النتائج التي خلص اليها معهد غالوب في آخر استطلاع للرأي اجراه لمعرفة طبيعة العلاقة بين المواطنين في المناطق السنية في شمال البلاد وغربها، الخاضعة لسيطرة مسلحي ما يعرف بالدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، بحكومة مركزية برئاسة نوري المالكي في بغداد تشير الى تراجع ثقتهم بها.
وكشف الاستطلاع الهاتفي الذي شمل الفا وسبعة اشخاص من معظم محافظات العراقية الشمالية والوسط والجنوبية والغربية أن المواطنين السنة في المناطق التي يشكلون فيها غالبية لم يعودوا يثقون بحكومة في بغداد برئاسة المالكي وأن نسبة الواثقين فيهما تراجع من 52 في المائة العام الماضي الى 30 في المائة هذا العام.
http://www.gallup.com/poll/171959/faith-iraqi-government-falls-sharply-sunni-regions.aspx
وتقول الدراسة التي أعدها ستيف كرابتري عن تلك النتائج إن الحكومة الحالية التي توصف بالشيعية برئاسة نوري المالكي التي استلمت مقاليد الأمور عام 2006 لم تتمكن من التصدي بفعالية للعنف الطائفي والبطالة، وتسببت في تعقيد حياة الكثير من العراقيين، وقد عبر السنة في المناطق التي يشكلون فيها الغالبية وكذلك الشيعة في مناطقهم عن استياءهم من أداء هذه الحكومة.
بل وقام المواطنون السنة بحركة احتجاجات واسعة النطاق العام الماضي لاعتقادهم بوقوع ظلم عليهم من خلال اعتقال المئات من أبناءهم كل عام، واستبعادهم عن الوظائف الحكومية، واشراك ميليشيات شيعية في بعض العمليات الأمنية، واستخدام القوة المفرطة من قبل القوات الحكومية ضد المتظاهرين والمحتجين ما زاد التوتر مع مرور الوقت.
وتختلف الثقة بحكومة المالكي بين المواطنين الشيعة والسنة والكرد، ويُعتقد ان المالكي لم يبذل ما يكفي من الجهد لتحقيق المصالحة بين المواطنين الشيعة والسنة، ما دفع ببعض المشرعين الاميركيين الى الدعوة الى الاطاحة به، لذا تراجع التأييد للمالكي كرئيس للوزراء في المناطق السنية حاليا الى الثلث، مقابل أكثر من ثلاثة أرباع في مناطق التي يشكل الشيعة غالبية السكان فيها، اما في بغداد فان المالكي يحظى بتأييد 54 في المائة من السكان الذي هو خليط من السنة والشيعة والكرد.
وفي إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي فان رفض الكرد للمالكي أكبر من رفض السنة له اذ لا تزيد مقبوليته لديهم عن 12 في المائة فيما يرفض طريقته في الحكم والادارة 59 في المائة، وسبب هذا الرفض يعود الى الخلاف المستفحل بين الكرد والحكومة المركزية على مدينة كركوك الغنية بالنفط التي سيطرت عليها قوات البيشمركة الكردية في 16 من حزيران الجاري بدعوى حماية المواطنين الكرد.
والأزمة الراهنة في العراق يقول معد دراسة غالوب ستيف كرابتري، قائمة بسبب اليأس الذي اصاب العراقيين على نطاق واسع، اذ انه على الرغم من الموارد الهائلة التي يحصل عليها العراق الا ان البطالة مستفحلة في البلاد، ولا تتجاوز نسبة من لهم عمل بدوام كامل في القطاع الخاص عن 14 فقط، و 12 في المائة ما زالوا يبحثون عن فرصة مماثلة.
هناك عدد قليل من أرباب العمل في القطاع الخاص ممن يمكن ان يوفروا فرص عمل وهو الحال ايضا في بلدان العالم العربي كافة، فيما تتركز غالبية فرص العمل في يد الدولة، والمواطنون يفضلونها على العمل في القطاع الخاص وتبلغ نسبتهم 52 في المائة، فيما يقول31 في المائة انهم يفضلون القطاع الخاص على العام، وهذا ما يفسر شكوى السنة من ممارسة الحكومة سياسة التمييز ضدهم.
عدم الاستقرار المزمن وسوق العمل الراكدة، زادا من معاناة العراقيين، 42٪ يقولون إنه مرت بهم ظروف العام الماضي لم يملكوا ما يكفيهم من مال لشراء الغذاء لأنفسهم أو عائلاتهم، وقال 46٪ منهم انهم لم يملكوا ما يكفيهم لتوفير سكن ملائم وهذه النسبة تختلف بين المناطق الشيعية والسنية، اما المنطقة الكردية الأكثر نموا فان الأمر مختلف.
الصراع المزمن والمشاق الهائلة أثر كثيرا على نفسية العراقيين وجعلهم الى جانب شعبي إيران وسوريا أكثر شعوب الأرض قلقا وحزنا وغضبا في استطلاع للرأي أجراه معهد غالوب العام الماضي في 138 بلدا، وتبين ان نسبة العراقيين ممن يعانون القلق هو 63 في المائة وممن يعانون الحزن 54 و49 في المائة يعانون من الغضب.
وتخلص الدراسة التي أعدها معهد غالوب عن استطلاعها الذي اجرته خلال الفترة من 6 ولغاية 9 حزيران الجاري، اي قبل يوم واحد من سيطرة تنظيم داعش على مدنية الموصل، الى تراجع الثقة في المناطق السنية بالمالكي كرئيس للوزراء وتشير الى القلق من السهولة التي استطاع بها التنظيم السيطرة على المحافظات ذات الأغلبية السنية في وقت قصير، ومما زاد الاحباط فشل القادة السياسيين في توحيد الجهود لمواجهة التنظيم، والدافع القليل لدى المتطوعين من ابناء الشعب للقيام بذلك.