أثار التزامن الذي حصل لثلاثة عوامل أمنية وسياسية محلية، ذات ابعاد إقليمية ودولية، ملف الدولة الكردية المستقلة، ألا وهي اجتياح التنظيمات الإسلامية المتشددة، في مقدمتها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) لأراض ٍ عراقية دون مقاومة تذكر من قبل الجيش العراقي، وإعلان التنظيم إقامة دولة الخلافة الإسلامية، وكذلك الخلافات السياسية العميقة عشية الجلسة الاولى للبرلمان، والدعم الإسرائيلي المعلن لاستقلال الكرد، كما جاء على لسان العديد من الساسة الإسرائيليين في مقدمتهم الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان.
هذا التزامن في العوامل الثلاثة فتح من جديد ملف استقلال الكرد بعد نحو قرن من تطلعهم وشعوب المنطقة والعالم الى التحرر عقب سقوط الخلافة العثمانية وعدد من الامبراطوريات نتيجة الحرب العالمية الأولى، وبروز أنظمة ودول جديدة على انقاضها.
ورغم ان هذا الموقف الذي أعلنه نتنياهو الأحد يخالف موقف الولايات المتحدة الداعي الى إبقاء العراق موحدا، ألا أن القيادة الكردية ابلغتها مؤخرا عند زيارة وزير الخارجية جون كيري الى كردستان العراق، كما جاء على لسان رئيس الإقليم مسعود البرزاني في حديث متلفز، حين قال ان الدولة الكردية قادمة بلا شك، وفي هذا الصدد قال رئيس وزراء إسرائيل في كلمة له في مركز الدراسات في جامعة تل ابيب: "علينا... أن ندعم التطلعات الكردية من أجل الاستقلال."
وقد برر البرزاني هذه الرغبة التي عرضها على كيري ووزير خارجية بريطانيا وليم هيج الذي زار المنطقة في الوقت نفسه أيضا بان الحكومة المركزية لم تعد تسيطر على كامل الأراضي في البلاد، كما انها لم تعد توافقية كما كان يجب.
وقد ايد نتنياهو ما ذهب اليه البرزاني بالقول إن هناك انهيارا في العراق وغيره من مناطق الشرق الأوسط التي تعاني من صراعات بين السنة والشيعة، وقال إن الأكراد: "شعب مناضل أثبت التزامه السياسي واعتداله السياسي ويستحق الاستقلال السياسي."
وكان الرئيس الاسرائيلي المنتهية ولايته، شمعون بيرس، قد أكد أيضا من جانبه ان "الدولة الكردية في العراق اصبحت حقيقة ملموسة"، مشيرا الى ان "واقعا جديدا نشأ في الشرق الاوسط".
وتزامنت هذه التصريحات مع اعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) إقامة دولة الخلافة الإسلامية في الأراضي التي يحتلها في العراق وسوريا، ومع فرضه الخدمة الإلزامية على المواطنين في تلك المناطق مقابل الفتوى التي أطلقها السيد السيستاني المرجع الديني الأعلى للشيعة ما ينذر بحرب أهلية حسب توقعات بعض المراقبين، واتساع رقعة المواجهة إقليميا ودوليا، كما حذرت من ذلك الإدارة الأميركية وإيران والسعودية.
كما تتزامن هذه التصريحات مع عقد الجلسة الأولى لمجلس النواب المقرر الثلاثاء الا ان هناك تضاربا في الانباء حول عقدها، او إنجازها أي استحقاق دستوري حتى في حالة الانعقاد، بسبب عدم حصول توافق مسبق على الرئاسات الثلاثة، ما يعرض العملية السياسية الى الخطر.
لكن عضو التحالف الكردستاني محمود عثمان قلل من أهمية الحديث في الوقت الحالي عن قيام او إعلان دولة كردية، معتبرا أن الحديث في هذا الوقت يعد مبكرا.
كما أُعلن أن رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم ورجل الدين الشيعي مقتدى الصدر طلبا من رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني "التريث" وتأجيل إعلان الدولة الكردية المستقلة.
وحول موقف تركيا من اعلان الدولة الكردية ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم وعلى لسان المتحدث باسمه حسين سيليك المح الى استعداده لقبولها لمواجهة خطر "داعش"، فيما حذرت إيران على لسان مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والإفريقية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان الأثنين من عواقب وخيمة حال تفكك العراق، في حين أبلغ وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرلمان نظيره الأمريكي جون كيري أخيرا أن قيام دولة كردية أصبح أمرًا محسومًا.