قطع رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي الشك باليقين بإعلانه رفضه التخلي عن مسعاه للبقاء في السلطة والترشح لولاية ثالثة رغم الضغوط الداخلية والخارجية عليه للتنحي، بسبب الانتقادات الموجهة لطريقة حكمه علي ضوء النتائج المتمثلة في تعثر العملية السياسية، وتدهور الوضع الأمني الى حد سقوط أجزاء كبيرة في ايدي مسلحين، وعدم تحسن الخدمات رغم الموارد المالية الهائلة.
واعلن المالكي في بيان رسمي اذاعته فضائية العراقية الرسمية الجمعة (4 تموز).
"اقول بكل عزم وقوة بأني سأبقى وفيا لهم وللعراق وشعبه، ولن أتنازل أبدا عن الترشيح لمنصب رئيس الوزراء. فائتلاف دولة القانون هو الكتلة الاكبر. وهو صاحب الحق في منصب رئاسة الوزراء، وليس من حق أية جهة ان تضع الشروط".
وجاء اعلان المالكي هذا برفض التخلي عن السلطة بعد ساعات قليلة من تجديد المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني دعوته بالإسراع الى تشكيل حكومة تحظى "بقبول وطني واسع" في خطبة الجمعة التي القاها ممثله السيد احمد الصافي للخروج من الأزمة، التي جاء فيها:
"المؤمل من الكتل السياسية ان تكثف جهودها وحواراتها للخروج من الأزمة الراهنة في أقرب فرصة ممكنة. وان على الجميع ان يكونوا في مستوى المسؤولية العظيمة الملقاة على عواتقهم في هذه الظروف الاستثنائية. ان الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة وفقاً للأطر الدستورية مع رعاية ان تحظى بقبول وطني واسع في غاية الأهمية".
وقال الصافي أيضا نقلا عن السيد السيستاني: "ان من المهم ان يكون الرؤساء الثلاثة منسجمين في ما بينهم، أي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء، منسجمين في ما بينهم في وضع السياسات العامة لإدارة البلد، وقادرين على العمل سوية في حل المشاكل التي تعصف به، وفي تدارك الأخطاء الماضية التي أصبح لها تداعيات خطيرة على مستقبل العراقيين جميعاً".
وكان رئيس مجلس النواب السابق أسامة النجيفي بادر الى التخلي عن الترشح لفترة إضافية لحث المالكي على التخلي عن الترشح، غير ان المالكي أكد في بيانه ان الإخلاص لأصوات الناخبين يوجب عليه أن يكون وفيا لهم، وأن يقف الى جانبهم في هذه المحنة التي يمر بها العراق.
يذكر ان مسألة ترشح المالكي الذي يحكم البلاد منذ عام 2006 لتولي رئاسة الحكومة لولاية ثالثة تطغى على العملية السياسية في العراق.
وكان مجلس النواب قد فشل في جلسته الأولى الثلاثاء الماضي بانتخاب رئيس له حسب ما ينص الدستور، ما عرَّضه الى انتقاد المرجعية الدينية، كما جاء في خطبة الجمعة لممثل السيد السيستاني السيد احمد الصافي:
"انعقدت في يوم الثلاثاء الماضي أولى جلسات مجلس النواب الجديد وفقاً لما نصّ عليه الدستور، وتفاءل المواطنون ان يكون ذلك بداية جيدة لهذا المجلس، في الالتزام بالنصوص الدستورية والقانونية، ولكن ما حصل لاحقاً من عدم انتخاب رئيس المجلس ونائبيه قبل رفع الجلسة كان إخفاقا يؤسف له".
وطبقا للدستور فإن من الواجب انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوما من تاريخ انعقاد أول جلسة لمجلس النواب، ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما، على أن يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ التكليف.
وكان قائد الجيوش الأميركية الجنرال مارتن دمبسي أكد في وقت سابق أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية لدعم قدرة قوات الأمن العراقية على العمل.
وعبر الجنرال دمبسي عن اعتقاده بأن العراقيين غير قادرين حاليا على استعادة ما فقدوه من أجزاء العراق دون دعم خارجي. وقال
"لو تسألوني: هل لدى العراقيين في مرحلة ما القدرة على شن هجوم مضاد لاستعادة الجزء الذي فقدوه من العراق، أعتقد أن هذا سؤال كبير مهم. وربما لا يكون العراقيون قادرين على ذلك بأنفسهم".