تباينت الآراء بشأن الخطوة التي أقدمت عليها رئاسة إقليم كردستان، بدعوة البرلمان المحلي للبت في مشروع قرار كان قدم للبرلمان قبل عامين، يخص إنشاء مفوضية عليا مستقلة للانتخابات، لإجراء استفتاء عام على مصير الإقليم، بسبب الظروف المستجدة، ووصول الخلافات بين الإقليم والحكومة الاتحادية الى طريق مسدودة حسب قول قادة كرد.
فقد أكد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في كلمته الخميس(3تموز) امام ممثلي الشعوب الكردستانية في برلمان الإقليم:
"حان الوقت لكي نقرر مصيرنا بأنفسنا، لا ننتظر احدا ليقرر مصيرنا، أثبتنا للجميع باننا لم نعتد على أحد، حافظنا على استقرار المنطقة، ولم نهدد دول الجوار، وبكل قوة سوف نساعد اخوتنا الشيعة والسنة لإخراج العراق من أزمته".
وهذه العبارة الأخيرة كشفت عن أن استقلال اقليم كردستان حتى في حال حصوله لن يكون انفصالا بل تعزيزا لوحدة البلاد، كما مهد النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الإتحادي السابق عارف طيفور باقتراحه النظام الكونفدرالي.
وقد أكد القيادي في التحالف الكردستاني سلام برواري ان "الانفصال" عبارة محببة لدى الاعلام العربي لكن الحديث هنا عن الاستقلال لا يعني الانفصال باي شكل من الاشكال.
وكان رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي قد استبق هذه الخطوة بدعوة الشعب الكردي الى عدم تقرير مصيره بل حذر من ذلك بقوله:
"أنا أولا أنبه الشعب الكردي المظلوم المضطهد، بأن هذا يضر بكم وسيلقي بهذا الإقليم في متاهات لا تخرجون منها، وثانيا أنتم اخترتم وبنص الدستور أن تكونوا جزءا من العراق الذي نظامه ديمقراطي اتحادي فيدرالي، ولا يوجد في دستورنا شيء اسمه تقرير المصير".
والخطوة هذه التي قام بها بارزاني اقتصرت على دعوة البرلمان الكردي الى تشريع قانون يؤسس لمفوضية انتخابات لإجراء استفتاء عام على مصير الإقليم.
وتحدث بارزاني عن المادة 140 حول المناطق المتنازع عليها في وقت سابق على اعتبار انه أحد الأسباب التي دعته الى اتخاذ هذه الخطوة، إذ قال :
"لقد صبرنا لأكثر من عشر سنوات مع الحكومة الاتحادية لعلها تحل مشكلات هذه المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140، ولكن بدون جدوى، كانت هناك قوات حكومية في تلك المناطق انسحبت وتركتها، لذا دخلت القوات الكردية لملء هذا الفراغ لتمنع سقطوها في ايدي الإرهابيين، الان بالنسبة لنا المادة 140 أنجزت وانتهت ولن نتحدث عنها بعد الان".
وقد طمأن رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي من جانبه الكرد بان المادة دستورية وباقية على عكس ما يردده بعض أعضاء ائتلاف دولة القانون على انها انتهت، إذ قال:
"المادة 140 من الدستور لم تنته، فهي مادة دستورية ونحن ملتزمون بسياقاتها الدستورية، وعليها ان تمضي وفقها، وما تنتهي اليه فأهلا وسهلا".
وحول رأي الأقليات في المناطق المتنازع عليها تحدث النائب عن التركمان في برلمان الإقليم جودت نجار قائلا ان أي استفتاء لتقرير مصير المناطق المتنازع عليها سابقا يجب ان يشارك فيه أبناء الأقليات، ومن جميع طوائف التركمان السنة والشيعة منهم والكردستانيين حسب وصفه.
لكن الكاتب والمحلل السياسي محمود الهاشمي يرى ان الظروف غير مؤاتيه لإعلان استقلال كردستان سواء عراقيا أو إقليميا وان الكثير من الدول تنتظر ابتلاع الكرد مثل تركيا وإيران اللتين اخترقتا الإقليم.
وما يؤكد أن الأبواب ما زالت مفتوحة امام الجميع لحل المشاكل العالقة بين اربيل بغداد، تأكيد رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي ان الجلسة المقبلة لمجلس النواب الاتحادي ستكون أفضل من سابقتها، وهو قد قام بخطوات عملية تجاه السنة بإعلان العفو العام عن أفراد وجماعات وعشائر لحشد القدرات الوطنية لمواجهة الخطر الداهم من قبل الجماعات المسلحة، كما أكد أيضا المتحدث باسم ديوان رئاسة اقليم كردستان العراق اوميد صباح أن الشراكة الحقيقية والتفاهم الحقيقي كفيلان لتحقيق التعايش في إطار عراق موحد.
كما أكد النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ابراهيم احمد سمو أن القبول بالشعب الكردي وحقوقه الدستورية كفيل ببقاء العلاقة كما كانت.
وأكد القيادي ومسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي الكردستاني هيمن هورامي أيضا ان الحل السياسي ممكن وله أولوية. وكان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني قد بعث برسالة الى المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني يناشده فيها التدخل لإنقاذ البلاد من الازمات التي تعصف بها، ويبدو ان الرد جاء في خطبة الجمعة اليوم في كربلاء لممثله السيد احمد الصافي، إذ قال:
"إن الظروف الحساسة التي يعيشها العراق، تحتّم على جميع الأطراف ولا سيما القيادات السياسية، الابتعاد عن أي خطاب متشدد يؤدي الى مزيد من التأزم والتشنّج. ان احترام الدستور، والالتزام ببنوده من دون انتقائية يجب ان يكون هو الأساس الذي تبنى عليه جميع المواقف، ولا يمكن القبول بأية خطوة خارج هذا الإطار"
وكان المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنيست اعلن أن الإدارة الأميركية تحبذ بقاء العراق موحدا ديمقراطيا وتعدديا:
"في الحقيقة لا نزال نعتقد أن العراق أقوى باتحاده، وهذا هو السبب في استمرار الولايات المتحدة في دعم عراق ديمقراطي تعددي وموحد، ونحن سنواصل حث جميع الأطراف في العراق على مواصلة العمل معا نحو تحقيق هذا الهدف."
ساهم في الملف مراسلا اذاعة العراق الحر عبد الحميد زيباري من أربيل، ورامي احمد من بغداد.