فيما أعلنت بغداد وصول مقاتلات قديمة الصنع تعاقدت على شرائها من روسيا ويُعتقد أنها كانت بمستودعاتٍ في روسيا البيضاء قالت موسكو إنها لن تقف مكتوفة اليدين إزاء تمدد الإرهاب في المنطقة وأبدت إيران استعدادها للمساعدة في قتال متشددين مسلّحين باستخدام الأساليب ذاتها التي استُخدمت ضد مقاتلي المعارضة في سوريا.
قائد القوة الجوية العراقية الفريق الأول الركن أنور حمه أمين صرّح لدى إعلانه وصول الدفعة الأولى من طائرات (سوخوي 25) بأن البلاد في "أمسّ الحاجة" إلى هذه المقاتلات التي أوضَح خبراء عسكريون أنها كانت دخلت الخدمة في الأساطيل الجوية للاتحاد السوفياتي السابق قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً وسبق للعراق أن استخدمها خلال الحرب مع إيران بين عاميْ 1980 و1988.
وأضاف قائلاً في تصريحات بثّها التلفزيون الرسمي مساء السبت إن المقاتلات الخمس "سوف تدخل الخدمة الفعلية خلال الأيام القليلة القادمة لمساندة القطعات ولقتال تنظيمات داعش الإرهابية"، بحسب تعبيره.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي صرح أخيراً في مقابلة تلفزيونية بأن مقاتلات مستخدمة روسية الصنع ستصل إلى البلاد لاستخدامها في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
وفيما لم يصدر عن موسكو أي بيان رسمي عن تفاصيل هذه الصفقة أكد مسؤول روسي رفيع دعم بلاده للعراق في مواجهته الراهنة ضد الإرهاب.
وفي التصريحات التي أدلى بها خلال مؤتمر صحافي في دمشق، ذكر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف السبت أن بلاده لن تقف مكتوفة اليدين أمام الهجوم الذي يشنّه تنظيم داعش.
وفي هذا الصدد، قال ريابكوف وفقاً للترجمة العربية الرسمية "إن روسيا لن تبقى مكتوفة اليدين إزاء محاولات جماعات بث الارهاب في دول المنطقة"، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس للأنباء.
وأضاف المسؤول الروسي أن "الموضوع خطير للغاية في العراق وخطر على أسس الدولة العراقية"، مؤكداً أنه لا يمكن حل الأزمة الراهنة "إلا عبر حوار وطني حقيقي"، بحسب تعبيره.
في غضون ذلك، وفي طهران، أعلن مسؤول عسكري إيراني كبير استعداد بلاده لمساعدة العراق في قتال مسلّحي داعش باستخدام الأساليب ذاتها ضد مقاتلي المعارضة في سوريا.
وكان المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي أعلن الأسبوع الماضي رفضه لتدخل الولايات المتحدة أو أي قوة خارجية أخرى في قتال متشددي هذا التنظيم الذي سيطر خلال الأسابيع القليلة الماضية على محافظة نينوى ومناطق في محافظات عراقية أخرى بشمال البلاد وغربها.
وفي تصريحات بُثت ليل السبت، قال العميد مسعود جزائري مساعد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية لقناة العالم التلفزيونية الإيرانية إن ردّ إيران على المتشددين سيكون "حازماً وجدّياً"، على حد وصفه.
وفي إعادة بث التصريحات، قالت وكالة رويترز للأنباء إنها لم تشمل تفاصيل المساعدة التي قد تقدمها إيران لبغداد لكنه ذكر أن طهران قد تقدم يد المساعدة في إطار ما وصفه بالدفاع الشعبي والمخابرات.
وأضاف المسؤول العسكري الإيراني أن بلاده أبلغَت المسؤولين العراقيين "بأنها مستعدة لتزويدهم بالخبرات الناجحة في الدفاع الشعبي المتنوّع وهي نفس الإستراتيجية الناجحة المستخدمة في سوريا لإبقاء الإرهابيين في وضع الدفاع... تتحدد ملامح الإستراتيجية نفسها في العراق الآن بجمع الحشود من كل المجموعات العرقية."
وصرّح بأن "الرد حازم وجدي.. وبالنسبة لسوريا أعلنّا أننا لن نسمح للإرهابيين المرتبطين بأجهزة مخابرات أجنبية بحكم الشعب السوري وإملاء عليه ما يفعله.. سنتّبع بالطبع نفس الطريقة مع العراق."
كما نُقل عنه القول إن بلاده ستتعامل مع العراق في قضايا الدفاع والأمن وضبط الحدود والتحصين. وأضاف أن إيران ستراقب الوضع في المنطقة مثلما فعلت "في سوريا ومناطق أخرى مضطربة في المنطقة" من أجل تقديم المساعدة للعراق.
بُــــــــثّت هذه التصريحات بعد بضعِ ساعاتٍ من كلمةٍ لخامنئي وصفَ فيها الحرب في العراق بأنها "مواجهة بين الإنسانية والهمجية المتوحشة" وانتقد وسائل الإعلام الغربية التي تصوّرها على أنها حرب بين الشيعة والسنّة.
المرشد الإيراني الأعلى قال خلال اجتماع مع عائلات ضحايا تفجير عام 1981 الذي دمّر مقر الحزب الجمهوري الإسلامي الحاكم في طهران:
"إن كل آمالهم معلّقة على حرب شيعية سنية، سواء كان ذلك في العراق أو في مناطق أخرى من العالم الإسلامي. إن فلول وبقايا نظام صدام في العراق، جنباً إلى جنب مع مجموعة من الجهلة والغافلين الذين ليس لديهم معرفة أو فهم، هم الذين يرتكبون هذه الجرائم التي تسمعون عنها وترونها."
وأضاف خامنئي قائلاً في الكلمة التي بثّها التلفزيون الرسمي الإيراني:
"لا توجد اليوم حرب شيعية سنية. إنها حرب بين أنصار الإرهاب ومعارضيه. إنها حرب بين مشجّعي أمريكا والغرب وبين من يؤيدون استقلال أممهم. إنها حرب بين الإنسانية والهمجية المتوحشة"، بحسب تعبيره.
وفي تعليقه على التصريحات الأخيرة الصادرة عن طهران إزاء تطورات الوضع في العراق، قال الخبير الإيراني في شؤون الشرق الأوسط الدكتور علي رضا نوري زاده في مقابلة مع إذاعة العراق الحر عبر الهاتف من لندن "لحد الآن ليس هناك أي دليل على أن القيادة الإيرانية اتخذت قراراً بإرسال وحدات قتالية إلى العراق والاكتفاء بإيفاد بعض المستشارين والخبراء من الحرس الثوري..".
من جهتها، تحدثت مديرة (مركز آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية الروسي الدكتورة ييلينا سوبوينيا لإذاعة العراق الحر في مقابلة عبر الهاتف عن موقف موسكو الذي عكَس أخيراً في تصريحات رسمية عدة دعماً لبغداد في محاربة ما وصفته بـ"خطر مشترك" للإرهاب على الأمن والسلم العالمييْن.
وفي إجابتها عن سؤال بشأن الدفعة الأولى من مقاتلات (سوخوي 25) التي تَسلّمها العراق، قالت سوبونينا "إن هذه الطائرات حسب معلوماتي كانت موجودة في مستودعات دولة أخرى هي روسيا البيضاء، وهناك غموض معيّن حول نوعية هذه الصفقة وحجمها ولكنها بالتأكيد لا تأتي في إطار الصفقة التي تم توقيعها بعد زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى موسكو في خريف السنة الماضية"، بحسب تعبيرها.
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور علي الجبوري فقد اعتبر في تعليقه لإذاعة العراق الحر على التصريحات الإيرانية الأخيرة أن "إيران تحاول أن تحمي حلفاءها أو من تعتبرهم حلفاءها في المنطقة بعد أن انتهت أو أوشكت على الانتهاء من دعمها للنظام السوري."
وأضاف الجبوري أن "إيران ترى تهديداً على حدودها التي تمتد مع العراق لمسافة شاسعة جداً، وبالتالي فهي تعتقد أن داعش لا تشكّل خطراً على العراق فحسب بل عليها أيضاً وخصوصاً على مناطق إستراتيجية إيرانية فضلاً عن العتبات المقدسة"، بحسب رأيه.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلات مع مديرة (مركز آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية الروسي د. ييلينا سوبونينا، والخبير الإيراني في شؤون الشرق الأوسط د. علي رضا نوري زاده متحدثاً من لندن، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. علي الجبوري.