ليس لجعفر عمران، من أهالي منطقة المشتل ببغداد، الا الأمل بأن يشهد انتهاءً لازماتٍ سياسية متتالية لطالما أحبطته، وتداعياتٍ أمنية أقلقته وهددت حياته، وبرغم ذاك ما زال، بحسب قوله، يستند الى دستور يستعين به كثيرون في تبرير مواقفهم وفق تفسيرهم لمواده.
تنص المادة 54 من الدستور على دعوة رئيس الجمهورية مجلسَ النواب للانعقاد بمرسومٍ جمهوري، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة، وتعقد الجلسة برئاسة أكبر الاعضاء سناً لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه، ولا يجوز التمديد لأكثر من المدة المذكورة آنفاً.
وكانت رئاسة الجمهورية أصدرت الخميس مرسوماً بانعقاد البرلمان في الاول من تموز لبدء عملية تشكيل حكومة جديدة بعد تسمية رئيسي البرلمان والجمهورية، في حين كشفت مفوضية الانتخابات أن النائب مهدي الحافظ (72) عاما هو أكبر أعضاء مجلس النواب الجديد ولذلك فهو الذي سيترأس الجلسة الاولى.
وبعد ثلاثة أشهر من الانتخابات، تتوالى الدعوات من قوى وشخصيات عراقية ودولية للبدء في عملية تشكيل الحكومة الجديدة.
ما الذي سيحدث في الجلسة الأولى للبرلمان؟
يؤكد عضو في ائتلاف دولة القانون ان عقدَ الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد استحقاقٌ دستوري لا يمكن التغاضي، ويؤكد النائب عباس البياتي حرص كتلته على عقد الجلسة في وقتها المحدد معترفا بأهمية التفاهم والتوافق مسبقا مع الأطراف المختلفة على إقرار الرئاسات الثلاث في سلة واحدة بحسب توصيفه.
بينما يؤكد المتحدث باسم كتلة المواطن بليغ أبو كلل بان المشاورات والحوارات المعمقة الجارية بين أطراف سياسية متعددة قد تفضي الى حسم عقد الجلسة المأمولة يوم الثلاثاء
اذن فالتفاهم المسبق على الرئاسات الثلاث شرط ُبعض القوى لانعقاد الجلسة، ولكن لكتلة متحدون التي يرأسها أسامة النجيفي اشتراط آخر، فهم قد لا يحضرون الجلسة في حال سمى التحالف الوطني نوري المالكي مرشحا لرئاسة الوزارة الجديدة، أي لولاية ثالثة، وهكذا يلقي النائب مظهر الجنابي الكرة في ملعب التحالف، خلال حديثه لإذاعة العراق الحر.
بينما يؤكد النائب عن التيار الصدري حاتم الزاملي ان أعضاء كتلته سيحضرون الجلسة في كل الأحوال لإتمام نصابها القانوني.
يرى أستاذ العلوم السياسية حميد فاضل أن المشهد السياسي لا يشي بانه ينطوي على حسم يسبق موعد التئام جلسة البرلمان الأولى، مستعيداً في حديثه الإذاعة العراق الحر ذات المشهد قبيل الجلسة الاولى لمجلس النواب عام 2010.
ويظن فاضل ان اغلب القوى (السنية والكردية والشيعية) لم تحسم بعدُ تسميتها النهائية لمرشحيها الى الرئاسات الثلاث: النواب والجمهورية والوزراء،
وبذا فهو يتوقع انها ستكون (في حال انعقادها) جلسة عاصفة ليس فقط بين القوائم المتصارعة تقليدياً مثل "دولة القانون" و "متحدون"، بل قد يشمل ذلك قوى ضمن الخنادق المتشابهة حتى.
المالكي يتوقع استهدافات أمنية في بغداد لتأجيل جلسة الثلاثاء
في غضون ذلك ربط رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الأوضاع السياسية بالأزمة الأمنية، عندما حذر الجمعة من ان أطرافاً يراهنون على عدم انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان في الأول في وقتها في الأول من تموز، بالتوجه لتأجيج الأوضاع الأمنية في العاصمة بغداد، بعد أن فشلوا في تعطيل الانتخابات، كوسيلة ضغط لعرقلة العملية الدستورية بحسب قوله.
يصف البعض المباحثات والاتصالات والمشاورات الجارية هذه الأيام بـ"المطبخ السياسي" الذي يعد الوجبة المنتظرة للشعب، ملاحظين أن الطباخين كثرٌ، ولكل ٍ ذائقتُه ورغباته، ترى هل ستكون ناضجة حقاً ومقبولة المذاق؟
هذا ما يثيره المحلل عصام الفيلي الذي نبه في حديث لإذاعة العراق الحر الى ان نٍصاب الجلسة البرلمانية لن يكتمل الا بحضور 165 نائبا ، نعم، قد توفره قوى وكتل مختلفة شيعية وسنية وكردية، لكنه لفت الى ان الظروف الأمنية في بعض المناطق قد تحرم نواباً من الحضور الى الجلسة المنتظرة. مما قد يؤثر على قراراتها.
وردا على توقعات البعض بان تبُقي رئاسة البرلمان الجلسة مفتوحة في حال عدم التوصل الى اتفاق الأعضاء على تسمية الرئاسات الثلاث، يلفت عصام الفيلي
الى ان المحكمة الاتحادية رفضت في قرار سابق عام 2010 إبقاء جلسة البرلمان مفتوحةً بدون سقف زمني
محلل: الواقع الأمني على الأرض يوجب تعديلات في المواقف
فرض الواقع الأمني واللوجستي عقب سيطرة المسلحين من تنظيم داعش والفصائل الساندة على مدينتي الموصل وتكريت في العاشر من الشهر الجاري عوامل مضافة على الواقع السياسي العراقي ما دفع بعض القوى الى تغيير بوصلتها، بحسب الفيلي الذي توقع ان تخفف بعض القوى التي كانت داعمة لتولي المالكي الولاية الثالثة للوزراء، من تشددها بهذا الاتجاه
وفي تحليل لطبيعة المشاورات والحوارات الجارية عشية موعد الجلسة البرلمانية نبه أستاذ العلاقات الدولية والسياسات العامة في جامعة بغداد نبيل محمد سليم الى التأثيرات الإقليمية والدولية على الوضع العراقي سلباً وايجابا، مفترضاً، في مقابلة مع إذاعة العراق الحر-يمكن الاستماع اليها في الملف الصوتي المرفق-، أن توجب المتغيرات الاخيرة على الأرض تغييرا في القناعات والمواقف، وتدفع جميع القوى والأطراف الى الجلوس على طاولة واحد\ة، و التعامل بمسؤولية مع الواقع الذي يهدد البلد ويضعه "على شفير انفجار كبير يصعب تشخيص نهايته".
سليم طالبَ القادة السياسيين التعامل بمسؤولية ومرونة لتلافي المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه.
في هذه الاثناء يتطلع عراقيون الى القادم من الأيام وعما ستتمخض عنه من نتائج قد تغير واقعهم الحياتي والأمني، لكن خليل حسين من منطقة السيدية ببغداد، لا يبدو متفائلا بان تسفر الجلسة المرتقبة لمجلس النواب عما ينعش آماله فلم تعد ثقته راسخة بالسياسيين، الذين كثيرا ما أحبطوه، واشعروه أنهم لم يكونوا قدر المسؤولية.
شارك في الملف مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد احمد الزبيدي