تصادفُ هذا اليوم الذكرى العاشرة لإعادة تشكيل الجيش العراقي بعد حلّه من قَبل الحاكم المدني لسلطة الائتلاف المؤقت بول بريمرفي أيار 2003، فقد اعلن رئيس الوزراء العراقي المؤقت آنذاك اياد علاوي في العشرين من حزيران 2004 عن إعادة هيكلة قوات الأمن في البلاد، لتضم كل القوات العراقية المسلحة تحت قيادة مركزية.
وفي الوقت الذي يدور الجدل فيه حول كفاءة المؤسسة العسكرية العراقية وقدرات الجيش إثر سيطرة مقاتلي مايعرف بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على بعض المدن واهمها الموصل وتكريت والفلوجة، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عن إرسال مستشارين عسكريين لمساعدة الجيش العراقي، في التصدي لهجمات مسلحي (داعش) مؤكدا أن الجيش الأمريكي لن يعود للقيام بأي عمليات قتالية في هذا البلد.
وقد أشار أوباما، في مؤتمر صحفي عقده في واشنطن الخميس، إلى أن استراتيجية تحركات إدارته بشأن العراق، تتضمن توجيه ضربات لأهداف محددة، والقيام بعمليات عسكرية محدودة، عندما يتطلب الوضع على الأرض ذلك.
قرارات عسكرية، كم تخدم هيكلة الجيش؟
قرر رئيس الوزراء، القائدُ العام للقوات المسلحة نوري المالكي الخميس، منح َرواتب شهرية ومخصصات لكل متطوع من الحشد الشعبي الذي دعت إليه المرجعية الدينية لمقاتلة التنظيمات المسلحة، فضلا عن المقاتلين من القوات الأمنية في المناطق الساخنة.
كما أمرَ القائدُ العام للقوات المسلحة نقل الضباط من رتبة عميد فما دون من امرة المديرية العامة للمحاربين والدوائر والقيادات كافة الى الوحدات وحسب صنوفهم واختصاصاتهم، في خطوة يجدها ذوو الشأن تصب في تطوير القدرات القيادية في المؤسسة العسكرية خصوصا بعد إحالة 59 من الضباط وبرتب مختلفة الى التحقيق على خلفية سيطرة داعش على مدينتي الموصل وتكريت.
ويرى الخبير العسكري سعيد الجياشي في تلك الإجراءات إعادة لهيكلة المؤسسة العسكرية وضخ دماء جديدة وبمعنويات عالية ستنعكس إيجابا على معنويات الجيش، بما يؤهله لخوض مواجهات عسكرية بنجاح اكبر، الجياشي نبه في حديث لإذاعة العراق الحر الى أن هذه القرارات لا تعني بناء جيش جديد بل تعزيز وتقوية للجيش الحالي.
في غضون ذلك شدد ممثل المرجعية الشيعية احمد الصافي خلال خطبة صلاة الجمعة في كربلاء على أن "دعوة المرجعية كانت للانخراط في القوات الأمنية الرسمية وليس الى تشكيل مليشيات"، مشددا على أن موقف المرجعية المبدئي من حصر السلاح بيد الدولة، واضحٌ منذ سقوط النظام.
الدعوة الى التطوع بين الضرورة والنتائج
تنوعت ردود الأفعال إزاء الدعوة الى التطوع في الجيش مؤخرا وإعلان حالة التأهب القصوى، فالبعض يجدها اعترافا ضمنيا بفشل الجيش في التصدي لمسلحي تنظيم (داعش) المتشدد و الفصائل والقوى الداعمة لهم، بينما يعتبرها البعضُ الآخر خطوة صائبة تعزز قدرات المقاتلين وترفع معنوياتهم في مواجهة الحملة الإعلامية الشرسة التي تشنها الجهات المعارضة.
يرى الخبير الأمني احمد الشريفي أن القرار السياسي الذي يتحكم بالقرار العسكري كان مرتجلاً في التعامل مع أحداث نينوى وصلاح الدين، وأن التوجه للحشد البشري لا يحسم المعارك في الحروب الحديثة، لافتاً ان دعوة المرجعية لدعم الجيش العراقي كانت ذات بعد معنوي أكثر منه تعبويّ.
وتحفظ مراقبون على مسارعة المالكي الى فتح باب التطوع الى الجيش، واعتباره المتطوعين "عماد الجيش العراقي القادم لأنهم دخلوا في ميدان المواجهة بإرادة وعقيدة"، بحسب تعبيره، في وقت لم يتيسر لهم الحصول على الخبرة وتدريب القتالي الحديث كما اشار لذلك الباحث الدكتور عصام الخفاجي.
وقال المالكي في كلمته الأسبوعية الاربعاء "إن الشعب العراقي رد على الانتكاسة التي حصلت بالبلاد، بالتظاهرات الهائلة والإقبال الكبير الواسع للتطوع مع الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية"، مشددا على انه ليس من الإنصاف ان يقال عن المتطوعين انهم من الشيعة فقط، بل ان "جميع أبناء العراق تطوعوا لمواجهة الخطر" بحسب تعبيره
المحلل احمد الميالي نبه في حديث مع إذاعة العراق الحر الى أن زجّ اعداد من المتطوعين في الجيش (بغض النظر عن شيعيتهم أو سنيتهم) بالأسلوب الذي فرضته أحداث نينوى وصلاح الدين، ربما لن يجد رضا وقبولا من أطراف سياسية في المستقبل خصوصا وان العراقيين على اعتاب تشكيل حكومة جديدة وما يليها من قيادة جديدة للجيش
ونبه خبراء امنيون الى ضرورة تطبيق قطعات الجيش العراقي خططاً أكثر ملائمة مع التنظيمات المسلحة والإرهابية، لتجاوز الخلل في التعامل مع أسلوب المباغتة التي نفذه مسلحو (داعش) عندما هاجموا الموصل ليلا، فأوضح الخبير الأمني احمد الشريفي في اتصال مع إذاعة العراق الحر أن عناصر داعش يعتمدون أساليب معارك "الجيش الجوال"، ما يستوجب معالجة ًمقابلة من قبل الجيش العراقي تعتمد مثلا على استخدام طيران الجيش ونقل القطعات المجوقلة للمباغتة، والتفوق والقضاء على المسلحين.
نظرة الى مستقبل الجيش بعد عشر سنوات على تأسيسه
برغم مرور عشر سنوات على إعادة بناء الجيش العراقي ليكون جيشا وطنيا متطورا، وبرغم الاموال الكبيرة التي وظفتها الولايات المتحدة لتجهيز وحداته بالمعدات العسكرية وتدريب منتسبيه وضباطه، فضلا عن النسبة الكبيرة من الميزانية العراقية التي استهلكتها المؤسسة العسكرية خلال تلك السنوات، يتجدد الحديث عن قدرات الجيش القتالية الفعلية على ارض الواقع، ونجاحه في استقطاب دعم المواطن العراقي بمختلف الانتماءات ومن جميع المحافظات.
وردا على سؤال لإذاعة العراق الحرعن إصرار البعض على اتهام المؤسسة العسكرية بالطائفية برغم تنوع هويات وانتماءات عناصرها، ينبه الباحث عصام الخفاجي الى ان المسالة ليست في هوية منتسبي الجيش وضباطه، لكنها تكمن في القرار السياسي الذي يتحكم بالقرارات العسكرية ورسم الستراتيجيات العامة للبلد، التي لم تنجو من التأثيرات الطائفية، فلا مهرب، برأي الخفاجي، من الاعتراف بان المشكلة في العراق في جوهرها تنطوي على جدل طائفي، ربما زاد من تأثيرها إصرار رئيس الوزراء نوري المالكي على الهيمنة على المناصب المهمة في المؤسسة العسكرية والأمنية.
ويخلص الباحث عصام الخفاجي في مقابلة مع إذاعة العراق الحر الى ان الواقع في العراق يؤشر فشل الإسلام السياسي، السني والشيعي على حد سواء، في تقديم نموذج دولة عصرية وبناء نظام يعتمد المواطنة ويبتعد عن تفضيل طائفة عن أخرى، وعقيدة على أخرى.
ويخشى الخفاجي من أن هذا الفشل دفع ببعض أبناء المحافظات السنية الى ألا يشعروا بان الجيش العراقي يدافع عنهم، بل ربما بعض الضابط والجنود من تلك المحافظات قد شعروا بان المعركة بين الجيش و"داعش"، ليست معركتهم، برغم انهم يدركون وحشية وإرهابية هذا التنظيم، واكتووا بناره التي فاقت إرهابية "القاعدة".
شارك في الملف مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد رامي احمد
وفي الوقت الذي يدور الجدل فيه حول كفاءة المؤسسة العسكرية العراقية وقدرات الجيش إثر سيطرة مقاتلي مايعرف بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على بعض المدن واهمها الموصل وتكريت والفلوجة، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عن إرسال مستشارين عسكريين لمساعدة الجيش العراقي، في التصدي لهجمات مسلحي (داعش) مؤكدا أن الجيش الأمريكي لن يعود للقيام بأي عمليات قتالية في هذا البلد.
وقد أشار أوباما، في مؤتمر صحفي عقده في واشنطن الخميس، إلى أن استراتيجية تحركات إدارته بشأن العراق، تتضمن توجيه ضربات لأهداف محددة، والقيام بعمليات عسكرية محدودة، عندما يتطلب الوضع على الأرض ذلك.
قرارات عسكرية، كم تخدم هيكلة الجيش؟
قرر رئيس الوزراء، القائدُ العام للقوات المسلحة نوري المالكي الخميس، منح َرواتب شهرية ومخصصات لكل متطوع من الحشد الشعبي الذي دعت إليه المرجعية الدينية لمقاتلة التنظيمات المسلحة، فضلا عن المقاتلين من القوات الأمنية في المناطق الساخنة.
كما أمرَ القائدُ العام للقوات المسلحة نقل الضباط من رتبة عميد فما دون من امرة المديرية العامة للمحاربين والدوائر والقيادات كافة الى الوحدات وحسب صنوفهم واختصاصاتهم، في خطوة يجدها ذوو الشأن تصب في تطوير القدرات القيادية في المؤسسة العسكرية خصوصا بعد إحالة 59 من الضباط وبرتب مختلفة الى التحقيق على خلفية سيطرة داعش على مدينتي الموصل وتكريت.
ويرى الخبير العسكري سعيد الجياشي في تلك الإجراءات إعادة لهيكلة المؤسسة العسكرية وضخ دماء جديدة وبمعنويات عالية ستنعكس إيجابا على معنويات الجيش، بما يؤهله لخوض مواجهات عسكرية بنجاح اكبر، الجياشي نبه في حديث لإذاعة العراق الحر الى أن هذه القرارات لا تعني بناء جيش جديد بل تعزيز وتقوية للجيش الحالي.
في غضون ذلك شدد ممثل المرجعية الشيعية احمد الصافي خلال خطبة صلاة الجمعة في كربلاء على أن "دعوة المرجعية كانت للانخراط في القوات الأمنية الرسمية وليس الى تشكيل مليشيات"، مشددا على أن موقف المرجعية المبدئي من حصر السلاح بيد الدولة، واضحٌ منذ سقوط النظام.
الدعوة الى التطوع بين الضرورة والنتائج
تنوعت ردود الأفعال إزاء الدعوة الى التطوع في الجيش مؤخرا وإعلان حالة التأهب القصوى، فالبعض يجدها اعترافا ضمنيا بفشل الجيش في التصدي لمسلحي تنظيم (داعش) المتشدد و الفصائل والقوى الداعمة لهم، بينما يعتبرها البعضُ الآخر خطوة صائبة تعزز قدرات المقاتلين وترفع معنوياتهم في مواجهة الحملة الإعلامية الشرسة التي تشنها الجهات المعارضة.
يرى الخبير الأمني احمد الشريفي أن القرار السياسي الذي يتحكم بالقرار العسكري كان مرتجلاً في التعامل مع أحداث نينوى وصلاح الدين، وأن التوجه للحشد البشري لا يحسم المعارك في الحروب الحديثة، لافتاً ان دعوة المرجعية لدعم الجيش العراقي كانت ذات بعد معنوي أكثر منه تعبويّ.
وتحفظ مراقبون على مسارعة المالكي الى فتح باب التطوع الى الجيش، واعتباره المتطوعين "عماد الجيش العراقي القادم لأنهم دخلوا في ميدان المواجهة بإرادة وعقيدة"، بحسب تعبيره، في وقت لم يتيسر لهم الحصول على الخبرة وتدريب القتالي الحديث كما اشار لذلك الباحث الدكتور عصام الخفاجي.
وقال المالكي في كلمته الأسبوعية الاربعاء "إن الشعب العراقي رد على الانتكاسة التي حصلت بالبلاد، بالتظاهرات الهائلة والإقبال الكبير الواسع للتطوع مع الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية"، مشددا على انه ليس من الإنصاف ان يقال عن المتطوعين انهم من الشيعة فقط، بل ان "جميع أبناء العراق تطوعوا لمواجهة الخطر" بحسب تعبيره
المحلل احمد الميالي نبه في حديث مع إذاعة العراق الحر الى أن زجّ اعداد من المتطوعين في الجيش (بغض النظر عن شيعيتهم أو سنيتهم) بالأسلوب الذي فرضته أحداث نينوى وصلاح الدين، ربما لن يجد رضا وقبولا من أطراف سياسية في المستقبل خصوصا وان العراقيين على اعتاب تشكيل حكومة جديدة وما يليها من قيادة جديدة للجيش
ونبه خبراء امنيون الى ضرورة تطبيق قطعات الجيش العراقي خططاً أكثر ملائمة مع التنظيمات المسلحة والإرهابية، لتجاوز الخلل في التعامل مع أسلوب المباغتة التي نفذه مسلحو (داعش) عندما هاجموا الموصل ليلا، فأوضح الخبير الأمني احمد الشريفي في اتصال مع إذاعة العراق الحر أن عناصر داعش يعتمدون أساليب معارك "الجيش الجوال"، ما يستوجب معالجة ًمقابلة من قبل الجيش العراقي تعتمد مثلا على استخدام طيران الجيش ونقل القطعات المجوقلة للمباغتة، والتفوق والقضاء على المسلحين.
نظرة الى مستقبل الجيش بعد عشر سنوات على تأسيسه
برغم مرور عشر سنوات على إعادة بناء الجيش العراقي ليكون جيشا وطنيا متطورا، وبرغم الاموال الكبيرة التي وظفتها الولايات المتحدة لتجهيز وحداته بالمعدات العسكرية وتدريب منتسبيه وضباطه، فضلا عن النسبة الكبيرة من الميزانية العراقية التي استهلكتها المؤسسة العسكرية خلال تلك السنوات، يتجدد الحديث عن قدرات الجيش القتالية الفعلية على ارض الواقع، ونجاحه في استقطاب دعم المواطن العراقي بمختلف الانتماءات ومن جميع المحافظات.
وردا على سؤال لإذاعة العراق الحرعن إصرار البعض على اتهام المؤسسة العسكرية بالطائفية برغم تنوع هويات وانتماءات عناصرها، ينبه الباحث عصام الخفاجي الى ان المسالة ليست في هوية منتسبي الجيش وضباطه، لكنها تكمن في القرار السياسي الذي يتحكم بالقرارات العسكرية ورسم الستراتيجيات العامة للبلد، التي لم تنجو من التأثيرات الطائفية، فلا مهرب، برأي الخفاجي، من الاعتراف بان المشكلة في العراق في جوهرها تنطوي على جدل طائفي، ربما زاد من تأثيرها إصرار رئيس الوزراء نوري المالكي على الهيمنة على المناصب المهمة في المؤسسة العسكرية والأمنية.
ويخلص الباحث عصام الخفاجي في مقابلة مع إذاعة العراق الحر الى ان الواقع في العراق يؤشر فشل الإسلام السياسي، السني والشيعي على حد سواء، في تقديم نموذج دولة عصرية وبناء نظام يعتمد المواطنة ويبتعد عن تفضيل طائفة عن أخرى، وعقيدة على أخرى.
ويخشى الخفاجي من أن هذا الفشل دفع ببعض أبناء المحافظات السنية الى ألا يشعروا بان الجيش العراقي يدافع عنهم، بل ربما بعض الضابط والجنود من تلك المحافظات قد شعروا بان المعركة بين الجيش و"داعش"، ليست معركتهم، برغم انهم يدركون وحشية وإرهابية هذا التنظيم، واكتووا بناره التي فاقت إرهابية "القاعدة".
شارك في الملف مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد رامي احمد