواجهة مع مسلحي "داعش"، الذين يتمترسون بالمدن وبالمدنيين بما يعقّد المعركة على القوات العراقية، ويعيق تنفيذها الهجمات الشاملة.
ولفت المدير السابق لعمليات وزارة الداخلية خلف الى حاجة طيران الجيش والقوة الجوية الى المزيد من الطائرات السمتية وثابتة الجناح، للمشاركة في ضرب المسلحين. مشيرا الى ان الدعمَ الأمريكي على هذا الصعيد متأخر، وما زال مطلوبا برغم انضمام خمس طائرات مقاتلة روسية الى الجهد القتالي مؤخرا.
في تقييمه اعترف رئيسُ هيئة الأركان الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي بإن القوات العراقية عززت دفاعاتها حول بغداد، لكنها ستحتاج إلى مساعدة خارجية لاستعادة الأراضي التي فقدتها. مؤكدا أن خيار توجيه ضربات عسكرية أمريكية لمقاتلي التنظيم لا يزال مطروحا.
وحول فتح باب التطوع الى القوات العسكرية والأمنية إثر سيطرة "داعش" وحلفائها على الموصل وتكريت، اعتبر ديمبسي أن دعوة المرجع الشيعي السيد علي السيستاني للتطوع إلى جانب الجيش العراقي لم تكن مفيدة، مستدركا بأن الدعوة تلقى استجابة ولكنها تعقد الوضع قليلا، ناصحاً العراقيين بتشكيل حكومة وحدة وطنية كي يتمكنوا من مواجهة المسلحين.
وراء كل مشكلة، ابحث عن السياسة دائماً!
يبدو الاّ مناصَ من الاعتراف بالتأثير المتبادل بين المشهدين العسكري والسياسي في العراق، والذي وصفه الجنرال ديمبسي بأنه بالغ التغير، ما دفعه الى نصح العراقيين بأن الحل يكمن في تشكيل حكومة وحدة وطنية تمكنهم من مواجهة مسلحي "داعش" واخراجهم من المدن التي سيطروا عليها.
وهذا ما أكده أيضا الخبير الأمني احمد الشريفي مفترضا، خلال حديثه لإذاعة العراق الحر، مشيرا الى ان وجود حكومة كفوءة بمواجهة التحديات القائمة، يمثل بوصلة باتجاه حل الازمات العسكرية والأمنية المتداخلة، وستجيب على الأسئلة الكبيرة للعراقيين.
وبرغم اقراره بملامح التطور في قدرات وعمليات الفوات العراقية وتحركها الحالي، الا ان الخبير الأمني احمد لشريفي يعتقد انها لم تبلغ بعدُ المستوى المطلوب.
يشار الى ان الأزمة السياسية والتجاذب في تسمية الرئاسات الثلاث، تزامنت مع الهجوم الواسع لمسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" وتنظيمات متطرفة أخرى سيطروا خلاله على مناطق واسعة شملت مدنا في محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار
وكان تنظيم "داعش" أقوى التنظيمات المتطرفة في العراق وسوريا، أعلن الأحد قيام "الخلافة الإسلامية" ومبايعة أبو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين"، وكشف عن نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية.
ساهم في الملف مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد رامي احمد