فيما ينتظر الجميع موقفا اميركيا واضحا مما يجري في العراق لاحظ مراقبون ان زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى العراق ركزت على الجانب السياسي اكثر من تركيزها على الجانب الامني.
كيري التقى مسؤولين في بغداد وفي اربيل وأكد على ضرورة حل المشاكل السياسية ودعا القادة الى تجاوز خلافاتهم والى تشكيل الحكومة الجديدة وهو ما يشكل ابتعادا عن الواقع الملموس وعن الازمة الامنية الحالية في البلاد، حسب مراقبين.
وزير الخارجية الاميركي اجرى جولة في عدد من دول الشرق الاوسط شملت مصر والاردن والعراق حيث التقى في بغداد رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ثم التقى في اربيل رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني.
جاءت الزيارة مع توارد انباء عن تحقيق مسلحي الدولة الاسلامية في العراق والشام – داعش مكاسب على الارض في حربهم مع القوات العراقية في مناطق عديدة في غرب العراق وشماله.
كيري وعد الحكومة العراقية بدعم اميركي مكثف ومتواصل غير انه دعا ايضا قادة العراق الى اعتماد موقف موحد في مواجهة المخاطر والى تشكيل حكومة تمثل الجميع ونبه الى ان الخطر الحالي يهدد وجود بلدهم نفسه "يواجه العراق خطرا يهدد وجوده وعلى قادة العراق مواجهة هذا الخطر بشكل عاجل وملح".
كيري نبه قادة العراق ايضا الى ان مستقبل العراق يعتمد على خيارات يتخذها القادة الان وليس غدا إذ قال:"يعتمد مستقبل العراق نفسه على خيارات الايام والاسابيع المقبلة. ومستقبل العراق يعتمد بشكل اساسي على قدرة قادة العراق على مظافرة جهودهم واتخاذ موقف موحد ضد داعش. ويجب ان يتم هذا الان وليس الاسبوع المقبل ولا الشهر المقبل".
وحث وزير الخارجية الاميركي جميع القادة الذين التقاهم في العراق على التعجيل في تشكيل الحكومة الجديدة ونقل عن رئيس الوزراء نوري المالكي وعده بأن يتم ذلك بحلول الاول من تموز المقبل وقال: "المهم الآن هو الحصول على توضيح من كل قيادي بالحكومة بشأن السبيل الذي سيتم اتباعه لتشكيل حكومة... في الواقع أكد رئيس الوزراء المالكي في مناسبات عديدة التزامه بموعد الأول من تموز".
كيري نأى بنفسه عن التدخل في من سيختار ساسة العراق لموقع القيادة وقال: "ليس من حق الولايات المتحدة ولا اي دولة اخرى اختيار من سيقود العراق. فالامر متروك لشعب العراق".
كيري: التحدي الاكبر هو تشكيل الحكومة
بعد بغداد توجه كيري الى اربيل للقاء قادة اقليم كردستان ومنهم رئيس الاقليم مسعود بارزاني الذي قال قبل ذلك إنه سيطرح موضوع استقلال كردستان على المسؤول الاميركي.
وقال بارزاني خلال لقائه كيري إن هناك واقعا جديدا وعراقا جديدا وأكد في الوقت نفسه على سعي حكومة الاقليم لايجاد حل للازمة.
خلال اللقاء الذي دام نحو ساعة مع بارزاني اشاد كيري من جهته بقوات البيشمرغة قائلا ان دورها كان حاسما في المساعدة على وقف تقدم داعش ثم حث الاكراد على عدم الانسحاب من الحكومة وعلى المشاركة بشكل فاعل في تشكيلها واكد بان الوقت الحالي خطير جدا بالنسبة للعراق وقال: "التحدي المتمثل بتشكيل الحكومة هو اهم تحد نواجهه حاليا. وفي الايام الاخيرة كان التعاون الامني للقوات المتمركزة هنا في المنطقة الكردية حاسما في المساعدة على رسم خط لايقاف تقدم داعش وتقديم بعض الدعم ايضا لقوات الامن العراقية".
هذا وكان بارزاني قد قال لفضائية سي اين اين الاميركية عشية وصول كيري الى اربيل إنه يعتقد ان رئيس الوزراء نوري المالكي هو المسؤول عما يحدث في العراق ثم دعاه الى التنحي عن منصبه.
ضربات محتملة على طرفي الحدود بين العراق وسوريا
كانت الولايات المتحدة قد وعدت بإرسال 300 مستشار عسكري لمساعدة القوات الحكومية في حربها ضد داعش غير ان واشنطن تقول إن هؤلاء لن يشاركوا في اي عملية عسكرية ضد المسلحين.
وبدأ هؤلاء المستشارون يتسلمون مهامهم بعد ساعات من توقيع بغداد وواشنطن اتفاقا يضمن الحصانة لهم فيما قال كيري إن الولايات المتحدة ستدافع عن مصالح امنها القومي حتى لو لم يتمكن العراقيون من حل مشاكلهم.
ومع التهيؤ لهجمات جوية اميركية محتملة ضد مسلحي داعش، تركت الادارة الاميركية الباب مفتوحا امام توجيه ضربات للمسلحين على جانبي الحدود اي داخل العراق وسوريا، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة واشنطن بوست.
في هذا الصدد، رفض مسؤولون في واشنطن استبعاد توجيه ضربات لداعش في سوريا وفي العراق وقالوا إن هدف الادارة الاميركية هو الحفاظ على نوع من المرونة في انتظار نتائج عمل المستشارين وتقييمهم للاوضاع في البلاد.
وقال مسؤول اميركي، حسب الصحيفة، إن احتمال توجيه ضربات على جانبي الحدود ما يزال مجرد فرضية لعدم وجود اساس قانوني له مشيرا الى ان طلب العراق المساعدة سيكون الاطار القانوني لاي تحرك اميركي.
ووفقا للضوابط الاميركية فإن اي نشاط عسكري اميركي يعتمد، في حال عدم وجود طلب رسمي للمساعدة، على تقييم المخاطر التي يشكلها وضع ما على المصالح الاميركية.
المستشارون يتسلمون مهامهم
ذكرت انباء ان عدد المستشارين الذين تسلموا مهامهم يبلغ حوالى عشرين مستشارا من المتواجدين في السفارة الاميركية اساسا ويعملون في فريق الدفاع عنها وتم تكليفهم بهذه المهمة الجديدة مع شمولهم باتفاق الحصانة الجديد.
اما بقية المستشارين فسيصلون الى العراق في الايام القليلة المقبلة علما ان هؤلاء سيقومون بتقييم الاوضاع داخل العراق ويشمل ذلك وضع تقدم المسلحين ووضع الجيش العراقي اضافة الى تقديم المشورة الى المسؤولين العراقيين.
مراقبون: الدعم الاميركي دبلوماسي وخجول
هذا ورأى مراقبون تحدثت اليهم اذاعة العراق الحر أن زيارة كيري وتصريحاته ركزت على الجانب السياسي اكثر من تركيزها على الجانب الامني.
حميد فاضل استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد رأى ان زيارة وزير الخارجية الاميركي بددت الشكوك بشأن الموقف الاميركي غير انه لاحظ ان واشنطن تكتفي بالدعم الدبلوماسي للعراق وتبدو مترددة جدا في التدخل عسكريا.
اما الخبير الامني امير الساعدي فرأى ان زيارة كيري دبلوماسية لكنها تهدف ايضا الى تشجيع قادة العراق على تشكيل حكومة وحدة وطنية اضافة الى انها جاءت نتيجة ادراك واشنطن ان خطر مسلحي داعش لا يقتصر على العراق فحسب بل يترصد المنطقة كلها ايضا، حسب رأيه ثم حذر الحكومتين العراقية والاميركية من تطور الاوضاع بشكل خطير ومن توسع خطر المسلحين بطريقة قد يكون كل من البلدين عاجزا عن مواجهته في المستقبل.
المحلل السياسي علي الجبوري رأى ان زيارة وزير الخارجية كيري تأتي في اطار تشجيع قادة العراق على حل مشاكلهم السياسية ولا تأتي لغرض دعم جهة سياسية معينة حسب قوله، غير انه انتقد الولايات المتحدة لموقفها الخجول من العراق وعدم مساندته عسكريا امام جماعات مسلحة قال الجبوري إن اطرافا اقليمية حليفة لواشنطن تدعمها بشكل واضح مشيرا الى ان بعض الانباء تحدثت عن دعم اميركي ايضا لهذه الاطراف، انطلاقا من نظرية المؤامرة حسب قول الجبوري.
وما يؤكد وجود خطر على دول المنطقة هو ان الاردن وضع قواته في حالة تأهب على المنطقة الحدودية مع العراق وتمتد على مسافة 180 كيلومترا كما ذكرت صحف اردنية إن طائرات حربية اردنية نفذت منذ صباح الثلاثاء طلعات جوية على الحدود .
وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما قد حذر في مقابلة اجرتها معه قناة سي بي ايس الاميركية يوم الاحد من احتمال ان يمتد خطر مسلحي داعش ليزعزع الاستقرار في دول حليفة في المنطقة ومنها الاردن.
اكثر من 1000 قتيل منذ 5 حزيران
هذا وقد اعلنت الامم المتحدة الثلاثاء ان اكثر من الف شخص قتلوا في العراق بين الخامس من حزيران والثاني والعشرين منه مع سيطرة مسلحي داعش على اجزاء واسعة من البلاد.
الناطق باسم مكتب الامم المتحدة لحقوق الانسان روبرت كولفيل قال في جنيف إن 1075 شخصا قتلوا على الاقل وأصيب 658 مشيرا الى ان هذه الارقام تمثل بشكل عام الحد الادنى المسجل.
بمشاركة مراسل الاذاعة في بغداد احمد الزبيدي.